نعى حزب التجمع، فوزي حبشى، أحد قيادات الحزب، الذي وافته المنية أمس السبت، والذي شيع جثمانه من كنيسة مارمرقس كليوباترا مصر الجديدة ظهر ، وسيقام العزاء يوم الثلاثاء ٣ سبتمبر بالقاعة الملحقة بنفس الكنيسة.
وأوضح الحزب، أن الفقيد، كان مناضل من الطراز الأول ،منح حياته دفاعا عن العدل والحرية،في ظل عقود قضاها مناضلا في صفوف الحركة اليسارية المصرية، كان يدور فيها بين السجون منذ العهد الملكي حتى عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حتى لقبه البعض بـ"معتقل كل العصور"..
وتابع الحزب" رحل "فوزي حبشي" عن عمر يناهز الـ 95 عاما بعد أكثر من نصف قرن من النضال ، تاركا سيرة خالدة أبد الدهر، حافلة بالنضال من أجل التحرر والديمقراطية والحرية.. أكثر من نصف قرن في النضال، مترحلا من معتقل إلى آخر، إلا أنه لم ير في ذلك شقاء، بل يؤكد في مؤلفاته أنه كان سعيدا بتلك الرحلة في حياته ،وأنه سعيد بعد ذلك العمر وتلك الرحلة، لأنه لم يغيّرشيئا من نقطة انطلاقه الأولى وهي البحث عن مجتمع عادل يوفر الكرامة والتعليم والصحة والثقافة لأبنائه من دون تمييز، ولأن القوة لم تفلح في إجباره على القبول بالظلم، كما أن العمر والأحداث لم ترغمه على أن يلعن بداياته أو أن يتخلى عن أحلامه لنفسه، ووطنه، لأن التخلي عن الأحلام انتحار وموت" .
وانضم"حبشي" في أواخر الستينيات إلي تنظيم شروق ثم شارك في إعادة تأسيس الحزب الشيوعي المصري ، وقد اعتقل في قضية الانتفاضة في 18، 19 يناير 1977 ثم في قضية الحزب الشيوعي المصري في 29 مارس 1981 وظل معتقلاً لمدة ستة أشهر، وكان قد اعتقل في عهد الملك فاروق وفي قضية الحزب الشيوعي المصري الموحد في أول يناير 1959، والتي استمر المعتقلون فيها لمدة خمس سنوات في سجن أبو زعبل ثم معتقل الواحات.
وبعد خسمين عاما قضاها فوزي حبشي مناضلا في صفوف الحركة الشيوعية، قرر أن يكتب وفي الثمانين من عمره مذكراته، لا من أجل إثبات وجهة نظره فيما مضى وانقضى، ولكن من أجل المستقبل، كما قال في مقدمة كتابه، فهو يأبى الاعتراف بنهاية التاريخ وانتصار الرأسمالية، وهو الذي دفع من حياته الكثير من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، والتحرر الوطني والديقراطية،وسرد "حبشي" في كتابه "معتقل كل العصور..حياتي في الوطن"، سيرة نضاله التي تجاوزت ستين عاما، تنقل فيها من سجن إلى آخر ساردا ما تعرض له من تعذيب من قبل كل الأنظمة السياسية التي حكمت مصر منذ عهد الملك فاروق، ومسببات سجنه وتداعياتها،واعتمد "حبشي" في كتابه على رسائل متبادلة مع زوجته المناضلة اليسارية ثريا شاكر، والتي تعرضت للسجن معه أكثر من مرة لنشاطها في منظمات الحزب الشيوعي بمصر، حيث كانا عند الاعتقال يتركان أطفالهما لدى الجيران.
وبعيدا عن النضال والمعتقلات، فقد كان لـ"حبشي" علامات أيضا على مستوى النشاط المهني، فقد ترك علامات معمارية باقية حتى الآن، مثل محطة السكك الحديد في بورسعيد وضريح أحمد ماهر في العباسية ومباني مهمة فهو ليس فقط معتقل كل العصور، ولكنه معماري متميز أيضا،كما أن "حبشي" أعد تصميما بديلا لمدرسة بحر البقر، بعد تدميرها عقب العدوان الإسرائيلي عليها في 8 أبريل 1970 ، وقد نُشر ذلك التصميم في مجلة حركة السلام العالمي، ولكنه لم ينفذ حتى اليوم.
رحل "حبشي" بعد أن دفع حريته ثمنا لأفكاره المستنيرة ، وظل يقدم التضحيات والنضالات بعزيمة ظلت معه حتى انتهاء مسيرته.