قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، إن مصر تسلمت الشريحة الأخيرة من اتفاق "التسهيل الممدد لصندوق النقد الدولي" التي تُقَّدر بملياري دولار؛ بما يُرسخ شهادة الثقة الدولية في نجاح البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي الشامل، واكتمال البرنامج بنجاح ويبعث برسالة طمأنة جديدة للمستثمرين حول العالم، تُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات لتوفير المزيد من فرص العمل خاصة أن مصر، بقيادتها الحكيمة، أصبحت في مصاف الدول ذات المناخ الجاذب للاستثمار بأفريقيا والشرق الأوسط في ظل ما تُوفره من فرص واعدة في المشروعات القومية الكبرى، وحوكمة الإجراءات وتيسيرها والتحول الرقمي.
بطولة الشعب المصري
ولفت الوزير إلى أن الشعب المصري هو البطل في اكتمال عملية الإصلاح الاقتصادي بنجاح، فلولا صبره وتحمله ما استطاعت الحكومة المضي قدمًا في مسيرة التنمية، التي ستكون، بإذن الله، الأساس في التحسن التدريجي لمستوى معيشة المواطنين خاصة في ظل التحديات الضخمة التي تمر بها مصر داخليًا وإقليميًا ودوليًا والمنطقة كلها.
تعزيز الاقتصاد الكلي
أشار الوزير إلى استمرار التعاون الفني مع صندوق النقد الدولي خلال الفترة المقبلة، والتركيز على الإصلاح الهيكلي للقطاعات الاقتصادية الداعمة للصناعة المحلية؛ فالحكومة المصرية حريصة على استكمال البرنامج الناجح للإصلاح الاقتصادي؛ لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي ضد المخاطر، وتحقيق المستهدفات المالية خلال العام المالي ٢٠١٩/ ٢٠٢٠؛ بما يُسهم في إرساء دعائم الاقتصاد الوطني ورفع معدلات النمو، من خلال العمل على زيادة الإنتاج والصادرات وجذب الاستثمارات؛ من أجل خلق المزيد من فرص العمل للشباب، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوفير حياة كريمة لهم، وتطوير دعم شبكة الحماية الاجتماعية لتخفيض معدلات الفقر، وحتى يصل الدعم إلى مستحقيه من الفئات الأولى بالرعاية بالمناطق الأكثر احتياجًا، وذلك تنفيذًا لرؤية «مصر ٢٠٣٠»، التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة بمحوريها الاقتصادي والاجتماعي.
مؤشرات إيجابية
أوضح أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، أن هناك عددًا من المؤشرات الإيجابية الجيدة التي تعكس رؤية المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري، وتؤكد تعافيه واستقراره وانطلاقه نحو تحقيق التنمية الشاملة؛ بما يطمئننا بأننا نسير على الطريق الصحيح، حيث حصلت مصر على المرتبة الثالثة عالميًا، بعد الصين والهند، في قائمة "الإيكونومست" الدورية للنمو الاقتصادي بمعدل ٥,٦٪، وتحسن هيكل النمو، وأصبح أكثر استدامة وتنوعًا، وبلغت نسبة مساهمة الاستثمارات الخاصة والحكومية فيه نحو ٤٥٪، يليها الصادرات بنحو ٣٤٪، واحتل الجنيه المصري، وفقًا لوكالة "بلومبرج"، المركز الثاني كأفضل عملات العالم أداءً بعد "الروبل" الروسي خلال عام ٢٠١٩.
نجاح الإصلاح الاقتصادي
كان ديفيد ليبتون المدير الإداري لصندوق النقد الدولي قد أكد، بالإنابة عن كريستين لاجارد المديرة السابقة للصندوق، أن مصر أتمت بنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وحققت أهدافه الرئيسية التي تم وضعها منذ البداية من قبل الحكومة المصرية في البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، حيث تحسنت كل مؤشرات الاقتصاد الكلي والمالية العامة بشكل ملحوظ منذ بدء البرنامج في عام ٢٠١٦، وذلك في ضوء الإرادة السياسية والالتزام القوي من قبل الحكومة المصرية والشعب المصري التي تمثلت في عدد كبير من الإجراءات الصعبة والحاسمة التي تم اتخاذها خلال السنوات الثلاث الماضية.
