هل «دعم مصر» فى طريقه إلى الزوال سياسيا؟

الاحد 08 يوليو 2018 | 02:27 مساءً
كتب : سارة محمود

شهدت الساحة السياسية والحياة الحزبية فى الآونة الأخيرة العديد من الأزمات، بين تنقل عدد من أعضاء الهيئات البرلمانية لأخرى، وتقديم استقالات البعض من أحزاب ترشحوا من خلالها، وتنازل آخرين عن مناصب بشكل مفاجئ، وهو ما أثار دهشة السياسيين والنواب على أرض الواقع.

 

ويعد «مستقبل وطن» من أكبر الأحزاب السياسية على الساحة فى الوقت الحالى، والتى جاءت مؤخرًا لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى بالانتخابات الرئاسية ومساعدته فى التخلص من "الإخوان" والخروج بمصر من النفق المظلم.

 

وعلى الرغم من أنه يضم عددا كبيرا من النواب داخل ائتلاف دعم مصر، الذى يرأسه المهندس محمد السويدى، وبدلا من أن يسير "مستقبل وطن" على خطاه، فإنه حدث العكس تمامًا.

 

رحيل «الفتى المدلل»

«نحن حزب شبابى منذ اللحظة الأولى».. كانت هذه الكلمات بداية حديث محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن -الذى لقب مؤخرًا بـ«الفتى المدلل»- فى كل الخطابات التى كان يتحدث بها فى المؤتمرات.

 

ومرَّ الحزب بالعديد من المراحل قبل أن يصل لما هو عليه الآن، حيث كان فى البداية مجرد "حملة شبابية" لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حملته الانتخابية الرئاسية عام 2013، والتى خلال ساعات قليلة، استطاعت أن تجمع عددا كبيرا من التوكيلات؛ مما أكسبها حماسًا زائدًا للتطوير من ذاتها، والتوسع بضم أكبر عدد من الشباب فى ربوع المحافظات، وأن يكون له العديد من المقرات، ومن هنا فكَّر أعضاء الحملة فى تحويلها إلى حزب سياسى، وتقدموا بطلب يفيد بذلك إلى لجنة شئون الأحزاب.

 

بداية التحول

تحولت حملة مستقبل وطن فى أغسطس 2013، إلى حزب سياسى رسمى، كأول تجربة حزبية شبابية فى تاريخ مصر، يرأسه محمد بدران، الطالب الذى شغل منصب رئيس اتحاد طلبة مصر، ونجح فيه، وتفوق على نظيره الإخوانى فى ظل سيطرة الجماعة الإرهابية على حكم المحروسة، كما تلقى العديد من الهجوم السياسى، وذلك ربما يرجع إلى أنه الأصغر عمرًا بين رؤساء الأحزاب، ولكنه حقق كثيرا من الإنجازات وإلقاء الضوء عليه.

 

«كلى رضا عما اتخذته من قرارات».. بهذه الكلمات الأخيرة التى رحل بها «الفتى المدلل» عن الحزب الشبابى الذى كان يحلم به منذ البداية؛ لإعطاء مثال يحتذى للشباب عن دوره فى التسلح المستمر بالعلم، وبعد 3 سنوات متتالية فى مكافحة الإرهاب ونشر الوعى، وقف عاجزًا بين مسيرته العلمية -التى كان يريد أن يكملها- وتقصيره سياسيًا؛ بسبب عدم تحقيق ما كان يحلم به إلا جزء صغير فى ذلك.

 

قرار «بدران» المفاجئ بالرحيل، فتح النيران على الحزب، خاصة أن التوقيت تزامن مع قرب انتخابات المحليات، والذى من المقرر أن يشارك فيها مستقبل وطن بنسبة كبيرة على الساحة بما أنه من أكبر الأحزاب السياسية، ومن جانب آخر، الاستقالات الجماعية التى حلت بالحزب قبل خروج «الفتى المدلل» ورحيله عن الكيان.

