شهدت الأيام الماضية حالة من الجدل الواسع بين المواطنين بعد تزايد الشكاوى بشأن تضرر محركات السيارات، ما أثار تساؤلات حول جودة البنزين المتداول في بعض محطات الوقود.
ورغم نفي الجهات الرسمية وجود أي تلاعب أو غش في البنزين، إلا أن تصاعد البلاغات دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لطمأنة المواطنين.
«البترول» تنفي وتؤكد سلامة المنتج
في أول تعليق رسمي، نفت وزارة البترول والثروة المعدنية ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن وجود وقود مغشوش في الأسواق.
وأكدت أن جميع المنتجات البترولية، وعلى رأسها البنزين، تخضع لرقابة صارمة ومعايير جودة محددة بدءًا من الإنتاج وحتى التوزيع في المحطات.
وأوضحت الوزارة أنها تُجري تحاليل دورية للعينات من محطات الوقود في مختلف المحافظات، عبر معامل هيئة البترول المتخصصة، للتأكد من مطابقة البنزين للمواصفات القياسية، وشددت على أنها لا تتهاون مع أي محطة يثبت تلاعبها، ويتم اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة تشمل سحب التراخيص والإغلاق الفوري.
التموين: أرقام شكاوى وتكثيف الرقابة
من جانبها، أكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنها تتابع الأزمة عن كثب، حيث تم تفعيل خطوط ساخنة لتلقي شكاوى المواطنين المتعلقة بجودة الوقود.
وأشارت إلى أن الأجهزة الرقابية كثفت حملاتها المفاجئة على المحطات لضبط أي مخالفات، سواء في الجودة أو الأسعار، مؤكدة أن ما يتم تداوله حتى الآن لا يتعدى كونه حالات فردية يتم التعامل معها بمنتهى الجدية.
كما شددت الوزارة على أن المواطن شريك أساسي في حماية السوق من التلاعب، ودعت إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالة يُشتبه فيها بوجود وقود مغشوش، مؤكدة توفير الحماية القانونية للبلاغات الجادة.
خبير اقتصادي: المشكلة أوسع من الرقابة
وفي السياق ذاته، يرى الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، أن أزمة البنزين المغشوش – وإن كانت لم تثبت بعد بشكل مؤكد – تعكس خللًا في منظومة الرقابة الممتدة على آلاف محطات الوقود المنتشرة في البلاد، مؤكدًا أن بعض المحطات قد تلجأ إلى خلط البنزين بالسولار أو مواد أخرى أقل تكلفة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، وهو ما يؤدي إلى تلف محركات السيارات ويشكل خطرًا على السلامة العامة.
وأضاف «أبو الفتوح»، أن الحل لا يقتصر على تكثيف الرقابة، بل يتطلب أيضًا شفافية في عرض نتائج التحاليل أمام الرأي العام، فضلًا عن تدريب العاملين بالمحطات وتثقيف المواطنين حول كيفية التحقق من جودة الوقود.
وبين تطمينات الحكومة وتخوفات المواطنين، تظل أزمة البنزين المغشوش قيد المتابعة، وتؤكد على أهمية تعزيز الرقابة، وتفعيل آليات المحاسبة، وبناء جسور الثقة مع الجمهور من خلال الشفافية والمشاركة، فالمواطن يبحث عن الطمأنينة، والحكومة مطالَبة بتقديم الأدلة العملية على أن البنزين الذي يستهلكه يوميًا هو منتج آمن وذو جودة مضمونة.