ارتفاع معدلات النمو
أشار إلى نجاح إصلاحات الاقتصاد الكلي في تصحيح الاختلالات الخارجية والداخلية الكبيرة، وتحقيق الاستقرار المنشود من خلال تحقيق معدلات نمو مرتفعة وخلق فرص عمل حقيقية للشباب حيث انخفض معدل البطالة إلى أقل من ٩٪، وهو أقل معدل وصلت له مصر خلال العشر سنوات الماضية، موضحًا نجاح السياسة النقدية في العمل علي خفض معدلات التضخم إلى رقم أحادى على المدى المتوسط وأيضاً مرونة سعر الصرف لتعزيز إمكانية مواجهة الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية للبلاد.
وأشاد بتحقيق مستهدف الفائض الأولى لعام ٢٠١٨/ ٢٠١٩ وهو ٢٪ من الناتج، مما ساهم فى استمرار انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى ٩٠,٥٪، ووضع الدين العام على مسار نزولى مستدام بالمقارنة بنسبة ١٠٨٪ في ٣٠/ ٦/ ٢٠١٧، مؤكدًا أنه سيكون من الضرورى الحفاظ على الميزان الأولى عند هذا المستوى من الفائض على المدى المتوسط.
أوضح البيان الصحفي الصادر عن الصندوق، في نهاية اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، أن الحكومة المصرية لم تغفل البعد الاجتماعي في برنامجها الإصلاحي؛ وذلك من خلال تطوير حزمات حماية اجتماعية متتالية سنوياً للحد من أثر الإجراءات الإصلاحية على الفئات الأولى بالرعاية، وقد دلل على ذلك رئيس البعثة الفنية للصندوق الخاصة بمصر السيد سوبيرلال، بأن الحكومة قد توسعت فى تغطية برنامجى تكافل وكرامة لتشمل ٢,٣ مليون أسرة (١٠ ملايين مستفيد) مقارنة بـ٢٠٠ ألف أسرة فقط، مع تطوير آليات الاستهداف على مدار الثلاث سنوات الماضية إضافة إلى زيادة دعم السلع التموينية من ١٥ جنيهاً للفرد إلى ٥٠ جنيهاً للفرد مع الحفاظ على سعر رغيف العيش عند ٥ قروش.
أشار البيان إلى أنه فيما يخص تحسين آليات الاستهداف، فإن إصلاح دعم الوقود سوف يؤدى إلى تشجيع كفاءة استخدام الطاقة وخلق مساحة مالية للإنفاق على مشروعات قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وكذلك خفض عبء التغيرات غير المتوقعة في أسعار النفط على الموازنة العامة وتخصيص هذه الموارد بشكل أكثر كفاءة وبالتالى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة إلى قاعدة أكبر من القطاعات التي توفر المزيد من فرص العمل، بدلاً من القطاعات كثيفة رأس المال التي تنتج وظائف أقل نسبياً وتعتمد بالأساس على استفادتها من دعم الوقود.
أكد ليبتون، في نهاية تصريحه، أن التوقعات المستقبلية للاقتصاد المصري إيجابية وتشير إلى مناخ ملائم لمواصلة تقدم الإصلاحات الهيكلية لدعم نمو أكثر شمولاً وخلق فرص عمل جديدة بقيادة القطاع الخاص، حيث أشار بيان صندوق النقد الدولي، إلى أن مصر بحاجة إلى خلق ٧٠٠ ألف فرصة عمل سنوياً لاستيعاب العمالة الشابة والزيادة السكانية ولن يتم هذا إلا من خلال القطاع الخاص، وقد أكد ليبتون أن الحكومة المصرية قادرة على أن تبنى على الإنجاز المحقق بالفعل فى تعزيز المنافسة، وتطوير منظومة المشتريات العامة وتخصيص الأراضي الصناعية والشفافية والإفصاح عن أداء الشركات المملوكة للدولة.