مهيب صالحة.. بوريس جونسون "نسخة من ترامب" وشخصية مثيرة للجدل

الاربعاء 31 يوليو 2019 | 04:46 مساءً
كتب : مدحت بدران

بوريس جونسون خريج كلية إعلام اكسفورد أتى من عالم الصحافة البريطانية الحرة إلى عالم السياسة البريطانية الموجهة ويحمل الجنسية الأمريكية ومبهور بالرئيس دونالد ترامب وتغريداته السياسية، ويعود إلى أصول تركية مسلمة وينتمي للتيار الغربي الذي يتبنى الإسلاموفوبيا قال عليه المحللين السياسيون انه ذو نزعة عنصرية للعرق الأبيض ومهندس خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

هذه الشخصية المتناقضة والمثيرة للجدل تكاد تكون النصف الثاني لشخصية ترامب في الشكل وتحمل في المضمون ما يحمل نصفها الأول، لكنها شعبوية ومقنعة لشرائح واسعة في المجتمع البريطاني تنظر إلى الهجرة والمهاجرين بالريبة والحذر، وتميل إلى تقديس الشخصية الوطنية البريطانية، التي منذ زمن ليس بالبعيد كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، ونحن نعلم جيداً أن بريطانيا تدعم نشوء الإسلام السياسي ليأتى هنا السؤال الاهم؟، ما هو مستقبل جماعات الإسلام السياسي في بريطانيا بعد قدوم جونسون، وكيف سيتعامل مع هذه التيارات.. وهل يهجرون بريطانيا إلى أرض جديدة.. وهل تلجأ الجماعة إلى أساليب جديدة.. وهل يسلك نفس منهج أمريكا في التعامل مع الإخوان وجماعات الإسلام السياسي ؟.

وعلى ضوء ذلك قال الدكتور مهيب صالحة، الكاتب والاكاديمي السوري، وأستاذ الاقتصاد في كلية إدارة الأعمال aiu، أن بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني السابق الذي خلف السيدة تيريزا ماي في رئاسة وزراء بريطانيا، كان قد تعرّضَ لانتقادات شديدة إثر ادِّعائه بأن الإسلام قد عاد بالعالم الإسلامي ـ حسب الغارديان البريطانية ـ قرونا من الزمن إلى الوراء، وأن ثمة شيئاً في الإسلام يعوقُ عمليات التنمية، ونتيجة لذلك أضحت "المظلومية الإسلامية"، عاملاً مهماً يؤجج الصراعات في البلاد الإسلامية، ويمنع قيام برجوازية وطنية وديمقراطية ليبرالية فيها، كما شبّه، في الوقت ذاته النساء المسلمات المحجبات بـ"صناديق البريد" و"لصوص المصارف"، الأمر الذي أثار موجة استنكار في أوساط المسلمين البريطانيين لأن تحليلاته تدعو إلى كراهية بغيضة تجاه الإسلام والمسلمين البريطانيين .

ومما لا شك فيه أن جونسون سيحاول لعب دور رجل بريطانيا القوي، من خلال تأكيد العمل على خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي لإضعافه، ومن خلال إبداء العداء للمهاجرين من العالم المتخلف وبخاصة من البلدان الإسلامية، وسيعمل على تشديد قوانين الهجرة البريطانية، وستكون له مواقف مشابهة لمواقف ترامب من قضايا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .

وأضاف "صالحة" أنه لم يأتِ موقف هذه الشرائح من المسلمين المهاجرين إلى بريطانيا من فراغ، إنما هو نزعة عامة في المجتمعات الأوروبية، تتزايد ويتسع نطاق تأثيرها، مع كل جرعة إضافية في تطوير الديمقراطية الليبرالية ، ودولة المؤسسات التي تتيح فرص الحياة لكل الخيارات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، طالما لا تتعدى الديمقراطية ومؤسساتها، ولا تهدم أسس النظام العام، ولا تؤدي إلى العنف وتهتك النسيج المجتمعي بجميع مكوناته وتلاوينه، وإذا كانت ديمقراطيات ما بعد الحرب العالمية الثانية تحارب بشدة النزعات الشوفينية من نازية وفاشية وقومية وعنصرية فإن الديمقراطيات الحديثة صارت تتعامل معها كإحدى الخيارات التي تولد من رحم المجتمات الغربية الحديثة، ومن جهة ثانية فإن رفض المهاجرين وخاصة المسلمين الاندماج في المجتمعات الأوروبية، وحملهم كل موروثاتهم الثقافية والاجتماعية إلى الغرب، وظهور الإسلام السياسي المتطرف في أوساط الكونتونات الإسلامية، والذي لا يخفي عداوته للغرب وثقافته ومؤسساته، قد ساعد ذلك على نمو النزعات المعادية للمهاجرين وللإسلام، والرافضة للهجرة وقوانينها في بريطانيا وعموم أوروبا .

وأشار الاكاديمى، إلى إن بريطانيا التي شجعت ودعمت نشوء الإسلام السياسي بدءاً من حركة الإخوان المسلمين وانتهاء بالقاعدة والتنظيمات الجهادية الأخرى ، وجعلت من أراضيها ملاذاً للجهاديين وللقيادات الإسلاموية، سوف تتابع سياستها مع السيد جونسون تجاه هذا التيار، لأنه يقدم لها وللغرب الليبرالي عموماً خدمات جليلة في إفشال أي مشروع نهضوي وديمقراطي في الدول الإسلامية، ولكن في المقابل أعتقد بأنها ستمارس ضغوطاً على رعاياها المهاجرين وبخاصة المسلمين، وتطويق الإسلام السياسي فيها، والتضييق على فرص قبول مهاجرين مسلمين هاربين من الفقر والحروب في بلادهم، وفي الوقت ذاته ستمارس سياسة العصا والجزرة مع الدول الطاردة للمهاجرين كسورية والعراق وأفغانستان وليبيا بربط مساهمتها في إعادة الإعمار بوقف تدفق اللاجئين وإعادتهم إلى بلدانهم .

وأكد"صالحة" إن حركة الإخوان المسلمين انكشفت للسياسة البريطانية كما انكشفت للسياسة الأمريكية، فهي أدت دورها في حرف ثورات الربيع العربي عن منهجها الوطني الديمقراطي، وساهمت في تدمير المنطقة وتأخيرها، ولن تساعد بريطانيا كما أمريكا الحركة لتلعب أي دور في المستقبل القريب وبخاصة أن مركز الحركة الآن ـ تركيا الأردوغانية ـ تبتعد عن الحضن الأوروأمريكي وتقترب من الحضن الروسي، وسياسة "رجل في الفلاحة ورجل في البور" انفضحت ولم تعد لها فاعلية، ومن غير المستبعد أقول نجم العدالة والتنمية من سماء تركيا وأقول معها، كل جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها، الإخوان المسلمين، وجونسون كما ترامب يدرك هذه المعادلة، ولن يبخلا بجهد حتى تتحقق، أو يعاد احتضان الإردوغانية وربيباتها الإخوانجية في العالم الإسلامي بشروط وأدوار جديدة .

اقرأ أيضا