_يستمع إلى عبد الحليم.. و"تحيا مصر" عشقها من السيسي
_حكاية "مينا مسعود"..طبيب المخ نجم هوليود
" تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر"، جملة ذيّلها الممثل الكندي من أصل مصري، مينا مسعود، في مقطع الفيديو الدعائي للفيلم العالمي "علاء الدين" من إنتاج شركة ديزني، موجهًا رسالته إلى جموع المصريين لدخول الفيلم ودعمه، كونهم عشيرته التي يفتخر بانتمائه لها رغم الإغتراب.
لم يكن منصور مسعود، والد "مينا"، يعلم أن نجله سيضحى نجم يسطع في سماء هوليوود، وأن ملامحه المصرية وهيئته العربية ستؤهله لاختياره من ضمن 2000 شخص من 22 دولة، لأداء دور "علاء الدين" في الفيلم، "كنّا نقوم بتحضير مينا ليصبح طبيب، كإخوته ولكنّ شغفه ليكون ممثل وطموحه أهلّه لسلك درب الشهرة".
منذ 24 عام، قرر والد مينا، الذي كان يعمل مهندس في محطة للقمر الصناعي بمصر، الهجرة إلى كندا، أملاً في توفير حياة أفضل لعائلته التي تتكون من الزوجة "جورجيت"، وماريان 11عام ومارجريت 10 سنوات، ومينا 3 سنوات، "الأمور في مصر عام 1995، لم تكن مستقرة كما هي الآن، فهاجرنا من اجل مستقبل أفضل للأولاد، ورغم الصعوبات التي واجهناها في بداية استقرارنا في كندا، إلاّ أن بالعمل والصبر سيتحقق المستحيل"، بحسب منصور لـ"بلدنا اليوم".
كانا والدّي مينا، كأي أبوين مصريين يعمدان إلى ترسيخ حب العلم في نفوس أطفالهم، ليصبحوا أطباء أو صيادلة في المستقبل، كونهما إحدى المهن المرموقة اجتماعيًا، ولكن كان للطفل مينا ذا الـ10 سنوات، سيناريو آخر خطّه القدر وصاغته الموهبة منذ الصغر، "في الصف الخامس جاءني مينا، وطلب مني الإذن لأسمح باشتراكه في إحدى مسابقات التمثيل بالمدرسة، ورغم اعتراضي كوني غير آبه للمسألة برمتها، إلاّ أن والدته أقنعتني بالموافقة على طلبه، وبالفعل قام بالإشتراك وحصد الجائزة الأولى، لتبدأ أولى خطواته في طريق التمثيل".
رغبة الأب في التحاق نجله بكلية الطب، جعلته غير مهتم بالتعليقات الإيجابية من مدرسيه، واعترافهم بموهبته، حتى حينما دعته مدرسة الدراما في المرحلة الثانوية، وأخبرته ببراعة مينا في التمثيل، وحثّته على دعمه ومساعدته لدراسة المجال بشكل اكاديمي بعد الثانوية، لم يعِر "منصور" اهتمام لكلامها، حتى لا يخالف ما خططه لمستقبل مينا، وتتبدّد الصورة الحالمة بـ"البالطو الأبيض".
كان مينا، ولدًا مطيعًا ومجتهد فحمل على عاتقه تحقيق أمنيه والديه، والتحق بقسم جراحة المخ، الذي أهّله بعد عام في دخول جامعة "تورنتو" كأكبر جامعات كندا، لتفاجأ العائلة بقرار غيّر مصير "آخر العنقود"، ووضعهم في مأزق، "بعد حصول مينا على تقدير مرتفع في السنة الأولى، أعلن عن قرار تحويله لجامعة "رايرسون"، المتخصصة في المسرح، وهو ما قابلناه بالاعتراض، بحجّة تكلفتها المرتفعة، والمشاكل التي ستواجهه بعد التخرج من منافسة أشخاص رصيدهم الوحيد الموهبة ولا يملكون أي قدر من التعليم، علاوة على أننا أردنا له مستقبل واعد في وظيفة مستقرّة بدخل ثابت".
وبما أن احترام رغبة الآخرين مبدأ مأرّخ في عائلة "منصور"، رضخ الوالدين لرغبة مينا في دراسة فن المسرح والتمثيل، وتخرج منها بعزيمة البحث عن فرصة تفتح له أبواب المجد، "حصل مينا على بعض الأدوار الصغيرة، التي كان أجرها المادي ضعيف، ورغم عرضي عليه بمساعدته ماديًا، إلاّ أنه رفض وقرر الاعتماد على ذاته، فعمل في أحد المطاعم، حتى أخبرته إحدى زميلاته أن شركة ديزني في الولايات المتحدة تبحث عن ممثل ليقوم ببطولة "علاء الدين" في الفيلم العالمي "علاء الدين".
تحمّس "منصور"، لدعم نجله في فرصته التي رأى ضرورة استغلالها، "أرسل مينا، شريط به مشهد تمثيلي له للقائمين في "ديزني"، ورغم تكلفته التي قدرت بـ500 دولار، إلاّ أنني شجّعته، وعقب 4 أشهر أرسلت الشركة في طلبها لشريط آخر لمينا وهو يغني، فاستعنّا بمدرب خاص لتدريبه على الغناء، وارسلنا الشريط، ليأتينا الرد عقب شهر بأن مخرج الفيلم وافق على مينا، وطّلب منه السفر إلى لتجارب الأداء، وهو ما شكّل عبء كبير على مينا بعد معرفته باجراء الشركة 2000 مقابلة لاختيار ممثل للدور من 22 دولة".
قام والد مينا، بتخفيف الضغط عن نجله وحثّه على السفر دون خوف من نتيجة أدائه، "هدأت من روعه قليلاً وقولت له، اذهب لتجربة الأداء وحتى ان لم تُقبل فاعتبرها عطلة شاهدت فيها بلد جديدة"، وفي انجلترا تم اختيار مينا من ضمن 5 ممثلين جرى اختيارهم للدور، ليتم تصفيتهم وتحتدم المنافسة بين مينا وممثل آخر يتقن الغناء، حتى وقع الاختيار علي الممثل الكندي من أصل مصري.
"خبر لم يكن وقعه يسير على أسرتنا الصغيرة، فعند علمنا باختيار مينا، بكينا جميعًا خاصة أنه يعتبر بداية الطريق لمشوار مينا في تحقيق حلمه كممثل".
لفت منصور، إلى أنه رغم حالة الإغتراب التي يعيشها بعيدًا عن مصر، إلاّ أنه حرص على الحفاظ على هُويته المصرية وانتمائه للوطن داخل بيته، من خلال مشاهدة الأفلام المصرية، واطلاعه على ما يحدث في مصر، حتى المائدة غلب عليها الطابع الشعبي المصري، وهو ما كان له عظيم الأثر في تربية أبنائه ومحافظتهم على أصولهم ولغتهم الأُم، ما ظهر جليًا في مقطع الفيديو الدعائي لفيلم "علاء الدين"، حينما خاطب مينا مسعود، كافة المصريين ليحثهم على مشاهدة فيلمه.
وعن دلالة جملة "تحيا مصر" وتكرارها، التي اختتم بها مينا مقطعه، تابع والده: "صدرت منه بشكل عفوي، إسوة بالرئيس عبد الفتاح السيسي، فنحن كثيرًا ما نتابع خطاباته التي كان يوجه فيها التحية لمصر"، ونوّه منصور، إلى انبهار مينا بالآثار المصرية، وعشقه المتأصّل بمصر وشعبها وفنّها، "يُحب عادل إمام كثيرًا واحمد السقا، كما يستمع إلى الراحل عبد الحليم حافظ"، معلنًا عن نية نجله في زيارة مصر في سبتمبر، حيث سيحل مشاركًا في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثالثة.
وفيما يخص خطط مينا المستقبلية، أشار منصور، إلى أنه يقوم حاليًا بتصوير مسلسل يتم تصويره في نورث كالورينا بأمريكا، علاوة على سعيه لتحقيق حلمه في إنشاء شركة إنتاج يتيح فيها الفرصة لكل لم يحالفه الحظ في هوليوود من أصحاب البشرة المُلونة مثله، خاصة أن التمثيل في أمريكا يعتمد على أصحاب البشرة البيضاء والسوداء.
وأعرب منصور، عن سعادته، باتصال وزيرة الهجرة، السفيرة نبيلة مكرم، لتبغله عن فخرها بمينا وتمسكه باللغة العربية، مشيرًا إلى أن ذلك أكبر دليل على أن مصر تهتم بأولادها في الخارج، "أمر جميل أن يكون لوزارة الهجرة دور في الاهتمام بنا، فالوزيرة من الشخصيات النشيطة والمجتهدة وهو ما نلحظه فيما تقوم به من مبادرات تعزز الانتماء لدى أولادنا، ولذا فإن مينا كان سعيدًا بتشجيعها له، واعدًا إياها بأن يكون صورة إعلامية إيجابية لمصر عالميًا".