"كان راجل على الفطرة، والكل بيحبه"، هكذا رثى وائل سرحان، رئيس النقابة العاملة للعاملين بهيئة الإسعاف المصرية، زميلهم خالد محمد عبد المنعم، سائق السيارة ٢٣٧٩ تمركز رمسيس، الذي توفى صباح اليوم الخميس، متأثرًا بإصابته بحروق نسبتها 90%، فجراء حادث محطة مصر.
صباح أمس الأربعاء، حينما كانت تشير عقارب الساعة إلى التاسعة صباحاً، لم يكن يعلم عبد المنعم، 38 عام، الذي وقف بجسد مرهق، على الرصيف رقم 6، بمحطة مصر، منتظراً القطار الذي سيقله إلى بلدته منيا القمح في محافظة الشرقية، حاملاً في طيات خياله مخططات ليومه مع ولديه الصغيرين، "محمد وحمدي"، بعد نبطشية ليلية، سيكون مختلف، وأكثر عناء لعائلته الصغيرة.
في وسط السيناريو الاعتيادي الذي يمارسه بهفة يومية، وفي ثواني معدودة، وجد سائق السيارة ٢٣٧٩ تمركز رمسيس، نفسه مسجى على أحد الأرصفة، بجسد أنهكته النيران من فرط اشتعالها، وحوله جثث متفحمة، وروائح لجلود محترقة، سامعاً آهات وصرخات لا يعلم مصدرها، غير واعي لما يحدث حوله، من هول المنظر.
تم اطلاق حالة الاستنفار القصوى بين هيئة الإسعاف المصرية، وانتشر المسعفون ورجال الإطفاء، كخلية نحل وسط اللهيب، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، "عبد المنعم، كان موجود وسط عدد من الجثث إلى التهمت النار أجسامهم، فالكل كان في حالة ذهول من إلى بيحصل، لأنها كارثة بكل المقاييس"، بحسب سرحان، لـ"بلدنا اليوم".
ولكن عبد المنعم، رغم ما ألم به من ألم، استطاع أن يتعرف على أحد زملائه، "نادى على المسعفين، إلي انتشروا على الأرصفة لاسعاف الضحايا، وفضل يقولهم على اسمه، لأن ملامحة مكنتش ظاهرة كويس"، فاستطاع المسعفين إنقاذ عبد المنعم، والتوجه به إلى مستشفى دار الهلال بحروق من الدرجة الأولى، ليتم نقله على اثرها لمستشفى دار الشفاء.
نحو 24 ساعة، مرت على خالد عبد المنعم، داخل جدران مستشفى دار الشفاء، بسيناريو جديد خطّه القدر، بجسد مغطى بالضمادات، موضوعاً على جهاز تنفس، ويحيط به أهله بألسنة لا تكف عن الدعاء، والنظر له بعين الأسى، يتمنون التخفيف عنه، ولكن دون جدوى، فقد ارتقت روحه إلى بارئه.
سارعت هيئة الإسعاف، في بيان لها إلى نعي وفاة المسعف خالد محمد عبدالمنعم سائق على السيارة ٢٣٧٩ تمركز رمسيس، فيما راح زملائه في ذكر مآثره الطيبة، على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، "راجل فيه طباع الريف، كان محترم ومؤدب، ربنا يرحمه ويصبر أهله وولاده".
ونوّه سرحان، إلى أن عائلة عبد المنعم، في إنتظار تصريح النيابة بدفن الجثة، تمهيداً لنقله إلى مسقط رأسه في منيا القمح، حتى يوارى جسدة التراب.