احتياطي النقدي الأجنبي وصل 70 مليار دولار.. ووقف تصنيع النفط يؤثر على التطور الاقتصادي.
شعبنا يعلم جيدًا أنه لا استقرار في طرابلس إلا باستقرار مصر.
يشكل النفط الليبي نحو 94% من اقتصاد ليبيا، وتحولت منطقة الهلال النفطي، إلى مكان للصراعات، هذا بجانب الطمع الفرنسي والإيطالي، للسيطرة على الثروات هناك، ما أدى إلى حدوث أزمات يصعب حلها في الوقت الحالي.
وتعرض الاقتصاد الليبي إلى عدة اضطرابات، خلال السنوات الماضية، منذ قيام الثورة عام 2011.
في هذا الصدد، حاورت «بلدنا اليوم» الخبير الاقتصادي الليبي والأستاذ بجامعة مصراتة، دكتور مختار الجديد، للوقوف على مستجدات الأوضاع، وكيف تأثر الاقتصاد هناك بسبب تلك الأزمات.
كيف ترى الاقتصاد الليبي حاليا ؟
بالرغم من المصاعب التي مر بها الاقتصاد الليبي، منذ منتصف 2013 وحتى 2017، وهي الفترة التي أغلقت فيها الحقول النفطية، لكن مازالت ليبيا بخير، فاحتياط الدولة من النقد الأجنبي، يناهز الـ 70 مليار دولار، ولكن مشكلتنا الأساسية تتمحور حول سوء إدارة موارد البلاد.
ما هو تأثير النفط على الاقتصاد الليبي قبل وبعد الثورة ؟
يعتمد الاقتصاد الليبي بالدرجة الأولى على إنتاج النفط، حيث تنتعش حالة الدولة مع زيادة انتاج البترل والعكس صحيح، وهذا الاعتماد الكلي على النفط، لن يتغير ما دمنا لم نتخذ أية خوات جادة لإحداث نقلة نوعية تشمل طفرة تنموية في الاقتصاد، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي يعرقل خطوات الاصلاح الاقتصادي.
كيف أثرت سيطرة المنظمات الارهابية على آبار النفط ؟
لا يمكننا تصنيف كل من هاجموا الهلال النفطي بالإرهابيين، فهم خليط من مجموعات مسلحة لها مصالح سياسية مشتركة، بعضها تحركت بفعل توجهات ايدولوجية معينة وآخرى بدوافع قبلية، تشكلت على ضوئها تحالفات مؤقتة، كان نتيجته الهجوم الذي شاهدناه على منطقة الهلال النفطي، الذي كبد الدولة الليبية خسائر تقدر بالملايين.
إلى أي مدى أثرت أزمة المهاجرين على الاقتصاد؟
عند الحديث عن المهاجرين غير الشرعيين، يجب أن نتحدث عن مصادر التمويل للتشكيلات المسلحة، سواء كانت المليشيات العادية أو الإرهابية، لأن العوائد المادية الخاصة بالهجرة غير الشرعية تقدر بملايين الدينارات، التي تعد أهم دعائم عدم الاستقرار في ليبيا، بحسب ما أشارت إليه تقارير الأمم المتحدة.
ما هي أهم الدول التي ستطرح استثمارات قادمة في ليبيا؟
الحديث عن الاستثمارات في ليبيا يقودنا إلى حديث المصالح، فدول كثيرة لديها مصالح كبيرة في ليبيا وعليها أن تسعى إلى دعم استقرار ليبيا، حتى تصل لأهدافها.
وتبدأ الاستثمارات من مجال النفط والكهرباء للدولة الكبرى؛ كأمريكا وفرنسا.
ولا يقتصر والاستثمار على توظيف الأموال فقط، وإنما يتعداه إلى الاستثمار في العنصر البشري أيضا واعتقد أن مصر الدولة التي يصعب منافستها في مجال توظيف العنصر البشري في ليبيا، وتحسن المناخ السياسي والاقتصادي في ليبيا سيتيح فرص عمل لملايين الأيادي العاملة المصرية دون سواها بسبب التجارب السابقة في هذا المجال على مدار العقود السابقة.
ما هي أبرز القطاعات التي تجذب المستثمرين في ليبيا ؟
أعتقد أن أهم القطاعات هو قطع النفط والطاقة عمومًا تأتي بعده القطاعات السياحية والتجارية وأخيرًا الصناعية.
حدثنا عن معدل التضخم في ليبيا خلال الخمس سنوات الأخيرة ؟
شهدت ليبيا منذ بداية 2016 وحتى الآن موجات متتالية من الغلاء وارتفاع الأسعار حيث تضاعفت الأسعار خلال ثلاث مرات تقريبًا.
ويرجع السبب الرئيسي في هذا الارتفاع إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي، فالمعلوم أن سعر الدولار في المصرف يعادل 1.40 دينار للدولار تقريبًا.
ولكنه في السوق الموزي يبلغ حاليا 7 دينار للدولار، واقترب في نهاية سنة 2017 إلى 10 دينار للدولار، ومرد ذلك يرجع إلى عدم مقدرة المصرف المركزي في ليبيا على مواجهة الطلب المتزايد على الدولار؛ بسبب إغلاق الحقول النفطية الذي كلف الدولة الليبية خسائر بلغت 110 مليار دولار في ثلاث سنوات.
كيف كان دور مصر في مساندة الشعب الليبي ؟
تتميز العلاقات بين مصر وليبيا، بأنها علاقات تاريخية خصوصا على المستوى الشعبي، وهذا ما أشرت إليه في أن مصر الدولة الأكثر مقدرة على الاستثمار في القوى العاملة البشرية في ليبيا.
وجميعنا ندرك أنه لا استقرار لليبيا ما لم يكن هناك استقرار في مصر، وبالمثل لا استقرار في مصر ما لم يكن هناك استقرار في ليبيا.
وعلاقتنا مع مصر لاتزال بخير، ونحن نؤمن بأهمية الدور المصري الفاعل والمؤثر في ليبيا.
ما هي مقترحاتك، للاستفادة من إدارة الاحتياطي النقدي الاجنبي ؟
يرجع سبب الأزمة الاقتصادية حاليًا في ليبيا هو وجود سعرين لصرف النقد الأجنبي، أحدهم سعر المصرف والآخر سعر السوق الموزاية وبفارق كبير يصل إلى خمسة أضعاف.
هذا الفارق الكبير فتح الباب على مصرعيه أمام مافيا الفساد التي تسعى إلى الحصول على الدولار من المصرف بسعر 1.40 دينار لكل دولار لتعيد بيعه في السوق الموازية مقابل 7 دينار لكل دولار وبذلك يحققون أرباح خيالية .
والحل هو تعديل سعر صرف الدولار في المصرف مقابل الدينار عند سعر جديد، ويستطيع المصرف المركزي توفير الدولار عنده لمن يطلبه ويقضي بالتالي على السوق الموزاية في خطوة مشابهة لما فعله البنك المركزي المصري في نوفمبر 2016، حينما قرر تعويم الجنيه المصري ، وهنا نحن لا نطالب بتعويم الدينار الليبي وانما إعادة تثبيته عند سعر جديد.