كليات الطب والصيدلة الخاصة، أصبحت الملجأ لمن فاتهم قطار الجامعات الحكومية، منهم من تركه التنسيق على درجة أو درجتان، فيكون التفكير الأول بعد رفض قيدهم، بالجامعات الحكومية، هو اللجوء للجامعات الخاصة، التي تقبل خريجي الثانوية العامة بمجموع أقل من مجموع الجامعات الحكومية، نظير مقابل مادي يتجاوز عشرات الآلاف من الجنيهات سنويًا، فرغم الزيادة في أعداد الخريجين سنويًا إلا أن الجامعات الخاصة، تخرج الآلاف سنويًا من خريجي كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة.
شروط لقيد خريجي كليات الطب الخاص
وضعت نقابة الأطباء شروطا لقيد خريجي كليات الطب بالجامعات الخاصة، حيث رفضت النقابة مؤخرا قيد خريجي كليات الطب الخاصة، التي يدرس الطلاب فيها دون وجود مستشفى جامعي ملكا خاصا بالكلية بعدد أسرة تتناسب مع عدد الطلبة الدارسين، ويشمل كل التخصصات على غرار المستشفيات الجامعية الحكومية، وذلك بالنسبة للكليات التي لم تبدأ الدراسة بها بالفعل.
وأضاف بيان النقابة أنه بالنسبة للكليات التي بدأت الدراسة بها، فتعطي فترة سماح 3 سنوات، لتوفيق أوضاعها
تجاوزات الجامعات الخاصة
نفى الدكتور بهاء الطاهر، أمين عان نقابة الأطباء ما تردد عن منع النقابة العامة للأطباء قيد خريجي كليات الطب بالجامعات الخاصة بشكل عام، مؤكدًا أن قرار نقابة الأطباء بمنع قيد خريجي الجامعات الخاصة يخص فقط الكليات الخاصة التى لا تمتلك مستشفى جامعي لتدريب الطلاب داخل هذه الجامعات.
وأوضح أمين عام النقابة، في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، أن قرار النقابة جاء وفقًا لأحكام القانون، لأن دراسة الطب عملية بداخل المستشفى، وتحتاج إلى التدريب العملي مشيرًا إلى أن القرار يخص الجامعات التي لم تبدأ فيها الدراسة، أما الجامعات القائمة فعليًا فتم منحها فترة سماح ثلاث سنوات لإنشاء مستشفى، وبالتالي لن يضار أي طالب درس فعليًا بها.
وأضاف أن القرار، تبعًا لقانون إنشاء الجامعات، ولائحته التنفيذية، وإذا لم توفق هذه الجامعات أوضاعها بنفس القواعد السابقة خلال 3 سنوات من تاريخه، لن يتم قيد خريجيها.
هل نحن بحاجة إلى مزيد من كليات الطب الخاصة؟
وفي بيان سابق لها قالت منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن وسائل الإعلام تطالعنا حاليا بأخبار إنشاء 3 كليات طب خاصة، ونرى التسرع في بدء الدراسة في هذه الكليات، حتى قبل أن تستوفي الشروط القانونية الأساسية من إنشاء وتشغيل مستشفى جامعي تابع لكل كلية.
وأضافت، بعد أن اعترفت وزارة الصحة أخيرا بالعجز الشديد في الأطباء الذي تعاني منه مؤسساتنا الصحية، قائلة: يهمني أن أوضح عددا من الحقائق:
1- إجمالي عدد الأطباء الأحياء في سن العمل، والملتحقين بالعمل في القطاع الحكومي 188535 طبيب، بمعدل 1.88 طبيب لكل ألف مواطن. ، 2- إجمالي عدد الأطباء الأحرار 24300 طبيب
وبذلك يصبح عدد الأطباء بالقطاعين الحكومي والخاص 212835 طبيب، بمعدل 2.1 طبيب لكل مواطن.
3- عدد الأطباء بالمعاشات 54012 طبيب، وإذا قدرنا أن منهم على الأقل 20.000 طبيب مازالوا يمارسون العمل في القطاع الخاص بعد إنتهاء الالتزام بالعمل الحكومي، يصبح الأطباء المؤهلون القادرون على العمل في مصر232835 طبيب، بمعدل 2.3 طبيب لكل ألف مواطن، وأشارت مينا، إلى أن الأرقام من سجلات نقابة الأطباء - فبراير 2019.
واستطردت، بما أن منظمة الصحة العالمية ترصد أن 45% من الدول نسبة الأطباء بها أقل من طبيب لكل ألف مواطن، وتتجه أغلب الأبحاث لقبول نسبة 2 طبيب لكل ألف مواطن كنسبة مقبولة، لذلك يتضح أن عدد الأطباء المتخرجين من كليات الطب الحالية يوفر 2.3 طبيب لكل ألف مواطن وهي نسبة كافية جدا، ولا يوجد أي احتياج لزيادة عدد كليات الطب ولا لزيادة عدد الخريجين.
وأكملت، لكننا بالرغم من هذه الأرقام المؤكدة من سجلات نقابة الأطباء، نلاحظ بالفعل وعلى أرض الواقع عجزا شديدا في الأطباء في أغلب المستشفيات والوحدات الصحية، وهو عجز ناتج عن "هروب الأطباء" من ظروف العمل في مصر، التي أصبحت شديدة القسوة والاهانة للأطباء، لذلك نجد موجات متزايدة من هجرة الأطباء، سواء للعمل المؤقت في الدول العربية والأفريقية أو للهجرة الدائمة لبلدان العالم الأول.
وأوضحت، الحقيقة أننا لا نملك احصاءا دقيقا لعدد الأطباء على رأس العمل بالقطاع الحكومي، لكن الملاحظات العامة تشير لأن أكثر من نصف الأطباء نزحوا فعلا للخارج، وهذا هو سبب العجز الرهيب الذي نراه.
إنشاء الكليات الخاصة هل سيقلل العجز
وتساءلت، هل يحل هذا العجز انشاء المزيد من كليات الطب الخاصة أو الحكومية ؟؟ بينما تستمر وتزداد عوامل الطرد، لننزف أغلب أطبائنا للخارج.
قالت، يزيد الأوضاع سوءا أن هذه الكليات المزمع إنشاؤها،لا تملك إمكانيات التدريب العملي والإكلينيكي الضرورية، وعلى رأسها المستشفى الجامعي الذي يعتبر العمود الفقري لكلية الطب، وبذلك يتضح أننا نتجه لتخريج أعدادا غفيرة من الخريجين بدون تدريب، لندخل بالمنظومة الصحية في منحدر غير مسبوق من فوضى الممارسة الطبية.
وقد سبقتنا كليات الصيدلة الخاصة في هذا المسار،الذي أدى لوجود عشرات الآلاف من الصيادلة، والتى بدأت وزارة الصحة ترفض تكليفهم فعليا، ولا تتيح لهم أعدادهم الغفيرة أن يجدوا فرص عمل كافية بالقطاع الخاص داخل بلادنا أو حتى فرص كريمة للعمل بالخارج.
وأكدت مينا، نحتاج لحلول لمشاكل العمل الطاردة للأطباء، وهي حلول معروفة (منها مثلا تطبيق القوانين المجمدة التي تعطينا بعض المميزات البسيطة والاهتمام بوقف الاعتداءات اليومية على الأطباء) نحتاج لبعض الاهتمام بتحسين بيئة العمل وتحسين أجور الأطباء، ولا نحتاج لكليات جديدة، تعمل بدون المقومات الأساسية اللازمة لتخريج طبيب، وعلى رأسها المستشفى الجامعي.
وحذرت مينا، من كارثة الاندفاع لتخريج أعدادا كبيرة من الأطباء ضعيفي المستوى، مما سينتج عنه انهيار كامل لمهنة الطب وللخدمة الطبية في مصر، ولسمعة الطبيب المصري، وتعرض الأطباء لانهيار فرصهم للعمل سواء في الداخل أو الخارج، وهي كارثة لن يستفيد منها إلا أصحاب الجامعات الخاصة وبزنس التعليم الطبي.
الصيادلة: زيادة الخريجين مردوده سلبي
قال الدكتور أحمد دومة، المتحدث باسم نقابة الصيادلة، إن قبول قيد خريجي الجامعات الخاصة داخل نقابة الصيادلة، يكون وفقًا لقرار الجمعية العمومية لكل نقابة، ونقابة الصيادلة وضعت قواعد لقبول خريجي كليات الصيدلة بالجامعات الخاصة، وهو أن يتم قبول أي طالب صيدلة خريج جامعة خاصة، بشرط أن مجموعه في الثانوية لا يتجاوز 5% أقل من تنسيق الحكومة، بحيث أنه إذا أعلنت الجامعات الحكومية أن تنسيق كليات الصيدلة 97 % فهنا نشترط أن يكون خريجي كلية الصيدلة الخاصة الراغبين بالالتحاق بالنقابة، مجموع تنسيقه بالثانوية العامة لايقل عن 92%.
ضوابط خاصة بالتنسيق
وأضاف متحدث الصيادلة، في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، أنه لا يمكن أبدًا لطالب لم يحقق معدل مجموعه المجموع المطلوب أن يدخل كلية صيدلة وهو غير جدير وغير كفء، فدخوله المجال سوف يسئ للمهنة، مشيرًا إلى أن التوسع في أعداد خريجي كليات الصيدلة خطير ومردوده سلبي، حيث أن نسب أعداد الصيادلة أصبح موازي لنسبة أعدد السكان، وهو ما جعل نقابة الصيادلة طالبت وقدمت عدة دراسات للمجلس الأعلى للجامعات لتخفيض أعداد المقبولين بكليات الصيدلة كل عام، حرصًا على مستقبلهم وكفاءتهم وأدائهم منوهًا أن بعض الجامعات الخاصة تعتقد أن كلية الصيدلة هي الكلية التى "تبيض ذهب".
تخفيض أعداد المقبولين
وأضاف أن نقابة الصيادلة، ليست ضد التوسع في إنشاء كليات صيدلة، ولكنها مع تخفيض الأعداد المقبولة سنويا في هذه الكليات، مؤكدًا أن إنشاء كليات طب خاصة اتجاه موجود في كل دول العالم، ولكن في مصر نحن بحاجة إلى معيار خاص يضمن دخول أصحاب المهارة والكفاءة .
وحول دور وزارة الصحة في تقنين أوضاع إنشاء كليات الطب والصيدلة بالجامعات الخاصة، ذكر أن قرار الموافقة على إنشاء هذه الجامعات تختص به لجنة القطاع الطبي داخل المجلس الأعلى للجامعات، والذي يقدم أرقام استرشادية لوزارة الصحة عن أعداد الخريجين سنويا.