تجري مصر مشاورات مكثفة مع الدول العربية لعقد قمة عربية طارئة في القاهرة، برئاسة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية عربية، من المرجح أن تنعقد القمة في 27 فبراير الجاري، إلا أن الموعد النهائي لم يُحدَّد رسميًا بعد.
موقف عربي موحد ضد تصفية القضية الفلسطينية
تهدف القمة إلى بلورة موقف عربي موحد يعارض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، مع التركيز على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لدعم إعادة إعمار قطاع غزة بشكل عاجل، بما يضمن بقاء الفلسطينيين في وطنهم.
وأوضحت المصادر أن هناك توافقًا واسعًا بين الدول الأعضاء حول عقد القمة، في ظل تحركات دبلوماسية نشطة داخل الجامعة العربية للتحضير لهذا الحدث، سواء على المستوى الوزاري أو على مستوى القادة.
ترتيبات الجامعة العربية واختيار الموعد
رجّح مصدر في الجامعة العربية أن يكون 27 فبراير الجاري موعدًا للقمة الطارئة، نظرًا لتزامنه مع اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته العادية، لكن القرار الرسمي لم يصدر بعد.
وفي السياق ذاته، وجّه الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، خلال زيارته إلى بيروت، دعوةً للرئيس اللبناني الجديد، جوزاف عون، لإلقاء كلمة أمام وزراء الخارجية العرب في هذا اليوم.
قمة بغداد في مايو المقبل
في سياق متصل، كانت القمة العربية الدورية مقررة في بغداد خلال مارس المقبل، لكن مصادر عراقية أكدت أن القمة الطارئة في القاهرة لن تؤثر على انعقادها، مرجحةً أن يتم تأجيلها إلى منتصف مايو المقبل.
وقد زار وفد من الجامعة العربية العاصمة العراقية مؤخرًا لمتابعة الاستعدادات اللازمة لاستضافة القمة، حيث أكد السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، أن الزيارة كانت إيجابية وشملت مناقشات مع المسؤولين العراقيين لضمان نجاح القمة.
من جانبه، شدد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على أهمية عقد القمة في بغداد في ظل التحديات التي تواجه المنطقة، معتبرًا أنها فرصة للجامعة العربية لاتخاذ مواقف واضحة تجاه القضايا الإقليمية، وعلى رأسها الوضع في غزة ولبنان وسوريا.
ترحيب بحريني ودعم لعقد القمة الطارئة
أعرب وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، عن دعم بلاده لعقد القمة الطارئة، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن الموقف العربي ثابت في دعم القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين، مع التأكيد على حقهم في إقامة دولتهم المستقلة.
اتصالات مصرية مكثفة لتنسيق المواقف
في إطار الجهود الدبلوماسية، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، سلسلة اتصالات مع عدد من نظرائه العرب، شملت وزراء خارجية السعودية، والإمارات، والكويت، وسلطنة عمان، والبحرين، والأردن، والعراق، والجزائر، وتونس، وموريتانيا، والسودان، في خطوة تهدف إلى تنسيق المواقف وضمان نجاح القمة الطارئة في تحقيق أهدافها.
مخاطر الطرح الأمريكي
قال الدكتور هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، إن القمة العربية المرتقبة تعكس إدراكًا متزايدًا لدى الدول العربية لخطورة الطرح الذي قدمه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن تأثيراته لا تقتصر فقط على القضية الفلسطينية، بل تمتد إلى الأمن القومي العربي برمّته.
وأكد سليمان أن الطرح الأمريكي يمثل محاولة واضحة لطمس القضية الفلسطينية من جذورها، وإضاعة حقوق الشعب الفلسطيني، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والنزعة التوسعية التي باتت أكثر وضوحًا.
ولفت إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، التي تناول فيها رؤيته للمنطقة وذكر فيها المملكة العربية السعودية، تكشف حجم التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف المنطقة بأسرها.
وشدد سليمان على أن السماح بهذه الانتهاكات يُعد أمرًا غير مقبول، إذ إن الطرح الأمريكي بقيادة ترامب يتنافى مع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
كما أشار إلى أن هذا الطرح يمثل تحديًا صارخًا لكافة الأعراف والقيم والقوانين الدولية، فضلًا عن كونه انتهاكًا للقواعد الأخلاقية، حيث يسعى إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا، وفرض أمر واقع بالقوة، ما يجردهم من حقوقهم المشروعة.
وأوضح سليمان أن خطورة هذا الطرح تكمن في كونه لا يسهم في حل المشكلة، بل يزيدها تعقيدًا، إذ يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي، خاصةً لمصر، والأردن، والسعودية.
واعتبر أن ما يحدث هو مؤامرة أمريكية-إسرائيلية يجب التصدي لها بحزم، من خلال موقف عربي موحد.
وأشار سليمان إلى أن القمة القادمة ستكون مختلفة عن سابقاتها، نظرًا لحجم الترقب والانتظار من قبل الشعوب العربية، التي لم تعد تقبل بيانات الشجب والإدانة التقليدية.
وأضاف أن هناك ضرورة لاتخاذ قرارات صارمة وإجراءات فعالة، واستخدام مختلف الأدوات المتاحة للتصدي لهذا الطرح الخطير، نظرًا لما سيترتب عليه من مخاطر سياسية واقتصادية وشعبية لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها.