لم تعلم الفتاة المسكينة أنها ستكون ضحية العادات والتقاليد التي تمارسها عليها والدتها، من خلال كشف أغلى شيء لدى كل فتاة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط بل تكون الأم هي السكين الذي ينهي حياة طفلتها وذلك بناءً على جهل ترسخ في عقولهن.
تحتفل اليوم العديد من الدول باليوم العالمي لرفض ختان الإناث، خاصة الفتيات اللاتي تذهب أرواحهن ضحايا تلك العادات، والجهل الذي ينساق من قديم الأزل، ظنًا منهن أنهن بذلك يعملن على حمايتها، لكن ذلك يعمل على زيادة أشكال الجريمة في حق الفتيات من أضرار جسيمة، ومنهن من تزهق أرواحهن، بسبب زيادة الإهمال، وبسبب جرائم ترتكب تحت مسمى الدين لكنها في الواقع هي جرائم ليس لها أي دليل طبي، وتعتبر جرائم تندرج تحت مسمى "تحت بير السلم".
وشغل هذا النوع من الجرائم الساحات دائمًا، فهذا يدل على أن من ترتكبها تسعى لقتل طفلتها، وتعتبر هي السكين الذي يقتلها، فالظاهر أمامنا هو الطفيف أما ما خفي كان أعظم.
كانت هذه أبشع الجرائم التي أخذت البراءة معها وكانت ضد الطفولة ترصدها "بلدنا اليوم" في اليوم العالمي لرفض ختان الإناث.
تعتبر عملية "ختان الإناث" هي الجريمة التب يهرب القائمون عليها منها، وذلك بعد إعلان وزارة الصحة والسكان عن بدء تفعيل تعديلات قانون ختان الإناث، الذى يقضى باعتباره جناية يعاقب عليها القانون بالسجن من خمس إلى 7 سنوات.
وفي نظرة سريعة حول عدد ضحايا الختان كشف لمجلس القومى للسكان فى وقت سابق عن مجموعة من الأرقام المفزعة حول الختان، حيث وصل معدل ختان البنات وسط السيدات اللاتى سبق لهن الزواج فى عمر الإنجاب بين 15 و49 سنة هى 92%، والختان للبنات أقل من 15 سنة هى 61% بواقع أن أغلب حالات الختان تتم فى عمر الـ 10 سنوات، وهناك حالات نادرة يتم لها العملية فى سن مبكر قبل 6 سنوات، وكانت الكارثة الكبرى التى أعلنت من قبل المجلس القومى للسكان هو أن 82% من عمليات الختان الإناث يجريها أطباء.
"بدور"
أشهر حالات الختان التي هزت قلوب وعقول المجتمع، وكانت أولها الطفلة "بدور"، 12 عامًا، من المنيا، والتي تعتبر أول فتاة من 9 سنوات تقوم بتحريك السكون والمياه الراكدة حول قضية الختان، حيث توفيت هذه الفتاة بسبب جرعة مخدرة زائدة، وجاء ذلك فى نفس اليوم التى احتفلت به بحصولها على أعلى الدرجات فى الشهادة الابتدائية، حيث دبرت الأم والخالة وإحدى الجارات خطة محكمة لإجراء عملية الختان للفتاة، ومن طاقة رفض دفين بداخلها تمنت الفتاة الموت قبل أن يقوم الطبيب المجرم بإجراء العملية لها، حيث توفيت بعد دقائق قليلة من إعطائها المخدر، وبدأ جسمها ينتفض ويفارق الحياة، ووفقا لتقرير الطبيب الشرعى الذى أوضح أن جرعة المخدر كانت أكبر من أن يتحمله جسد طفلة ضعيف مما أدى لوفاتها.
"دينا"
ورغم تحذير وخوف الطفلة "دينا" من الموت وحديثها مع والدتها، إلا أن والدها أصر على ختانها، وبمجرد إجراء العملية نزفت الفتاة بصورة كبيرة، وبالرغم من أصوات الصراخ والاستغاثات التى أطلقتها الطفلة إلا أنها من تجد من ينقذها، وصرحت الأم أمام محكمة الأسرة بزنانيرى، قائلة: "ماتت وهى تستغيث خوفا منا قتلناها".