 

السيناريوهات السابقة، كانت بالتأكيد تدور فى ذهن المهندس أشرف رشاد، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب فى هذا التوقيت، مما جعله أن يأخذ قرارا بالإعلان عن رسم خطوات واضحة للحفاظ على هيبته ومكانته بين الأوساط السياسية، باعتباره رئيسًا للحزب خلفًا لـ"بدران"، لحين إجراء انتخابات داخلية، وإخطار لجنة شئون الأحزاب به.

 

الكبير على خطى الأحدث

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد -بعد مرور عامين على الاستقالة- بل تكرر السيناريو مرة أخرى الآن على الساحة السياسية، ولكن هذه المرة اختلف الكيان والأشخاص أيضًا، حيث شهدت الساحة السياسية العديد من الأزمات بين ائتلاف دعم مصر بمجلس النواب، وبعض من الأحزاب السياسية، وذلك عندما بدأ تضارب الآراء والمواقف بينهم جميعا بسبب الدعوات لتحويل «دعم مصر» إلى حزب سياسى، وتوحد الأحزاب خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولكن هذا الأمر لاقى رفضا من الأحزاب لفكرة الاندماج من الأساس.

 

النواب لم يوافقوا على قرارات قيادات الأحزاب، ووقع أكثر من 50 منهم -باختلاف كياناتهم وأحزابهم- استمارات انضمامهم لـ«دعم مصر»، ومع تكرار الدعوات لتحويله إلى حزب سياسى؛ إلا أنها تقابل بتهديد الرافضين لها، بالانسحاب من الائتلاف نهائيًا، مما جعل «السويدى» يفكر بجدية فى التنازل عن رئاسة الائتلاف إلى طاهر أبو زيد، دون انتخابات واضحة وصريحة؛ بحجة أنه يسافر إلى خارج البلاد، ويجب أن يكون هناك رئيس يديره، ولكن السبب الأساسى فى ذلك ربما يكون بسبب فشله فى تحويل هدفه وحلمه إلى واقع، على الرغم من اجتماع الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان معهم بشأن المناقشة فى آليات التحويل، لقدرتهم على التواصل مع الجميع فى ربوع المحافظات.

 

اللائحة الداخلية المتحكم الوحيد

قال الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنصورة، إن اللائحة الداخلية للحزب هى من تسمح بتقديم رئيس الحزب استقالته فى أى وقت أو التنازل عنها لشخص آخر وكل ذلك فى إطار المصلحة العامة للكيان.

 

وأشار "فوزى" إلى أن ائتلاف دعم مصر، برئاسة المهندس محمد السويدى، لن يستطيع أن يكرر سيناريو حزب مستقبل وطن، لأن هناك اختلافا كبيرا من حيث الكيان أو من القوانين.

 

وأكد الخبير الدستورى أن "دعم مصر" من المستحيل أن يتم تحويله لحزب سياسى، وإنما كانت مجرد أحاديث وأقاويل فقط؛ لجس نبض القيادات السياسية.

 

حق التنازل

وفى نفس السياق، قال الدكتور فؤاد عبد النبى، الخبير الدستورى، إن القانون والدستور ينصان على أنه من حق أى شخص أن يتنازل عن منصبه الرئاسى، ولكن الأمر يتوقف على الأثر الذى ينتج عن ذلك.

 

وأوضح "عبد النبى" أن "دعم مصر" هو الكيان الصغير للأحزاب السياسية، ولذلك فالائتلاف يسير على خطى الأحزاب فى تقديم الاستقالات والتنازل عن المناصب.

 

وأشار الخبير الدستورى إلى أنه إذا تم رفض التنازل؛ فهذا يعنى أنه احتكار، والدستور ينص على عدم استخدام الاحتكار فى أى مؤسسة.

 

ائتلاف جديد بالبرلمان

قال حسام الخولى، أمين عام حزب مستقبل وطن، إن الهدف الأساسى أمامنا الآن هو جعل مستقبل وطن هو الحزب الأول على الساحة السياسية، مؤكدًا أن هناك خلافا كبيرا بين الحزب ودعم مصر.

 

وأوضح الخولى أن "مستقبل وطن" ما هو إلا حزب سياسى يعمل على أرض الواقع هدفه الأساسى هو خدمة المواطن البسيط وتخفيف العبء عنه، أما دعم مصر فهو كيان برلمانى يقوم على سن وتشريع القوانين للخروج إلى النور.

