منح قانون تنظيم ممارسة العمل بمعامل التحاليل الطبية، خريجي كليات الزراعة والصيادلة والعلوم، الحق في ممارسة مهنة التحاليل الطبية، ولكن هذا القانون لم يكن على هوى نقابة الأطباء، التي ترى أن ممارسة المهنة من حق خريجي كليات الطب فقط باعتبارهم ، الأكثر علمًا بحقيقة الجسم البشري، ومكوناته، وبالتالي فأن ممارسة المهنة داخل معامل التحاليل الطبية، لأبد أن تكون تحت إشراف الطبيب.
تعديلات قانون 367 لسنة 1954
بدءت الأزمة عندما أعلنت وزارة الصحة ، عن إجراء تعديلات على القانون رقم 367 لسنة 1954، والمعروف بمشروع قانون تنظيم ممارسة العمل بمعامل التحاليل الطبيةـ تمهيدًا لإرسال القانون إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره .
إنحياز للأطباء البشريين
بعد إعلان الصحة إجراء تعديلاتها على القانون، اشتعلت الأزمة مؤخرا داخل النقابات المهنية الطبية، فخلال اجتماع لاتحاد النقابات المهنية الطبية، التي تشمل نقابة أطباء الأسنان والصيادلة والأطباء البيطريين، والعلميين، وصفت هذه النقابات تعديلات القانون، بأنها تنحاز إلى الأطباء البشريين على عكس أعضاء النقابات المهنة الطبية الأخرى
ففي بيان مشترك قال المجتمعون، إن مهنة التحاليل الطبية هي مهنة مستقلة بذاتها غير تابعة لكلية معينة أو قسم ما ويتطلب لمزاولتها استيفاء مجموعة من الاشتراطات الفنية والعلمية، متي تحصلتها أجيز لأصحابها مزاولة مهنة التحاليل الطبية.
احتكار للمهنة
وهذه الاشتراطات والمعايير حسب البيان، تم وضعها في قانون مزاولة مهنة التحاليل الطبية رقم 367 لسنة 1954، والذي وضع الضوابط الحاكمة لهذه المهنة والتي تتحقق مع التشريعات والقوانين الدولية الأمريكية والأوروبية.
وتابع البيان: ما يُثار الآن من مشاريع قوانين مقترحة أو تعديلات أو من خلال لجان دون مشاركة النقابات المعنية، هو افتئات ومحاولة لإحتكار هذه المهن لصالح فئة وهو ما يُعد تحول غير مسبوق في المنظومة الصحية مما يُنذر بكارثة خطيرة سيدفع ثمنها المواطن المصري.
وأعلنت النقابات أنها ستخاطب الجهات المُختصة حال استمرار انحياز وزارة الصحة في تعديل القوانين لفئة الأطباء دون الآخرين، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة حال استمرار التعدي على حقوق أعضاءها.
الأطباء ترد
تلك التصريحات التي استنكرها الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة الأطباء، بقوله إن الكيميائي والبيطري وخريج العلوم والزراعة، لهم تخصصهم وعملهم الخاص بهم ولايحق لهم ممارسة مهنة أخصائي التحاليل الطبية، مشيرا إلى أن كل القوانين، تؤكد أن أي إجراء بالجسم البشري، لا يجب أن يقوم به إلا الطبيب البشري.
وأضاف عضو النقابة، في تصريح خاص، أن كل أخصائي التحاليل الطبية، يجب أن يعمل في تخصصه تحت إشراف الطبيب البشري، فمعمل التحاليل الطبية يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب البشري، فلا يصح أن تؤخذ عينة من جسم بشري، إلا عن طريق طبيب بشري.
ولفت " رشوان"، إلى أن قانون 1954 الخاص بتنظيم ممارسة مهنة التحاليل الطبية، منح خريجي بعض الكليات الأخرى الحق في ممارسة المهنة، دون إشراف طبيب بشري ولكن القانون الجديد يلافي هذا العوار.
وأكد "رشوان"، أن ممارسة التحاليل الطبية لغير الأطباء، كان لها العديد من التاثيرات السلبية، أبرزها اختلاف النتائج من معمل لأخر، مشيرا إلى أنه لا مانع من عمل الكيميائي و البيطري، لكن تحت إشراف طبيب وتحت وجود طبي في المكان.
الصحة تؤكد حق الأطباء
هذا الرأي أيدته الدكتورة نانسي محمد الجندي، رئيس المعامل المركزية بوزارة الصحة، ممارسة غير الأطباء، من خريجي كليات الزراعة والصيدلة والطب البيطري والعلوم، مهنة ممارس تحاليل طبية، مشيرا إلى أن غير الأطباء ليسوا على علم بطبيعة جسم الإنسان، فكيف له أن يعمل في مركز للتحاليل الطبية.
وأضافت رئيس المعامل المركزية، في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، أن الأطباء البشريين وخريجي كليات الطب، هم فقط من لهم الحق في أخذ العينات، وتحليلها، وليس خريجي الصيادلة والبيطرين وأطباء الأسنان، فلهم أعمالهم الخاص بهم، ومن الممكن أن يمارسوا المهنة شرط الحصول على دبولمات متخصصة.
