الإحباط والاستسلام لليأس حال نفسية الأشخاص الذين تدركهم الشيخوخة، ويتقدم السن بهم ويرفضهم المجتمع، وهي من المشاكل الاجتماعية التي تغافلت عنها الصحف والإعلام، فهناك كثير من مناطق العالم تحدث فيها إساءة معاملة المسنين، ولا يتم الاعتراف بها أو التصدي لها إلاّ في حالات قليلة.
مشكلة مخفية
هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، حتى الآونة الأخيرة، مخفية عن أعين الجماهير وتُعتبر من المسائل الشخصية، ولا تزال هذه الظاهرة، حتى اليوم، من الأمور المسكوت عنها، والتي تستهين بها المجتمعات وتتجاهلها في شتى ربوع العالم، غير أنّ البيانات تتراكم حاليًا، وتشير إلى أن إساءة معاملة المسنين باتت من المشكلات الصحية العمومية والاجتماعية الهامة.
إساءة المعاملة
إساءة معاملة المسنين من المشاكل الموجودة في البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء، ولكنّها أيضًا من المشاكل التي لا يُبلّغ عنها بقدر كاف على الصعيد العالمي.
وعلى الرغم من أنّ حجم هذه المشكلة لا يزال مجهولاً، فإنّ أهميتها الاجتماعية والأخلاقية واضحة كل الوضوح، وهي تقتضي، بالتالي، استجابة عالمية متعدّدة الجوانب تركّز على حماية حقوق المسنين.
رأى الطب النفسي
يقول الدكتور وليد سرحان، استشاري الطب النفسي، بجامعة عين شمس، إن تقدم السن في الشيخوخة يمكن اعتبارها عملية تحويل الإنسان السليم إلى الشيخ الضعيف المعرض للأمراض والإصابات ثم الموت، وهناك دور للعوامل الوراثية ولو جزئيًا في هذه العملية، ولكن أن يعيش الانسان بطريقة وأسلوب صحيح وبعادات ملائمة هي أكثر تحكمًا في عملية الشيخوخة.
وأضاف"سرحان" أنه لابد من التصدي لتلك المشكلة، ووضعها ضمن سياق ثقافي بمراعاة عوامل الخطر الخاصة بكل من الثقافات المعنية.
ففي بعض المجتمعات على سبيل المثال تُجبر الأرامل من كبيرات السن على الزواج، في حين تتهم المسنات المعزولات في مجتمعات أخرى بممارسة السحر.
وأوضح أنه إذا لم يُجهّز كل من قطاع الرعاية الصحية الأولية وقطاع الخدمات الاجتماعية بما يلزم من وسائل لتحديد مشكلة إساءة معاملة المسنين والتصدي لها، فإنّ هذه المشكلة ستظلّ مُغفلة وغير مُشخّصة على النحو الكافي.
وأشار"سرحان" إلى أن الشيخوخة لها أبعاد عديدة وتغيرات في أجهزة ووظائف الجسم المختلفة، كما أن هناك تغير في الواقع الاجتماعي والنفسي، وهناك من ينكر الشيخوخة ويريد الاستمرار بحياته كما هي مهما تقدم به العمر، وهناك من يعتبر نفسه مسن وغير قادر على فعل أي شيء وهو بالخمسينات من العمر، فهل من الضروري أن يتعلم الانسان في عمر السبعين كيفية استعمال الهواتف الذكية والانترنت؟، وما المانع؟، قد لا يكون قادر على اتقان هذه التكنولوجيا إلا أنه يستفيد من هذه المعرفة بلا شك، والوصول لسن التقاعد يمكن أن يكون بداية لمرحلة جديدة من الحياة فيها الكثير من الجوانب المفيدة وأوقات الفراغ التي لم تكن متاحة في سنوات العمل.
ومن التغيرات الاجتماعية، يقول الدكتور" سرحان" أن الأبناء والبنات يغادروا المنزل بعد زواجهم وقد يصبح البيت الكبير فيه الزوجين فقط، وهذا يشير إلى ضرورة التواصل مع الأصدقاء والجيران والأسرة الممتدة، لأن وقت الفراغ كبير والميل للوحدة والتشاؤم قد يزداد، وعندما يتوفى أحد الزوجين يكون الأثر كبير على الزوج أن يكمل حياته في البيت لوحده أو أن يعيش لدى أحد الأبناء، مع تقدم عمر الأنسان في بلادنا ووصوله إلى أكثر من سبعين سنة فإن عدد أكبر من كبار السن يعانوا الوحدة والإكتئاب والفراغ، ولابد من التفكير في حلول اجتماعية مناسبة.