"سهير"
أما الطفلة "سهير" لم تختلف عن سبيقاتها من ضحايا الختان فتوفيت فى شهر يوليو الماضى بمركز أجا بمحافظة الدقهلية، وكانت درجة التوعية المجتمعية قد زادت، وهو ما أدى إلى القبض على الطبيب الذى أجرى العملية ووالدها الذى وافق على العملية، وظنت هنا جمعيات ومؤسسات مناهضة الختان أنهم اقتربوا من تحقيق هدفهم وهو الحكم على طبيب قام بهذا الفعل حتى يكون عبرة لغيره، إلا أن المحكمة حكمت عليهم بالبراءة نظرا للقتل الخطأ والتصالح بين الطبيب المتهم وولى أمر الطفلة المتهم أيضا فى نفس ذات القضية.
وفسر رجال القانون وقتها هذا الحكم على أن عدم شدة القانون ونكران الطبيب ووالد الطفلة لعملية الختان والتزامهما بجملة أن الطفلة كانت مريضة بزوائد جلدية فى عضوها التناسلى سبب لها حكة شديدة مما أدى إلى موافقة الأهل على إجراء عملية لإزالتهم، وحدوث الوفاة جاءت بسبب حساسيتها من أحد الأدوية المسكنة التى أعطاها الطبيب لها.
"ميار"
لم يفرق الإيمان بالختان بين متعلم أو جاهل، فكل منهم يسعى لأرتكاب جرم في حق تلك الفتيات ، وذلك بناء على أعتقاد واحد فقط ، حيث قادت ممرضة من السويس بابنتها التى تدعى "ميار" إلى الموت بسبب جملة "الختان عفة وراحة للبنت"، ووافقتها الرأى طبيبة بالسويس وقاما بإجراء الجريمة بأحد المستشفيات الخاصة بمحافظة السويس، ولكن الطبيبة قتلت الفتاة لعدم سيطرتها على النزيف الذى حدث للفتاة، ورغم سجن الأم والطبيبة والطبيب المخدر ومدير المستشفى إلا أن المحكمة مؤخرا أفرجت عنهما بشكل مؤقت وانتظار الحكم فى الجلسة المقبلة.
"ندى"
ومن خلال التحقيق تبين أن الطفلة "ندى . م . م " كانت تعانى من نزيف نتيجة ختانها وأقرت والدة الطفلة أن ممرضة قامت بختانها فى المنزل، عن طريق رش مخدر موضعى على فرجها، وأزالت بعض أجزائه بواسطة موس حلاقه.
وقال التقرير أن الطفلة حضرت إلى مستشفى الإسماعلية الجامعى تعانى من نزيف فى المهبل نتيجة جرح قطعى فى الشفيرين الخارجيين، وبالكشف تبين أن الجرح الأيمن ملتئم والأيسر غير ملتئم وبه جرح قطعى 2 سم.
في تصريح من الخبير القانوني "محمد الزقازيقي" عن عقوبة مرتكبي جرائم ختان الإناث، قال إن ذلك يحدث دائمًا فالكثير من الحالات لم نسمع عنها وهذا يعتبر إهمال في حقوق تلك الأطفال، وذلك ما تنص عليه قانون العقوبات المصرى رقم 78 لسنة 2016 ممارسات ختان الإناث فى المادتين 242 مكرر و 242 مكرر (أ) في قانون العقوبات، حيث حدد المشرع مادتين بقانون العقوبات على ممارسي ختان البنات وهما المادتان 242 مكرر و242 مكرر(أ) وتنص المادتان على السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز السبع، لمن مارس الختان، والسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز السبع إذا أفضى الختان لعاهة أو الموت، والسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز الثلاث لكل من طلب ختان أنثى.