وأيدت رئيس المعامل المركزية، التعديلات المقترحة على قانون مزاولة مهنة ممارس التحاليل الطبية، وأنه لاحق لغير الأطباء في الاعتراض عليهان باعتبارها سوف تنظم ممارسة المهنة من قبل المتخصصين.
عدد الأطباء البشريين غير كافي للممارسة المهنة
وعلى الجانب الأخرى يرى الدكتور محمد السيد راشد، رئيس بعثة العلوم الطبية بنقابة العلميين ، أن القانون الخاص بممارسة مزاولة مهنة التحاليل الطبية سنة1954 أعطى الحق، لخريجي العلوم والزراعة والصيادلة، بتصريح العمل في عدد من مجالات التحاليل الطبية، كما سمح للأطباء البيطرين بالعمل في مجال الأنثر بيولوجي.
وأضاف "راشد" في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن نحو 8 الأف طبيب بيطري ، و20 ألف من العلميين والصيادلة لديهم تصاريح مزاولة المهنة، مؤكدا أن الأطباء البشريين ليس لديهم العدد الكافي الذي يغطي احتياجات معامل التحاليل الطبية.
وأشار إلى أن الأطباء البشريين غير متفرغين للعمل، بمجال التحاليل الطبية ، وأن رغبتهم في تعديل قانون 1954 المنظم لممارسة مهنة التحاليل الطبية، مجرد "استئثار".
ولفت، إلى أنه لا يصح لوزارة الصحة أن تظهر دعمها لأحد أعضاء المهن الطبية، على أنها ممثلة المهن الطبية على حساب الأخرى، منوها إلى أن الأطباءهم جزء وليس كل المنظومة والإدعاء على أنهم راس المنظمة" افتراء" .
وتابع أن قطاع معامل التحاليل بنقابة العلميين لهم دور في معامل تحاليل المياه والأغذية والسموم وكلها لها علاقة بمنظومة الصحة العامة، منوها إلى أن الطبيب، الذي يمارس الطب، لايمارس التحاليل الطبية بل يمارسة المهنة على المريض.
الصحة جهة مراقبة وليست إصدار قوانين
ذكرت الدكتورة نبيلة البطراوي، مقرر لجنة التحاليل الطبية بالنقابة العامة للأطباء البيطريين، أن هناك اقتراحات مقدمة من عام 2017، بتعديل قانون ممارسة مزاولة مهنة التحاليل الطبية، مشيرا إلى أن هناك دعم من وزارة في تعديلات القانون الصادرة مؤخرا، بمنح امتيازات للأطباء البشريين، رغم أن 75% من القائمن على الأمر من العلميين.
واستنكرت عضو النقابة، في تصريح خاص، ما وصفته بتمييز الأطباء البشريين في تعديلات قانون التحاليل الطبية ، بقولها أن الأطباء يخضعوا لقانون مزاولة مهنة الطب و الإدعاء الدائم بأنهم على رأس المنظومة الصحية " كلام فارغ" واذا كان المسئولين لايعوا فليتحملوا ما يقوموا به.
أكدت "البطراوي" أن وزارة الصحة هي جهة مراقبة، وليس جهة إصدار قوانين، ففي المادة 77 كل نقابة لها قانون ينظم عملها ما يحدث تعدي غير مسبوق على النقابات، فإصدار تصاريح مزاولة المهنة من النقابات وليس من الوزارة الوزارة الصفة الرقابية .
وتابع: "نرفض التعديلات والقانون المقدم، ونرفض أن تدرس وتناقش أي جهة غير النقابات المهنية الأمر، "ولو الأطباء مش عاجبهم فليرحلوا من المنظومة".
القانون لم يصل البرلمان
وحول رأي البرلمان في القانون محل الجدل ، كشف الدكتور محمد العماري، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن قانون تنظيم مزاولة مهنة التحاليل الطبية، الذي أعلنت وزارة الصحة، عن إصداره مؤخرا وتقديمه لمجلس النواب لمناقشته، لم يصل حتى الأن لمجلس النواب، لمناقشته نظرا لأن البرلمان في فترة عدم إنعقاد.
وأضاف رئيس اللجنة، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن مزاولة مهنة ممارس للتحاليل الطبية، ينضم لها أكثر من فئة وليست مقصورة على الأطباء فقط، فالصيادلة والبيطريين وخريجي العلوم، من حقهم ممارسة المهنة، ولكن شرط الحصول على دبلومات فنية متخصصة.
وأوضح"العماري"، أن التعديلات المقترحة في القانون الجديد، هناك خلافات داخل النقابات الطبية حولها، فالبعض رغب في إجراء تعديلات ليست على هوى النقابات الطبية الأخرى، منوها إلى أنه عند مناقشة القانون، سيتم التواصل مع جميع الأطراف لعرض مختلف وجهات النظر والضمان لوصول إلى صيغة تخدم المنظومة الصحية، وتحقق عدالة لجميع أطراف الفريق الطبي.