على مسافة 3 أمتار من المسجد، تجلس وحيدة ناظرة للسماء، كأنها تشكوا الله ماذا ألم بها من ضيق وأذى من البشر، وتريد إزاحة هذا الغم وأن يفك الله كربها.
طفولتها التي قتلت بداخلها منذ نعومة أظافرها، والعيش وسط أناس لا يمتون لها بصلة، كان سببًا في أن تكون فريسة للجميع، وأن تكون ضحية من ضحايا الشارع، وذئاب البشر.
الفتاة "اعتدال.ع"، 18عامًا، حياتها المأساوية، جعلتها محط اهتمام المارة حولها بمنطقة رمسيس، فوفاة والدها كانت سببًا أن تتشرد في الشوارع، إثر المعاملة السيئة التي وجدتها من زوج أمها التي لم تنتظر بعد وفاة زوجها بعام أن ترتبط به، أو تستطيع أن تختار شخصًا طيبًا يكون زوجا لها طيب المعاملة مع أولادها الخمسة.
"اعتدال" وجدت الشارع خير ملاذ لها، تستأنس بالناس والمارة، وتشعر بالعطف والدفء لكل يد تمد لها يد العون والرحمة.
لا تعلم "اعتدال" إلا أنها تستيقظ يوميًا وتجد أمامها من يقدم الطعام، قائلة "يوميًا انتظر مشاورة بأصبعها لفريق أطفال بلا مأوى، لأتناول الوجبة الساخنة التي يأتون بها يوميًا في تمام الساعة السادسة مساءًا، فهي لا تدرك الأمور، فحالتها النفسية كانت سببًا لذلك".
بعبارات غريبة، لم نتعود على سماعها، من بنت مصرية، لم تستطع أن تتحمل الصعاب، ولم يعرفها إلا من يقترب منها، ويسمع أنينها، وبنظرة كلها خجل وندم ، قالت "اعتدال": "أنا بنام هنا في الشارع، ومعايا صاحبي هو اللي بيعملي كل حاجة، ولا أريد أن أذهب إلى دار رعاية اجتماعية، عشان أنا بحب أقعد معاه، وهو بيخلي باله مني".
وتابعت: "عندى أخوات بنات، وأزواجهم مش عايزني أقعد معاهم، وأخويا الكبير زوجته ترفض إنى أقعد عندها وبتمشيني، فسبتهم واخترت الشارع".