 

وأشار أمين عام حزب مستقبل وطن، إلى أنه فى حالة تحويل الائتلاف إلى حزب سيعتبر أنه حزب منافس للكيان الشبابى، مؤكدًا أننا نسعى الآن لتكوين ائتلاف الأغلبية فى مجلس النواب، وذلك لسماع صوت الشباب أكثر من ذلك.

 

غياب الوجود

قال الدكتور محمد منظور، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، إن سبب انضمامه للحزب يرجع لأنه يحمل نفس النهج والهوية، كما أن كيانه شبابى منذ اللحظة الأولى، لافتًا إلى أنه رحل عنه من قبل وعاد إليه مرة أخرى.

 

وأشار "منظور" إلى أن ائتلاف دعم مصر ليس له حزب سياسى على أرض الواقع، ولذلك ليس له وجود حزبى على الساحة، مؤكدًا أن الهدف من الدمج دائما هو البحث عن المصلحة العامة للطرفين ولذلك لا بد أن يتحقق، مع الانتماء إلى مستقبل وطن.

 

لا يوجد منافس داخل البرلمان

الدكتور مجدى مرشد، أمين عام ائتلاف دعم مصر، قال إن حزب مستقبل وطن لن يمتلك داخل البرلمان إلا 55 عضوًا فقط بشكل رسمى، لافتا إلى أن أى انضمام لعضو تم الإعلان عنه، لم يصل للبرلمان أوراق رسمية بذلك، ولذلك فنحن ائتلاف الأغلبية الرسمى داخل ولا يوجد من ينافس أمامنا.

 

أعضاء «المصريين الأحرار»

وأضاف مرشد أن حزب المصريين الأحرار لا يزال 63 عضوًا داخل المجلس ينتمون له، لافتًا إلى أن الحديث عن تحول الائتلاف إلى حزب، سابق لأوانه، لأن هناك لائحة ودستورا يمنعان حدوث ذلك، ولا يجوز أن يكون أعضاء مجلس النواب غير ملتزمين بالدستور والقانون واللائحة الداخلية.

 

فكرة غير مطروحة

أكد النائب أحمد الدمرداش، عضو المكتب السياسى لائتلاف دعم مصر، أن فكرة الانسحاب من الائتلاف وإنشاء تكتلات سياسية، أو الدخول فى أحزاب، غير مطروحة فى الوقت الراهن، لافتًا إلى أن الائتلاف هو برلمانى أُنشئ من أجل إدارة الأمور داخل مجلس النواب، مثلما يحدث فى أى دولة فى العالم.

 

وأوضح «الدمرداش» أن غياب الأغلبية من الأحزاب، ساقهم إلى فكرة تكوين ائتلافات، عبر اندماج أكثر من حزب له نفس الفكر والرؤية والأيديولوجية، تحت مسمى واحد من أجل إدارة جلسات مجلس النواب، مؤكدًا أن حزب مستقبل وطن بعد اندماجه مع جمعية من أجل مصر، ما زال موجودا داخل ائتلاف دعم مصر، ولم يتركه.

 

من المسيطر

أشار عضو المكتب السياسى لائتلاف دعم مصر، أنه أبى إنشاء أى ائتلاف مواز لائتلاف دعم مصر، مؤكدًا أن "مستقبل وطن" ضمن الائتلاف، وبالتالى فإن الأخير سيظل مسيطرا على المشهد داخل مجلس النواب فى دور الانعقاد الرابع.

 

وأشار إلى أن الفترة المقبلة ربما تشهد اندماجات بين الأحزاب، ولكن لن تكون هناك ائتلافات داخل البرلمان موازية لـ"دعم مصر".

 

أزمات مالية

ونفى الدمرداش مرور الائتلاف بأى تعثرات أو أزمات مالية، بقوله إن الائتلاف مقره فى التجمع الخامس وعلى أعلى مستوى، وله مركز إعلامى، ومكتب سياسى يدير الوضع داخله، ومقرات فى جميع المحافظات، وهو ما ينفى ما تردد بصدد مروره بأزمة مالية، وأنها لو وجدت؛ لظهرت.

اقرأ أيضا