الزمان 11 ديسمبر عام 2016، المكان كاتدرائية القديس مرقس في الكنيسة البطروسية بالعباسية، حيث الأصوات العالية التي تتغنى بالكتاب المقدس، والصلوات الطويلة التي يصطف لها العديد من البشر داخل الكنيسة، وعلى الجانب الآخر أطفال يهرولون خلف بعضهم في ساحة البيت المقدس، المشهد هادئ تمامًا والأجواء على ما يرام كعادتها.
لم يدوم هذا الحال طويلًا في قداسة يوم الأحد بذلك العام سالف الذكر، بل انقلب رأسًا على عقب في لحظاتٍ قليلة، إثر هجومًا إرهابيًا شنه تنظيم «داعش الإرهابي» راح ضحيته 29 شخصًا وأصيب 31 آخرون، فالأجواء امتلئت ببكاء الأطفال الصغار، وتفرقت الحراسة من أمام المبنى، والحوائط المقدسة أصبحت مُلطخة بالدماء، حتى عاد المكان هادئًا مرة ثانية، ولكن بهدوء القتل والغدر الذي اتسمت به الجماعات الإرهابية، واستطاعت أن تسيطر على المكان من خلاله.
لم ينسى الجميع الخطاب الذي أكد خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء مشاركته في مراسم الجنازة الرسمية لشهداء الحادث، أن جموع الشعب المصري يعيشون في حالة من الحزن والألم بسبب هذا الحادث الغاشم الذي استهدف الكنسة البطروسية بالعباسية، معلنًا عن هوية منفذ الحادث وهم "تنظيم داعش الإرهابي" الذين تبنوا هذا التفجير.
تبين خلال التحريات والتحقيقات التي جريت، أن الذي نفذ هجوم كنيسة العباسية في عام 2016، هو محمود شفيق محمد مصطفى عبد المنعم، وفقًا لصحيفته الجنائية، حيث تبين أنه مقيم قرية عطيفة مركز سنورس بمحافظة الفيوم، وصادر ضده حكم بالحبس عامين فى القضية رقم 42709 لسنة 2014 جنح مستأنف قسم الفيوم، تبين أن المتهم من مواليد 10 أكتوبر 1994، وانضم للجماعات الإرهابية منذ عدة سنوات وسبق له التورط فى أعمال عنف.
عقب وقوع الحادث بأيام قليلة، أجرت "بلدنا اليوم" حوارًا مع جيران وأهل الإرهابي محمود شفيق المتورط في الحادث الدموي، روي "ر.أ م " أحد جيران الإرهابي، أن شفيق ملقب: "أبو دجانة الكناني" والده متوفي كان يعمل مساعد قوات مسلحة على المعاش "متطوع "، وتم فصله من الخدمة لسرقة التعيينات وتم سجنه سنتين وبعد ذلك تم فصله من الجيش.
وأضاف أنه توفي بعد خروجه من السجن بسنتين وكان يمر بظروف صعبة هو وعائلته.
القلب وحنان الأم الذي اتسم به جميع الأمهات، جعل والدة شفيق تدافع عنه في البداية، حيث أعلنت خلال لقائها مع "بلدنا اليوم" أنها لم تتأكد حتى الآن من كون ابنها هو المتسبب في تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، وأنها تكذب رواية الشرطة بخصوص اتهام نجلها بتفجير الكنيسة.
وأضافت: "ابني معرفش عنه حاجة من أكثر من سنة، وأخوه هو من يتولي الإنفاق على المنزل، والذي أنهي خدمته العسكرية منذ خمسة شهور، ويعمل سائق "توكتوك" وله أخ آخر التحق بالجيش ولكن تم القبض عليه منذ أشهر خلال أجازة له، ويدعي محمد.
وكانت والدة الإرهابي المفذ، أكدت أنه من مواليد شهر أكتوبر لعام 1995، وطالب بالفرقة الثانية بكلية العلوم بجامعة الفيوم، وقد تم القبض عليه منذ سنتين، في قضية تظاهر، وتم الإفراج عنه، في حين نفت الأم نسبة التهمة لابنها وما صدر ضده من أحكام.
وأضافت السيدة الستينية، أن "محمود" ترك المنزل منذ سنة، وسافر إلى السودان ومن يومها لم تصلها أي أخبار فيما يخصه، ولم يعد إلى المنزل من حينها حسب رواية الأم، في حين نفت كذلك انتمائه لجماعات إرهابية أو تكفيرية، أو صداقات مشبوهة مع أحد عناصر هذه التنظيمات.
التحقيقات التي أجرتها الحكومة المصرية، في هذا الحادث الدموي، كذبت جميع تصريحات الأم، وأكدت أن الذي نفذ التفجير هو الإرهابي، محمود شفيق، وقد انضم إلى جماعة تنظيم داعش الإرهابي، حيث نفذ من خلال عبوة ناسفة تزن 12 كيلو جرام، وكانت هذه المرة هي الأولى من نوعها يتم فيها تفجير هذه الكنيسة، وقال التنظيم أن التفجير تم بحزام ناسف ارتداه محمود شفيق محمد مصطفى ويكنى يأبو دجانة الكنانى يبلغ من العمر 22 سنة.
وقال "مصطفي ع. م"، أحد جيران مفجر الحادث، أنه المتهم بالتفجير لا ينتمي إلى أي جماعة وهو مدخن وكل ما هنالك أنه كان ملتزم ومتدين ولكن ليس لحد الذي يجعل منه مجرمًا، وأشار إلى أنه لم يزور قريته العطفي بمركز سنورس منذ أن خرج من القضية عام 2014، ولكنه كان دائم الاتصال بوالدته.