رودي نبيل: المدارس الخاصة تحولت إلى عبء على الأسر وتعاني من انفلات بلا حدود

الاربعاء 22 يناير 2025 | 04:21 مساءً
رودي نبيل
رودي نبيل
كتب : محمد عبد الوهاب

كشفت رودي نبيل مؤسِّس جروب "معًا لغد مشرق التعليمي" وأدمن "حوار مجتمعي تربوي"، ومشرف "معًا نطور تعليمنا" واتحاد أولياء الأمور الرسمي لغات،في تصريحات خاص لـ "بلدنا اليوم" كيف تحولت المدارس الخاصة إلى عبء على الأسر وأهم الأسباب التي تسببت في هذه الظاهرة وإليكم أبرز النقاط التي تحدثت عنها  : 

شهد قطاع التعليم الخاص والدولي في مصر توسعًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، حيث أصبح يمثل خيارًا أساسيًا للعديد من الأسر التي تبحث عن تعليم متميز لأبنائها. إلا أن هذا التوسع جاء مصحوبًا بمشكلات متفاقمة، أبرزها الانفلات الإداري وغياب الرقابة الفاعلة، مما جعل هذه المدارس أشبه بجزر منعزلة تفرض قواعدها الخاصة دون الالتزام بالضوابط والمعايير التي تضعها الدولة.

واقع المدارس الخاصة والدولية.. أرباح متزايدة مقابل خدمات متراجعة

تحولت المدارس الخاصة والدولية من مؤسسات تعليمية تهدف إلى تقديم خدمات متميزة، إلى مشاريع استثمارية تستهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح، مع تراجع واضح في مستوى الخدمات المقدمة. فقد أصبح أولياء الأمور يشتكون من ارتفاع المصروفات بشكل غير مبرر، إلى جانب ضعف الرقابة على جودة التعليم، مما أدى إلى شعور عام بأن هذه المدارس تعمل خارج نطاق المحاسبة.

التلاعب بالمصروفات.. جيوب أولياء الأمور في مرمى الاستغلال

تُعد الزيادات العشوائية وغير المبررة في المصروفات الدراسية أبرز المشكلات التي تواجه الأسر، حيث تلجأ العديد من المدارس إلى فرض زيادات سنوية تتجاوز النسب المقررة دون تقديم أي مبررات واضحة. ويجد أولياء الأمور أنفسهم في موقف لا يُحسدون عليه، فإما القبول بهذه الزيادات أو البحث عن بدائل قد لا توفر نفس المستوى الأكاديمي الذي يطمحون إليه.

وتشير التقارير إلى أن بعض المدارس تقوم بتقديم خدمات إضافية اختيارية بمبالغ باهظة، مثل الأنشطة الترفيهية والرحلات، ولكن عند التدقيق في هذه الخدمات، يتضح أن الكثير منها لا يرقى إلى مستوى التكلفة المفروضة، مما يطرح تساؤلات حول جدوى هذه المصروفات ومدى استفادة الطلاب منها.

غياب الرقابة.. من المسؤول عن الفوضى؟

أحد الأسباب الرئيسية وراء تفاقم مشكلات المدارس الخاصة هو ضعف الرقابة من الجهات المختصة، حيث تكتفي وزارة التربية والتعليم في كثير من الأحيان بدور المشرف دون اتخاذ إجراءات حقيقية لضبط التجاوزات. هذا الوضع دفع إدارات المدارس إلى استغلال الوضع القانوني القائم، وفرض شروط تعسفية تتعلق بالمصروفات، والمناهج، وحتى سياسة القبول والتسجيل.

التشريعات الحالية.. قوانين عفا عليها الزمن

القوانين المنظمة لعمل المدارس الخاصة في مصر لم تشهد تحديثًا جوهريًا منذ سنوات طويلة، مما سمح لهذه المؤسسات بالعمل وفق أنظمة قديمة لا تتماشى مع تطورات العملية التعليمية. فاللوائح الحالية تمنح المدارس مساحة واسعة للتحكم في سياساتها الداخلية دون تدخل مباشر من الوزارة، الأمر الذي أضعف قدرة الدولة على فرض سيطرتها وإجبار هذه المدارس على الالتزام بالمعايير المطلوبة.

