”قتلوا الطموح“.. شبح الوظائف الوهمية يحطم أحلام الشباب

الاربعاء 12 سبتمبر 2018 | 10:32 صباحاً
كتب : أميرة زنباع

بعد إنهائهم مرحلة التعليم، يخرج الشباب إلى سوق العمل حالمين وكلهم طموح إلى الحياة العملية، حيث يبقى الشغل الشاغل لهم هو البحث عن وظيفة مناسبة حتى يتمكنوا من توفير متطلبات الحياة من تكاليف الزواج أو الإنفاق على الأسرة، إلا أنهم قد يقعون ضحايا لاستغلال شركات التوظيف الوهمية التي تلعب بطموحهم وتنصب عليهم وتجني أموالًا طائلة من وراء المتاجرة بأحلامهم.

 

 انتشرت الاعلانات المزيفة والحسابات الوهمية  لشركات التوظيف على الإنترنت خلال السنوات الأخيرة، وخاصة موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بنية مساعدة الراغبين في الحصول على عمل داخل مصر وخارجها، وعادة ما تحمل هذه الاعلانات وظائف متميزة ورواتب خيالية في كل المجالات، وتبدو للوهلة الأولى لمن يراها أنه أخيرًا قد وجد الشغل المناسب، لكنه يصطدم بالواقع الأليم.

 

بعض الشباب الذين وقعوا في فخ شركات التوظيف الوهمية أبدوا استيائهم من شركة تدعى "كابيتال أكاديمي" التي تتربح الكثير من المال من خلال النصب عليهم، حيث سبق أن أصدر مركز التعليم المفتوح بجامعة عين شمس بيانًا تحذيريًا في العام الماضي أكد خلاله عدم وجود صلة له من قريب أو بعيد بالإعلان الخاص بمركز كابيتال أكاديمي المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهذا المركز تحت مسمى منحة جامعة عين شمس للغة الإنجليزية والمرخص له من وزارة التجارة والصناعة.

 

وأضاف مجلس مركز التعليم المفتوح بالجامعة، أنه سيتخذ الإجراءات القانونية ضد المركز المذكور.

 

أميرة محمد، 23 عام، قالت إنها رأت إعلانًا منشورًا من قبل بعض الصفحات عن توفير فرصة عمل لأصحاب المؤهلات العليا، وبالاستفسار من صاحب الإعلان تبين أنه لابد من الحضور إلى مقر شركة "كابيتال أكاديمي" بالمعادي وفي مقر الشركة وجدت أميرة، عدد كثير من الشباب هناك جاءوا مثلها أملًا في الحصول على وظيفة.

  وقالت أميرة، إن السكرتيرة سألتها ما مؤهلاتك وكم عمرك وأين تُقيمي، ثم طلبت منها دفع 400 جنيهًا رسوم لأخذ كورس مدته ثلاثة أيام يؤهلها إلى الوظيفة المطلوبة وهي الدعم الفني في شركة أكسيد.

 واستطردت  قائلة " بعد ماعدوا الثلاثة أيام قال لي أحد النصابين هيبقا في انترفيو الاسبوع الجاي في الشركة روحي هناك ولما رحنا شركة أكسيد وعملت الإنترفيو ومأخدناش الوظيفة اللي قالولي عليها ولما سألت شركة أكاديمي الوهمية قالولي أحنا ملناش دعوة".

 

      

 سوشيال ميديا وكول سنتر

اتنصب عليا من مكاتب توظيف كتيرة"  بهذه الجملة بدأت هبه محمود، حديثها موضحة "شركات توظيف كتيرة محتالة أوهمتني بالعمل، ومنها شركة "البداية" في المنصورة.

 وقالت أنها قرأت بوست على صفحة مجهولة الهوية تطلب فيه شباب من الجنسين لوظيفة كول سنتر وسوشيال ميديا، وعندما ذهبت هبه إلى مقر شركة التوظيف وجدتها في مكان متطرف وبعيد عن الحياة السكنية.

 وفور دخولها المكتب قال لها أحد العاملين هناك أن هدفه هو القضاء على البطالة والشركة تعمل بترخيص فلا داعي للقلق، حتى يوهمها بصدق الشركة وجديتها في مساعدتها، ثم طلب منها مائة وخمسون جنيهًا رسوم فتح أبليكيشن.

