هدوء يخيّم على أرجاء قسم الطوارىء بمستشفى جامعة طنطا، فالأجواء لا تنذر بجديد، سوى من بعض المرضى، وذويهم الذين رفعوا أكف الدعاء لينالو الاستجابة بالطمأنة عليهم.
الساعة تدق العاشرة من مساء الإثنين الماضي، ولم يكن يعلم الدكتور مصطفى الباجوري، معيد في قسم التخدير بالعناية المركزة الجراحية، أن فترة نبطشيته، سيقلب موازينها طفل ذا ١٣ عام، في مشهد غريب، تظلله العناية الإلهية.
" استقبله قسم الطوارىء، بسيخ حديد، مخترق جسده، من تحت الابط ومرورا بعضلات الصدر وعظمة الترقوة ليستقر في مؤخرة الرأس، بسبب رغبته في بناء عشة حمام، فوق منزله، ليرتطم بخشبة أدت لوقوعه من الدور الثالث، على سيخ حديد بسطح بناية "، بحسب الباجوري، ل"بلدنا اليوم".
وكانت حالة الطفل ومؤشراته الحيوية المستقرة، بشرى خيرة لاطباء الطوارىء، وخاصة جراحة الأوعية الدموية، الذين شكلو على الفور فريق كامل من ١٨ من اطباء جراحة المخ والاعصاب وجراحة القلب والصدر واطباء التخدير، لوضع خطة سير العمل في غرفة العمليات.
٣ ساعات فارقة، فصلت الفريق عن البدء في رحلة إخراج السيخ من جسد الطفل، " بدأنا عمليات في العاشرة، بتخديد الطفل واستكشاف على منطقة الابط للتأمين على الاوعية الدموية الرئيسية، واستكشاف عظمة الترقوة للتأمين على اوعية الرقبة، وبعد الاطمئنان تم شد السيخ وخروجه بشكل آمن".
وصف الباجوري، الطفل بـ"المحظوظ"، كون مسار السيخ الذي اخترق فيه جسده، حماه من مخاطر عدّة، "مكان دخول السيخ كان قريب من الغشاء البلوري الذي يحاوط الرئة، فإن اخترقه السيخ، كانت نتيجته استرواح هوائي يؤدي للموت، علاوة على وجود السيخ بعيد بفارق سنتيمتر، عن الاوعية الرئيسية للرقبة، وهو ما نجّاه من الموت".
ورغم مرور ٤ ساعات، من تعداد وقت الغملية المخصصة لسحب السيخ من جسد الطفل، إلاّ أن مخاوف الأطباء من أن يسبب خروجه نزيف في احد الاوعية الدموية، أو أن يمس أحد الاعضاء، لاسيما أن خروج السيخ لن يكون بالضرورة من نفس مسار دخوله، "استعدينا للأسوء، و لكن حالة الطفل الجيدة بعد العملية، واستقرارها بددت كل مخاوفنا، وجعلتنا نشعر بالرضا".
لم تمنع قلة امكانيات مستشفى الطوارىء في طنطا، وعجز مستهلكاتها، الأطباء ال١٨ و٤من فريق التمريض، في تحقيق إنجاز كبير، وإنقاذ طفل، "ستر ربنا كان ملازمنا، ورغم ان العملية خدت شو إعلامي بسبب غرابة الحدث، إلاّ اننا بنتعامل مع حالات أصعب بالامكانيات المتاحة، وهو دة التحدي الي بنقابله كل يوم".
وعن حالة الطفل الصحية، لفت الباجوري، إلى انه بصحة جيدة، رغم ما حدث له، "الطفل مدخلش العناية، وحالياً في غرفة خاصة بصحة وعافية، لأن لسه له عمر".
وفيما تحتفي منصات الإعلام ورواد السوشيال ميديا، بالفريق، رأى الباجوري أن البطل الحقيقي في القصة من عاصر بداياتها، "رجل عظيم واهم واحد، وهو الراجل الي قص جزء من السيخ لما اخترق جسد الطفل، لأن لو الناس حاولو يسحبو السيخ كان الطفل في عداد الأموات، فتحية عظيمة لاستيعابه المخاطر رغم صدمة المشهد".
ونوّه الباجوري، الى قيام رئيس الجامعة طنطا، الدكتور مجدي السبع، والمشرف العام على المستشفيات الجامعية، الدكتور احمد غنيم، ومدير عام المستشفيات الجامعية، الدكتور كمال عكاشة، بتكريم أعضاء الفريق، والوعد بصرف مكافآت مادية لهم، تقديراً لجهودهم، وإشادة بما قدموه من إنجاز.