أكد الخبير الأثري المتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر، أن اكتشاف المدينة الذهبية المفقودة في محافظة الأقصر يُعد من أبرز وأهم الاكتشافات الأثرية التي شهدها العالم خلال السنوات الخمس الأخيرة، موضحًا أن هذا الاكتشاف تم في عام 2021 على يد عالم الآثار المصري الشهير الدكتور زاهي حواس.
خبير أثري: المدينة الذهبية بالأقصر ضمن أهم الاكتشافات في العالم مؤخرًا
وأشار الدكتور أحمد عامر في تصريحات خاصة لموقع "بلدنا اليوم", أن المدينة تعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم ملوك الدولة الحديثة، واستُخدمت لاحقًا خلال حكم الملك الشاب توت عنخ آمون، ما يعكس أهمية المدينة كموقع إداري وصناعي مركزي منذ ما يقرب من 3000 عام.
وأوضح أن المدينة تقع على الضفة الغربية لمدينة الأقصر، وتُعد أكبر مستوطنة إدارية وصناعية تم اكتشافها في عصر الإمبراطورية المصرية، حيث تضم منازل شُيدت جدرانها من الطوب اللبن، يصل ارتفاع بعضها إلى نحو ثلاثة أمتار، وهي مقسمة إلى شوارع منظمة، في دلالة واضحة على التنظيم العمراني المتقدم.
وكشف "عامر:، أن أعمال التنقيب بدأت في سبتمبر 2020، حيث بدأت معالم المدينة تظهر تدريجيًا، لتكشف عن موقع أثري فريد بحالة جيدة من الحفظ، يحتوي على جدران شبه مكتملة وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، ما يعكس تفاصيل دقيقة عن أسلوب الحياة في ذلك العصر.
وأضاف أن البعثة الأثرية عثرت على نقوش هيروغليفية على أغطية خزفية لأواني النبيذ، كما تم الكشف عن عدد من المناطق داخل المدينة، منها حي صناعي جنوبي يضم مخبزًا ومناطق للطهي وأماكن لإعداد الطعام مجهزة بأفران وأوانٍ فخارية للتخزين، وكانت هذه المنطقة تخدم أعدادًا كبيرة من العمال والموظفين.
واستكمل، أن الحي الثاني، فقد تم الكشف عنه جزئيًا، ويُمثل المنطقة الإدارية والسكنية، حيث تم العثور على وحدات أكبر حجمًا ومنظمة بشكل يعكس طبيعة العمل الإداري خلال تلك الفترة.
وتابع، أن من أبرز ما تم العثور عليه هو مجموعة من الأدوات المستخدمة في الصناعات القديمة مثل الغزل والنسيج، إضافة إلى ركام من المعادن والزجاج، مشيرًا إلى أن المنطقة الأساسية الخاصة بالصناعات لم تُكتشف بعد.
كما لفت إلى العثور على دفينتين غريبتين لبقرة أو ثور داخل إحدى الغرف، بالإضافة إلى دفنة إنسانية نادرة تعود لأحد الأشخاص وُجدت فيها الذراعان ممدودتين على جانبيه مع وجود حبل ملفوف حول ركبتيه، ما يُثير تساؤلات حول الطقوس الجنائزية الغامضة في تلك الحقبة، مشيرًا إلى أنه من بين الاكتشافات اللافتة أيضًا، إناء يحتوي على نحو جالونين من اللحم المجفف أو المسلوق، مما يشير إلى استخدام المدينة كمركز لتجهيز المؤن.
كما تم الكشف عن مقبرة كبيرة لم يتم بعد تحديد حدودها، إضافة إلى مجموعة من المقابر المنحوتة في الصخور بأحجام مختلفة، والتي يمكن الوصول إليها عبر سلالم محفورة في الصخور، وهي سمة معمارية مشتركة بين المقابر في وادي الملوك ووادي النبلاء.
ويؤكد هذا الاكتشاف الأثري الهام مدى عمق الحضارة المصرية القديمة، وقدرتها على التنظيم والإدارة والتطور الصناعي، وهو ما يفتح الباب لمزيد من الاكتشافات مستقبلاً في هذا الموقع الاستثنائي.