«الشعب المصري صاحب مزاج».. كلمات تداولها العامة من المصريين فيما بينهم على سيبل التفاخر والتباهي، ولكنها لم تقتصر على العامة من الناس فقط، بل جسّدها العديد من الرؤساء المصريين من قبل؛ فقد اشتهر الكثير منهم بحبهم إلى التدخين على أساس أنه أحد الأساليب التي تعمل على "وزن الدماغ" وتساعد على التفكير بدقة وتدبر في الأمور السياسية.
فحُب التدخين في مصر وبالتحديد بالنسبة للرؤساء، بدأ منذ ولاية "محمد علي باشا" على مصر، واشتهار جنوده بأنهم يشربون الدُخان المخدّر على الملأ أمام الجميع، ويمرّون في الأسواق وبأيديهم المواد المخدرة، ومن ثم "الملك فؤاد" الذي اشتهر بحبه إلى "البايب" ومن بعده الرئيس الأسبق "محمد نجيب" الذي حفظ له التاريخ العديد من الصور التي التقطها المصورون وفي فمه "البايب" أثناء خروجه من القصر الرئاسي، وعلى خلاف السابقين كان الرئيس "عبدالناصر" محبًا للسجائر الشعبية التي فضّلها على العديد من الأنواع الفاخرة في السجائر، وينتهي المطاف بـ"بايب" السادات الذي لم يظهر من غيره في العديد من الصور، سواء في الاحتفالات الرسمية أو الحياة الخاصة, والذي كان له دور في التفكير والتدبر في هزيمة الكيان الصهيوني على أرض الفيروز.
الرئيس المصري "محمد أنور السادات" تعوّد الجميع على رؤية هذا البطل دومًا وفي فمه "البايب" سواء كان ذلك الظهور عبر الصور القديمة.. أو من خلال الأدوار السينمائية التي جسّدها النجم الراحل "أحمد زكي" في أفلامه.. فقد عرف السادات بعشقه الكبير لـ"الغليون" وحرص على الظهور به دائمًا في الاحتفالات الرسمية التي يشهدها العالم، وفي الحياة الخاصة التي يعيشها، وذلك حسبما ذكرت زوجته "جيهان السادات" في العديد من اللقاءات التليفزيونية.
"متعته الوحيدة في الحياة".. بهذه العبارة أوضحت أرملة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بأنه يجد المتعة في التدخين من خلال "البايب"، رغم أنها طالبته كثيرًا بالامتناع عنه في الخارج والاكتفاء به داخل المنزل فقط، باعتبار أن زوجته كانت تقود حملة ضد التدخين خلال فترة رئاسته.
وأكد جيهان السادات، خلال استضافتها في برنامج "على مسئوليتي" المذاع عبر فضائية "صدى البلد"، أن "البايب" كان له مكانة كبيرة في حياة الرئيس الراحل، وكان من أهم الأشياء التي يجد فيها متعته أثناء العمل والجلوس بمفرده للتدبر في بعض الأمور السياسية، ولذلك يتواجد داخل المتحف الخاص بالزعيم الراحل في مكتبة الإسكندرية.
كان الرئيس المصري الراحل يتعامل مع "البايب" وكأنه إحدى الوسائل التي تساعده على الفهم والتفكير بطريقة جيدة، وهذا يعد أحد الأسباب التي ساعدته على اختراق مستوطنات الكيان الصهيوني في أرض سيناء، وذلك وفقًا لكلام العديد من الخبراء بأن العقل حينما يتمتع بالراحة فقد ينتج أفكارًا غير متوقعة، ومتحف الرئيس الراحل أنور السادات من بين 4 متاحف فى مكتبة الإسكندرية، تشمل الآثار، والمخطوطات، والعلوم، وتأسس فى فبراير 2009، وافتتحته قرينة الرئيس الراحل جيهان السادات.
ففي المتحف الموجود بمكتبة الإسكندرية تجد "البايب" الخاص بالرئيس الراحل، والعصا، والجلباب التى اشتهر بها، وملابسه العسكرية، والأوسمة والنياشين، التى حصل عليها على مدار حياته، وعلى جدران المتحف علّقت العديد من الصور تشمل مراحل مختلفة في حيات البطل الراحل، من النشأة وحتى الرئاسة، وزيارة القدس، وكامب ديفيد، والاغتيال فيما بعد.
ولكن "سلاكات" البايب لم تكن بين المتعلقات التاريخية التي احتوى عليها المتحف للرئيس الراحل، بل أهدتها "رقية" كريمة السادات لفنان الكاريكاتير الشهير "عمرو فهمي" تقديرًا لفنونه الراقية التي اشتهر بها على مدار حياته،
ولكن ما ورد عن الراحل في الكتب التاريخية التي ترصد حياته، أنه كان مكبًا على كل أنواع المزاج مثل غيره من الرؤساء السابقين؛ وذلك نتيجة تغلغله في الحياة الشعبية لسنوات ما قبل الثورة.
وذكر الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل، في كتابات له، أن الرئيس محمد أنور السادات، كان يوميًا يشرب كأسًا من الفودكا مع تناول "البايب" على سبيل الاستشفاء والتركيز في الأمور السياسية التي تتعلق بالدولة، ما أثار جدلاً على الساحة في تلك الآونة، وظهر العديد من الدعاة الإسلاميين معارضين لذلك واعتبروه سُكرًا، بينما وصفه معارضوه من اليساريين بـ"الحشّاش"، مُدعين بذلك تدخينه للحشيش, وقد غنى الشيخ إمام من كلمات أحمد فؤاد نجم ما يفيد ذلك، أما فيما يخص التدخين فقد كان السادات كثيرًا ما يظهر بالبايب ليُدخن أجود أنواع التبغ الأمريكى.