«سيبني أنام براحتي».. إهمال طبيب يقتُل أرواح بمنيا القمح

الخميس 06 ديسمبر 2018 | 10:41 مساءً
كتب : عبدالرحيم بيرم

تواصل الدماء نزيفها ويتواصل معها إهدار الأرواح الأبرياء في بعض المستشفيات الحكومية، مستشفياتٌ تكاد تقترب عدد المتوفيين منها أكثر من الناجيين بها وأصبحت عاملاً يوازي في تأثيرها السلبي كتأثير المرض على المرضى.

 

مستشفيات تسابقت فيما بينها علي الأكثر تسببً للحوادث وأكثرهم أضراراً بالمرضي فلا يمر يوم ألا ونسمع بأحدي الحوادث التي ترتب عليها فقدان إحدهم لإمً أو أخً أو أحد إعزائه بسبب واقعة تقصير أو إهمال.

 

ويبدو أن مستشفي منيا القمح تتسابق في ريادة هذا الشأن مع مثيلاتها من المستشفيات الحكومية، فالحادثة الأخيرة ليست إلا حلقة في سلسلة حوادث سابقة للمستشفى تعددت أسبابها وتعددت معها إجراءات قيادات الصحة بالمحافظة تجاه المسؤلين بالمشفى بين إيقاف عن العمل وإحالة للتحقيق.

 

إجراءات لم تنجح في إبقاف نزيف الدماء، نزيف كان أخر ضحايه وفاة إمرأة وطفلها الحامل به في رحمها نتيجة إنفجار الرحم والطفل بداخله جراء الإهمال من قبل الطبيب المسؤل بالمستشفى.

 

"سيبني أنام براحتي"

هكذا أخبر الطبيب المسؤل بالمستشفى شقيق الضحية عندما إتى إليه راكضاً لإنقاذ شقيقته التي دخلت في مخض الولادة، يواصل محمود محمد أحمد، شقيق المتوفاة، رواية قصة وفاة شقيقته قائلاً أنها ذهبت برفقته إلي المستشفي بحالة صحية جيدة لمقابلة أحد الأطباء للتأكد من وضع الجنين.

ليعطيها أحد الأطباء هناك "إبرة الطلق" وما هي إلا دقائق ليصفر وجهها ويعلو صراخها وتبدء حالتها في التدهور ليركض شقيقها إلي الطبيب المسؤل عن الولادة في المشفي طالباً منه المجئ لإسعافها قائلاً "الحقنى يا دكتور انت نايم ومراتي بتموت الحقها" ليجيبه الطبيب  بالنص وبينما هو نائم في مكتبه "متدخلش في شغلي وسيبني أنام براحتي".

لتبقي المريضة على هذه الحال حتي إنفجر رحمها من كثرة ضغط ألام الولادة بداخله نتيجة عدم البدء بأجراءعملية الولادة مباشرة.

ليؤكد شقيقها دخولها لغرفة العمليات أخيراً بعدما أفاق الطبيب أخيراً من قيلولته، ولكن بعد فوات الأوان فالمريضة توفيت في غرفة العمليات مع طفلها نتيجة حالتها الحرجة التي وضعها فيها هؤلاء الأطباء.

لترقد جثتها في ثلاجة المشرحة بجوار من سبقوها إلي هذا المكان المظلم نتيجة الإهمال القاتل، ليعلق الأخ قائلاً "ربنا ينتقم منهم يتموا عيالها وضيعوا أسرة كاملة.. أنا عايز حق أختي وبطالب الإعلام يقف جنبنا".

 

ردود فعل المسؤلين

تلقي اللواء عبد الله خليفة مساعد الوزير لأمن الشرقية، إخطاراً من اللواء محمد والي مدير المباحث الجنائية، يفيد بتقديم إحدي المواطنين بلاغ يتقدم فيه بشكوي مستشفي منيا القمح بالإهمال وقتل زوجته أثناء توجهها للمستشفي للكشف علي الجنين وإجراء عملية قيصرية إذا أقتضي الأمر.

لينتقل على أثر ذلك وكيل وزارة الصحة بالمحافظة وبرفقته مدير الإدارة الصحية ولجنة من الإدارة الصحية للتحقيق في الواقعة.

ليقرر الدكتور الوكيل بعد ذالك إيقاف 3 أطباء بمستشفى منيا القمح المركزي "الأخصائي وطبيب مقيم وآخر لكدة ثلاثة أشهر عن العمل تحت التحقيق مع تحويلهم للنيابة العامة، على خلفيةحادثة الوفاة والتحفظ على الملف الطبي للمرحومة.

 

نتائج أولية

بينت التحقيقات الأولية السابقة عدم وجود الأخصائي والطبيب المقيم في المشفي وقت الحادثة ووجود طبيب مقيم آخر غير مقيد بالنوبتجية، وليتم إعداد مذكرة بالمفردات السابقة، وعرضها المحافظ الدكنور محمود غراب، نتائج تطرح علامة استفهام كبيرة عن كيفية إداراة المستشفيات الحكومية وقدرة أيً كان علي الولوج إليها والعمل بها كطبيب دون أن يسجل كعاملاً بالصحة.

 

ليست الحادثة الأولى في المستشفى

المشفي التي توالت فضائح الإهمال الطبي عليها لم تتمكن الإجراءات المتخذة من المسؤليين تجاه مسؤليه من إيقاف الإهمال به فقبل تلك الحادثة إشتهر المشفي بعدة حوادث أخري.

أبرزها واقعة الطفلة المصابة التي تلقت علاجا خارج المستشفى، وضعوها على نقالة غير آدمية وركبت لها المحاليل بشكل خاطئ كل هذا في فناء المشفي وسط بيئة غير طبية، الحادثة التي جعلت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد إلي إحالة مدير المشفي السابق للتحقيق لإتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضده.

كما سبق في نفس المحافظة وقوع حادثة إهمال أخري في القريب وهي وفاة "محمد مدني" أحد المرضى النفسيين بوحدة عناية القلب المركزة بمستشفى الزقازيق الجامعي بعد إخراج المريض عنابر مستشفى منيا القمح بعد مكوثه عدة أيام دون طعام أو شراب، ويبقي السؤال الأهم مطروحاً متي ستصبح مسشتفيات الحكومة من متسبب في إنهاء حياة الوافدين إليها إلي منح الحياة لهم سؤال يبدو أن إجابته لن تكتب في القريب العاجل فبينما ينتظر المصريين بفارغ الصبر بشائر خطة التأمين الصحي لتطوير المستشفيات الحكومية والقضاء علي العجز واللإهمال بها يقف الإهمال علي الجانب الأخر حاصداً لاإرواح المرضي في حوادث أصبح وقع سماعها أمراً معتاد علي أذاننا.