المعلمون.. رواتب هزيلة ومطالب مستمرة

رغم الإيرادات الضخمة التي تحققها المدارس الخاصة والدولية من المصروفات المرتفعة، إلا أن المعلمين يعانون من تدني الأجور مقارنة بالمجهود المبذول. في كثير من الحالات، تكون رواتب المعلمين أقل من الحد الأدنى القانوني، مما يؤدي إلى تسرب الكفاءات التعليمية إلى الخارج أو البحث عن فرص عمل أخرى، الأمر الذي يؤثر سلبًا على جودة العملية التعليمية داخل المدارس.

وقد اشتكى العديد من المعلمين من العقود المجحفة التي تجبرهم على العمل لساعات طويلة دون تعويضات عادلة، فضلاً عن غياب الاستقرار الوظيفي، حيث تلجأ بعض المدارس إلى إنهاء التعاقدات بشكل تعسفي مع بداية كل عام دراسي.

الأنشطة التعليمية.. واجهة شكلية لتبرير التكاليف

تلجأ العديد من المدارس الخاصة إلى الترويج لأنشطتها المتعددة، مثل الرحلات الخارجية والمسابقات الدولية، كوسيلة لتبرير ارتفاع المصروفات، لكن الواقع يكشف أن الكثير من هذه الأنشطة يتم تنظيمها بصورة شكلية دون أن تحقق أهدافها التعليمية والتربوية.

وعلى الرغم من أن هذه الأنشطة تُعد جزءًا مهمًا من التجربة التعليمية، إلا أن الطريقة التي يتم تنفيذها بها تثير الشكوك حول جدواها، خاصة في ظل تركيز بعض المدارس على الأنشطة الترفيهية البحتة بدلًا من تلك التي تسهم في تطوير مهارات الطلاب بشكل حقيقي.

كيف يمكن استعادة هيبة التعليم الخاص؟

لمعالجة هذه المشكلات المتراكمة، هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات صارمة تهدف إلى ضبط العلاقة بين المدارس الخاصة والوزارة، بما يضمن تحقيق التوازن بين جودة التعليم وضمان حقوق أولياء الأمور والمعلمين. وتشمل هذه الإجراءات:

إعادة هيكلة القوانين والتشريعات بحيث يتم منح وزارة التربية والتعليم صلاحيات واسعة للرقابة والتدخل عند حدوث تجاوزات.

إطلاق منصة إلكترونية موحدة تتيح لأولياء الأمور تقديم الشكاوى والملاحظات حول أداء المدارس، مع ضرورة وجود آلية واضحة للرد عليها.

فرض غرامات مالية رادعة على المدارس التي تثبت مخالفتها للضوابط المالية والإدارية، بما يضمن الالتزام الكامل بالقواعد والمعايير.

إلزام المدارس بتقديم تقارير مالية دورية توضح كيفية استخدام المصروفات، وما إذا كانت تساهم بالفعل في تحسين العملية التعليمية أم لا.

تحسين أوضاع المعلمين من خلال وضع حد أدنى للأجور، وتوفير برامج تدريبية مستمرة تضمن تطوير مهاراتهم بما يتناسب مع التطورات الحديثة.

الخطوة القادمة.. هل تستعيد الوزارة السيطرة؟

تواجه وزارة التربية والتعليم تحديًا حقيقيًا في استعادة السيطرة على المدارس الخاصة والدولية، إذ يتطلب الأمر إجراءات حاسمة تعيد الانضباط للقطاع، وتضع حدًا للممارسات غير العادلة التي تثقل كاهل الأسر المصرية.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستكون الوزارة قادرة على فرض كلمتها، أم ستظل المدارس الخاصة تمارس نفوذها بعيدًا عن أي مساءلة حقيقية؟

اقرأ أيضا