 وبعد ذلك تفاجأت هبه، بالوظيفة، وهي أنهم أبلغوها أنه سوف يتم تدريبها لفترة معينة بدون أجر على كيفية صياغة إعلانات على صفحات الفيس بوك، مضمونها "مطلوب شباب سوشيال ميديا  كول سنتر براتب ٢٠٠٠ جنيه".

 وتابعت "وظيفتي ان أنا أعمل صفحة وهمية وأكتب عليها إعلانات حتى يتم استقطاب الشباب إلى الشركة للنصب عليهم وتحصيل مبالغ مالية منهم، فأنا موافقتش أشتغل كدا ولما طلبت الفلوس اللي دفعتها مردوش يدوهالي".

 

 

وهم الخارج

 إيهاب عصام، شاب في مقتبل العمر، حلمه أن يلتحق بأي وظيفة للانفاق على أسرته، وبينما يتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" رأى إعلان عن توفير عقود عمل في الخارج من قبل شركة "المشرق العربي" وبالتواصل مع الشركة قالوا له سوف تعمل بائع في ماركت في دولة الامارات.

وتابع إيهاب أن الشركة طلبت منه ٥٠٠٠ جنيهًا لإمضاء عقد العمل وأبلغوه باحضار بقية المبلغ لاستلام التأشيرة والسفر بعد ١٠ أيام، وبعد مرور المدة ذهب إيهاب إلى مقر الشركة ووجدها مغلقة.

 

 

مصانع فشنك

ظهر الأسى على وجه حسام حسن، أثناء سرد قصته مع شركات الوهم فكانت البداية عندما أبلغه أحد أصدقائه أنه "مطلوب عمال لمصنع تكييفات" ففرح أنه أخيرًا وجد مصدر رزق للإنفاق على أسرته، وتواصل الشاب مع شركة "عمال مصر" صاحبة الإعلان وفي مقر الشركة أعطاه أحد العاملين استمارة ملئ بيانات وأخد منه 200 جنيهًا، وقالوا له انتظر مكالمة هاتفية بعد عدة أيام ولم يتواصلوا معه وعندما ذهب مره أُخرى إلى مقر الشركة أبلغوه أنه تم غلق باب التعيينات بالمصنع.

ونصح حسن، الشباب بعدم تصديق سركة "عمال مصر" لأنها توهمهم بالعمل بمصانع ليس لها أساس على أرض الواقع.

 

 

حُجة الدورات

ولم يقتصر الأمر على مكاتب التوظيف فقط بل يوجد بعض الأماكن التي تُنصب نفسها مكانًا معتمدًا في اعطاء الدورات التعليمية، ويقول حمزة علي، ٢٢ عام: "شفت بوست منزلاه شركة English learn عن كورس إنجليزي ومعاهم أيلتس وفوناتكس بشهادة معتمدة وتواصلت معاهم وجالي شخص سلمني الكتب ومعاها ٣ DVD وأخذ ٧٠٠ جنيهًا ومشي، والمفروض بعد كدا يكلموني ونتابع مع بعض الدراسة أونلاين بس طبعا محدش كلمني وبرن عليهم محدش بيرد".

 

الوزارة  ترد

وبشأن هذا الأمر أشار هيثم سعدالدين، المتحدث الإعلامي لوزارة القوى العاملة، إلى أن الوزارة قامت بعمل قائمة بالشركات المرخصة والاعلان عنها حتى لا يكون الشباب عرضة للنصب.

 

أضاف سعد الدين، أن الوزارة تعمل على التصدي لمثل هذه الشركات الوهمية، وذلك عن طريق فحص سجلات شركات التوظيف المسجلة بالوزارة لعمل قائمة بأسماء الشركات المرخصة ليتعامل معها الشباب، وغير المرخصة لتحذيهم منها.

 

 

إعلانات أسبوعية

وأوضح المتحدث الإعلامي، أن الوزارة تنشر اعلانات أسبوعية تأتي إليها من الشركات التي تتيح وظائف  لمساعدة الشباب في الالتحاق بفرصة عمل مناسبة  سواء في الداخل أو الخارج.

وتابع سعدالدين، أن الوزارة ترد على أي شكوى تأتي إليها من الشباب الذين تعرضوا للاستغلال واحالتها للجهات القضائية والتحقيق فيها.

 

 

الشركات مرخصة

قال الدكتور أحمد مهران، رئيس مركز الدراسات القانونية والاستراتيجية، إن شركات التوظيف ليست وهمية ومُرخصة من الدولة وتخضع لرقابة وزارة القوى العاملة.

