لم يتوقع "محمد جمال" الشاب العشريني أن المشهد الأخير من حياته سيكون بين نيران الغدر من بلطجية ينتمون لعصابات "مافيا الأراضي" التي أجهزت عليه بطلقة عن طريق الخطأ استقرت بجسده من أناس انعدمت فيهم الأخلاق والرجولة فالكل يتسابق لإظهار نفسه الأول وأثناء ذهاب الشاب، لم يكتفوا بالمشاجرة معه، بل تسابقوا لرفع الأسلحة البيضاء والخرطوش لإظهار قوتهم أمام بعضهم البعض، وأثناء تتطاير طلقات الخرطوش انطلقت إحداها إلى المجني عليه، لتصعد روحه إلى بارئها.
انتقل محرر «بلدنا اليوم» إلى شارع السد بعرب المعادي والتي شهد وقوع الجريمة الدموية التي ذاع صيتها أول أمس وعلامات الحزن تخيم علي أنحاء المكان، الذي بدت عليه إضاءة خافتة أمام منزل سكني صغير، وأحبال ضوئية تضىء موقع الجالسين بالرداء الأسود، والحاضرين غارقين في دموعهم لفراق هذا الشاب، أعمارهم تتراوح بين الخمسين والستين، جالسين أمام منزل المجني عليه، المنطقة تحولت إلى مأتم والوجوه يكسوها الحزن والصدمة بعد مقتل "الشاب الطيب" كما يلقبه أحد أصدقائه.
وبالقرب من منزل المجني عليه، وقف الحاج خالد عم المجني عليه وعينيه تفيض بالدموع حزنًا وهو يتمتم: "منهم لله الكفرة حرمونا من سندنا وأبننا الوحيد وكسروا قلوبنا" ووقف عم المجني عليه قليلًا وأخذ يقلب كفًا على كف قائلًا :"لا استطيع سوى أن أقول حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم الكفرة الظلمة، قتلوا ابن اخويا وهو في بداية شبابه".
وتابع: "محمد دة ابني مش ابن اخويا الكل بيحبه وكان سند أبوه ونوارة العائلة عمره ما شتم حد أو اتخانق مع حد ، محمد طالب وبيشتغل عشان يساعد نفسه ويخفف على أبوه، كان نفسنا نفرح بيه".
خطوات قليلة على مرمى بصره وكأنه لم يصدق أن نجل شقيقه قد فارق الحياة وأخذ يكمل حديثه بصعوبة من شدة الحزن قائلاً: "كان نازل يشتري فطار فكان في خناقة بلطجية مع بعض الطرف الأول بلطجية تبع مقاول بيشتري المنازل والأراضي ومشغل معاه بلطجية عشان الناس تخاف منه وبيديهم فلوس وتخانق مع بلطجية المنطقة عندنا فضربوا بعض".
فيما ذكر أحد اقارب الضحية، إن المشاجرة وقعت بسبب إنشاء منزل سكني بشارع متفرع من شارع السد القاطن بالمنطقة، وأثناء تواجد المقاول القائم بأعمال الإنشاء بالعقار، حضر له أحد البلطجية ليتحصل منه على إتاوة لإتمام عملية الإنشاء.
وتابع: "قام المقاول بالاستعانة ببعض البلطجية الذين يلجأ لهم في مثل هذه الأمور لحماية مصالحه، وتم اعتراض البلطجي الذي طلب الإتاوة، فأخرج سلاحه الناري وأطلق الرصاص بشكل عشوائي في الشارع، ما أدى لمقتل شاب تصادف وجوده بالشارع أثناء المشاجرة".
وأضاف: "كان وقع وفاته على أسرته يمثل الصدمة التي لم يستطيعوا احتمالها حيث أن والده لم يصدق ما حدث لإبنه فلم يستطع الكلام والدموع تنهمر من عيونه بدون إدراك، وشقيقتاه صراخهما يهز أركان المستشفى".
واستكمل حديثه: "محمد مالهوش في المشاكل خالص دي كان رايح يشتري حاجات لوالده فنشبت مشاجرة بين مجموعة من البلطجية بالأسلحة والخرطوش وسبب المشكلة مقاول يدعي حمام منصور بيشتري أراضي وبيوت ومعاه بلطجية بيدفعلهم عشان يحموه من بلطجية أي مكان ينزل يشتري فيه".
واستطرد أصدقاء المجني عليه: "احنا أصحاب محمد من صغره عمره ما زعل حد ومكنش بيحب يتخانق وكان دايما يقول "الخناقات أخرتها موت أو حبس".
ليعقب أحد أصدقائه: "أنا أول ما سمعت ان محمد اضرب بالنار مكنتش مصدق ازاي دة مالهوش في المشاكل حسبي الله ونعم الوكيل كان عايز يخطب وكان بيشتغل جنب المدرسة ولما أسأله ليه يقولي عايز أخفف الحمل على ابويا".
وترجع أحداث الواقعة عندما لقى شاب مصرعه، وأصيب 2 آخرين، الخميس الماضي، في مشاجرة بين طرفين بسبب خلافات مالية بينهم بمنطقة المعادي.