في خطاب طويل أمام البرلمان الأوروبي، تناول رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، مستقبل الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى التحديات الراهنة والفرص التي قد تواجهها الكتلة في ظل التحولات الدولية المتسارعة. ورغم هذه التحديات، بما في ذلك الصراعات المحتملة على حدود الاتحاد وقضايا التكنولوجيا المتزايدة التعقيد، أكد توسك بشكل حازم أن الاتحاد الأوروبي لا يجب أن يخشى من مستقبله. وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
أوروبا.. تاريخ من القوة والإبداع
وأوضح توسك أن أوروبا قد وُجدت لتواجه مثل هذه التحديات، مشيرًا إلى الإنجازات العظيمة التي حققتها عبر العصور. واستشهد بشخصيات تاريخية مثل الإسكندر الأكبر والفايكنج وكريستوفر كولومبوس، مؤكدًا على ريادة أوروبا في مجالات الاكتشافات والإبداعات. وقال: "أوروبا ليست مكانًا للشعور بالدونية، بل هي موطن لأعظم المكتشفين والمخترعين."
دعوة للعمل.. لا وقت للانتظار
لكن عند الحديث عن الحلول الممكنة، انتقل توسك إلى لهجة أكثر جدية. فقد شدد على ضرورة أن تتوقف أوروبا عن التساؤل حول ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه في تأمين أمنها، مؤكدًا على أهمية أن تتحمل أوروبا المسؤولية كاملة. مقتبسًا من خطاب الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي الشهير، قال: "لا تسألوا ماذا يمكن أن تفعله أمريكا من أجل أوروبا وأمنها، بل اسألوا ماذا يمكننا نحن أن نفعل من أجل أمننا."
أوروبا بحاجة لإعادة النظر في سياستها الأمنية
في هذا السياق، وجه توسك رسالة قوية مشابهة لتلك التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتدى دافوس، محذرًا من أن أوروبا يجب أن تسرع في تعزيز جهودها الأمنية دون الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة.
رسالة الأمل والتفاؤل.. أوروبا قادرة على مواجهة التحديات
وفي ختام خطابه، دعا توسك الأوروبيين للحفاظ على التفاؤل والثقة بأن التحديات التي تواجهها أوروبا ليست جديدة، وأن الاتحاد الأوروبي وُجد خصيصًا لمواجهتها. وقال: "إن القول بأننا يجب أن ننفق ما يصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي على أمننا ليس إسرافًا أو خطأ. هذا هو الوقت الذي لا يمكن فيه لأوروبا أن تتحمل ترف التقشف في مجال الأمن. نحن ننفق هذه النسبة ليس فقط على أمننا، بل على أمن أوروبا ككل. إذا كان لأوروبا أن تبقى على قيد الحياة، فهي بحاجة إلى التسلح. هذه ليست رفاهية؛ إنها ضرورة."
وأكد توسك في حديثه أنه، رغم أنه ليس عسكريًا وأن بولندا لا ترغب في حرب أخرى، فإن التجربة التاريخية المريرة لأوروبا تقتضي أن التسلح هو الوسيلة الوحيدة لتجنب تكرار المآسي السابقة.