وأكد مهران، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن المشكلة تكمن في أن هذه الشركات لم يتوفر لديها وظائف نتيجة عدم عرض أصحاب الشركات فرص عمل حقيقية ومع تزايد البطالة بدأت تلك الشركات في البحث عن حيل قانونية للتربح والحصول على الأموال من الناس لزيادة مواردها.

وأشار رئيس مركز الدراسات القانونية والاستراتيجية، إلى أن شركات التوظيف تستغل طبيعة نشاطها وهو توفير فرص عمل ويقوموا بأخذ رسوم "أبليكيشن" من المتقدم على وظيفة والتي يختلف قدرها المالي من شركة إلى أخرى.

وأضاف مهران، أن شركات التوظيف لا يقع عليها أي تهمة لأنها لا تجبر أحدًا على دفع المال، منوهًا بأن القانون لا يحمي المغفلين.

 

 

تقصير الوزارة

أكد النائب عبد الرازق الزنط، أمين سر لجنة القوى العاملة بالبرلمان، على تقصير وزارة القوى العاملة في مراقبة شركات التوظيف التي تقوم بالنصب على الشباب والمتاجرة بطموحاتهم.

وأضاف الزنط، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن لجنة القوى العاملة بصدد تقديم مشروع قانون في دور الانعقاد الرابع للبرلمان المقرر بدايته في شهر أكتوبر المقبل، وذلك لعمل ضوابط وضمانات لحماية حقوق الشباب من شركات التوظيف بحيث لا يتلقى الشباب وعودًا مزيفة ولم تُنفذ، لافتًا إلى أن القانون سيتضمن عقوبات رادعة تصل إلى الحبس.

وأوضح عضو مجلس النواب، أنه سيتم عمل حوار مجتمعي بين الشباب الذين تعرضوا للنصب من خلال شركات التوظيف ووزارة القوى العاملة وأصحاب الشركات بالإضافة إلى وزارة الشباب والرياضة واتحاد العمال، وذلك قبل عرض مشروع القانون على البرلمان.

 

وتابع أنه تم اعداد مشروع القانون للتصدي لنصب شركات التوظيف والذي جاء على غرار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية لحماية الشباب من استغلال مكاتب العمل واستنزاف أموالهم.

 

 

الوعي والرقابة

وفي ذات السياق قال النائب جمال عفيفي، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، إنه يجب على الشباب أن يكونوا واعين بما يكفي حتى لا يقعوا فريسة شركات النصب التي تستغل ظروف الباحثين منهم عن عمل.

وأوضح عفيفي أننا لا نعلم شيئًا عن هذه الشركات وسنقوم خلال دور الانعقاد الرابع بسن التشريعات التي تحمي حقوق هؤلاء الشباب وتقوم بالرقابة على الشركات المرخصة وغلق غير المرخصة التي تلعب بأحلام الشباب حتى نحمي حقوق الطرفين.

 

 

العقوبة بالحبس

أما الدكتور فؤاد عبدالنبي، الفقيه الدستوري، فقال إنه إذا كانت شركات التوظيف مُرخصة من القوى العاملة وقامت بالنصب على الشباب فإنها تدخل تحت بند النصب والاحتيال وتخضع للجريمة المعاقب عليها في الماد ة336 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، والتي تنص على أنه يُعاقب بالحبس كل من يستولى على نقود بالاحتيال أو استعمال طرق احتيالية لإيهام الناس بمشروعات كاذبة.

وأوضح عبد النبي، أن المادة 28 فقرة (ب) تنص على تولي الدولة تنظيم القطاع الخاص وتأهيله، مشيرًا إلى أن حماية الشباب من الشركات النصابة تعد مسئولية الدولة.

 واختتم بأن وزيرة القوى العاملة ورئيس الوزراء وكل أجهزة الدولة المعنية يقعوا تحت المسائلة القانونية لأنهم مسئولين عن رعاية الشعب وفق ولاء القسم، مطالبًا البرلمان بتشريع قوانين لمحاسبة الشركات التي تنصب على المواطنين.

 

موضوعات متعلقة..

نائب برلماني: سيتم إعداد مشروع قانون للتصدي لنصب شركات التوظيف

أحمد مهران عن شركات التوظيف: القانون لا يحمى المغفلين

اقرأ أيضا