نص كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي بحضور نظيره الفرنسي

الاثنين 07 ابريل 2025 | 12:59 مساءً
السيسي وماكرون
السيسي وماكرون
كتب : إيمان عبد الرحمن

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، وذلك في إطار الزيارة الرسمية رفيعة المستوى التي يقوم بها إلى مصر، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.

عقد مباحثات ثنائية

وصرح السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، كما وقع الرئيسان إعلانًا مشتركًا لترفيع العلاقات بين مصر وفرنسا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وشهدا التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين.

وفي ختام الاجتماعات، عقد الرئيسان مؤتمرًا صحفيًا، وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس في المؤتمر الصحفي:

"يسعدني أن أرحب بضيفي، الصديق العزيز، فخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون"، رئيس الجمهورية الفرنسية، والوفد المرافق له، في زيارتهم الرسمية رفيعة المستوى، التي يقوم بها إلى مصر، تلك الزيارة التي تجسد بجلاء، مسيرة طويلة من التعاون الثنائي المثمر، بين مصر وفرنسا في كافة المجالات، التي تحقق مصالح البلدين الصديقين. وتوجت اليوم، بالإعلان عن ترفيع العلاقات بين البلدين، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، الأمر الذي يعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون المشترك وفتح آفاق جديدة، تحقق مصالح بلدينا وتطلعات الشعبين الصديقين."

السادة الحضور،

لقد استعرضنا خلال مباحثاتنا، العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وفرنسا، وتطرقنا إلى سبل دفعها قدمًا في كافة المجالات ذات الأولوية، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز وتكثيف الاستثمارات الفرنسية في مصر. حيث أكدنا أهمية توسيع انخراط الشركات الفرنسية في الأنشطة الاقتصادية المصرية، خاصة مع الخبرات المتراكمة لهذه الشركات في مصر على مدار العقود الماضية. كما شددنا على ضرورة البناء على نتائج المنتدى الاقتصادي "المصري - الفرنسي"، الذي سيعقد اليوم، لتعزيز التعاون المشترك ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.

كما اتفقنا أيضًا على أهمية تنفيذ كافة محاور شراكتنا الاستراتيجية الجديدة، بما في ذلك الدعم المتبادل للترشيحات الدولية، وتعزيز فرص التعاون في مجالات توطين صناعة السكك الحديدية، والتدريب الفني والمهني والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وأكدنا خلال المباحثات، أهمية التعاون القائم بين مصر وفرنسا في مجال الهجرة، وضرورة دعم مصر في جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة في ظل استضافتها لأكثر من تسعة ملايين لاجئ.

وفي هذا السياق، أرحب بالدعم الفرنسي لمصر، الذي أسهم في اعتماد البرلمان الأوروبي مؤخرًا، قرار إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة من الاتحاد الأوروبي لمصر، بقيمة أربعة مليارات يورو. مما يعكس التقدير العميق للشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، ويؤكد الدور الحيوي الذي تضطلع به مصر، كركيزة للاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وفي القارة الإفريقية.

ونتطلع في هذا الإطار، إلى سرعة استكمال الإجراءات اللازمة لصرف هذه الشريحة في أقرب وقت ممكن.

الحضور الكرام،

وتناول الرئيس "ماكرون" بشكل معمق، التطورات المتلاحقة على الساحة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الوضع المأساوي في قطاع غزة. حيث أكدنا ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وإطلاق الرهائن.

كما توافقنا على رفض أية دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، واستعرضت مع فخامة الرئيس "ماكرون"، الخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار قطاع غزة. واتفقنا على تنسيق الجهود المشتركة، بشأن مؤتمر إعمار غزة، الذي تعتزم مصر استضافته، بمجرد وقف الأعمال العدائية في القطاع. وسيتعرف فخامته خلال الزيارة، على الجهود المصرية المبذولة، لحشد الدعم الإنساني للفلسطينيين في قطاع غزة. وفي هذا الصدد، أتوجه بالشكر والتقدير للجانب الفرنسي، على دعمه المتواصل للأشقاء الفلسطينيين.

السيدات والسادة،

أؤكد مجددًا، وبشكل لا لبس فيه، أن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم في الشرق الأوسط، سيظل أمرًا بعيد المنال، طالما ظلت القضية الفلسطينية بدون تسوية عادلة، وطالما ظل الشعب الفلسطيني يواجه ويلات حروب طاحنة، تدمر مقوماته، وتحرم أجياله القادمة من حقها حتى في الأمل في مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا.

وفي هذا الإطار، فقد بحثت مع الرئيس "ماكرون"، سبل تدشين أفق سياسي ذي مصداقية، لإحياء عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. مؤكدًا ترحيبي بمختلف الجهود في هذا الإطار.

السيدات والسادة،

لقد تناولت مباحثاتنا كذلك، التطورات التي تشهدها سوريا ولبنان. حيث توافقنا على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وضرورة اتسام العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية، بالعمومية وبمشاركة كافة مكونات الشعب السوري. وتم التشديد في هذا الصدد، على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية.

كما أكدنا دعمنا للرئيس اللبناني الجديد، والحكومة اللبنانية، في جهودهما لتحقيق الاستقرار وتطلعات الشعب اللبناني الشقيق، مع أهمية التزام جميع الأطراف بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ومحورية الامتثال الكامل للقرار الأممي رقم "1701"، وتطبيقه دون انتقائية.

تناولت أيضًا مع فخامة الرئيس "ماكرون"، التطورات الخاصة بملف الأمن المائي. حيث أكدت موقف مصر الراسخ، الذي يؤمن بأن نهر النيل، رابط تاريخي جغرافي، يجمع دول الحوض. ومن ثم تعمل مصر على الحفاظ على التعاون بين دول الحوض، وتتمسك بالالتزام بقواعد القانون الدولي، وتحقيق المنفعة للجميع. مع ضرورة مراعاة خصوصية الاعتماد المصري التام على مياه نهر النيل، كونه شريان الحياة لمصر وشعبها.

كما تطرقنا إلى الأوضاع في السودان الشقيق، إلى جانب التطورات الإقليمية في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي.

وقد اتفقنا في هذا السياق، على ضرورة تكثيف التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المناطق، بما يحقق تطلعات دولها وشعوبها، نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

وأكدنا على حرص مصر وفرنسا، على استعادة المعدلات الطبيعية لحركة مرور السفن في قناة السويس المصرية، وتفادي اضطرار السفن التجارية، إلى اتباع مسارات بحرية بديلة، أطول مسافة وأكثر كلفة، وذلك نتيجة الهجمات التي استهدفت بعضها في مضيق باب المندب، بسبب استمرار الحرب في غزة. وهو الوضع الذي أسفر عن خسارة مصر، نحو سبعة مليارات دولار خلال عام 2024، من إيرادات قناة السويس، إلى جانب تأثيره السلبي المباشر، على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.

صديقي العزيز، فخامة الرئيس "ماكرون"،لقد سعدت بلقائكم اليوم، وأجدد ترحيبي بكم في مصر. معربًا عن ثقتي، في أن زيارتكم، وما شهدناه من توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، بين بلدينا في مختلف القطاعات، سيمثل انطلاقة جديدة، لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر وفرنسا.

إننا أمام مرحلة واعدة، نشهد فيها توطيد أواصر التعاون، بما يحقق المنفعة المتبادلة، وفي القلب منها، تعزيز روابط الصداقة التاريخية، والمتجذرة بين الشعبين المصري والفرنسي."

اقرأ أيضا