مع دخول فصل الشتاء، تتحول الأجواء الباردة والرطوبة العالية إلى بيئة مثالية لانتشار الأمراض التي تصيب رؤوس الماشية، مما يضع المزارعين وأصحاب الثروة الحيوانية أمام تحديات جسيمة تهدد مصدر رزقهم وأحد أعمدة الاقتصاد الزراعي.
الأمراض التي تصيب الماشية
بين أبرز هذه الأمراض تأتي الحمى القلاعية، التي تصيب الأبقار والجاموس، والتهابات الجهاز التنفسي الحادة، التي تنتشر بسرعة بين القطعان، مسببة تدهوراً في صحة الماشية وانخفاض إنتاجيتها من الحليب واللحوم.
ضرورة توفير الأمصال البيطرية
في هذا السياق يصبح توفير الأمصال والتحصينات البيطرية أمراً لا يحتمل التأجيل، ليس فقط للوقاية من هذه الأمراض، بل أيضاً للحد من الخسائر الاقتصادية التي قد تكون كارثية، لذلك المبادرات الحكومية مثل القوافل البيطرية، التي تجوب المناطق الريفية والمزارع، تعتبر حجر الزاوية في هذه المعركة، حيث توفر الرعاية البيطرية المتكاملة، بما في ذلك التشخيص والعلاج والتوعية بأهمية التحصين الدوري.
تعاون المزارعين مع الجهات المختصة
ومع ذلك، تبقى الحاجة ملحة إلى زيادة الوعي لدى المزارعين بأهمية التعاون مع الجهات المعنية في تحصين الماشية، والالتزام بالجدول الزمني للتحصينات، فضلاً عن تحسين البنية التحتية للقطاع البيطري لضمان وصول الخدمة إلى المناطق النائية، فالمسؤولية مشتركة بين الدولة والمربين لحماية الثروة الحيوانية من مخاطر الشتاء، وللحفاظ على استقرار الأمن الغذائي الذي يعتمد عليه ملايين المواطنين.
دور القوافل البيطرية في التحصين
ولا يقتصر دور القوافل البيطرية على تقديم التحصينات فحسب، بل تشمل أيضاً التوعية الميدانية للمزارعين بأفضل الممارسات للحفاظ على صحة الماشية خلال فصل الشتاء، من هذه الممارسات توفير بيئة دافئة وآمنة للماشية، وضمان التغذية السليمة التي تعزز مناعتها ضد الأمراض.
كما يتم تدريب المربين على كيفية التعرف المبكر على أعراض الأمراض الشائعة، مثل ارتفاع درجات الحرارة أو فقدان الشهية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، فهذا التفاعل المباشر بين الخبراء والمزارعين لا يساهم فقط في الحد من انتشار الأمراض، بل يعزز أيضاً من وعي المربين بأهمية اتباع الإجراءات الوقائية، مما يقلل من الاعتماد على العلاجات المكلفة ويساهم في تحسين جودة الإنتاج الحيواني.
أبو صدام: القوافل البيطرية خطوة إيجابية لكنها غير كافية لتغطية كل القرى
ويقول حسين أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، بأن الثروة الحيوانية في مصر تواجه تحديات كبيرة خلال فصل الشتاء، بسبب انتشار الأوبئة والأمراض التي تصيب رؤوس الماشية، مشيراً إلى أن نقص الأمصال الوقائية في الأسواق يُشكل أزمة تهدد حياة الماشية وتعصف بقدرة المربين على حماية حيواناتهم من هذه الأخطار المتزايدة.
وأضاف أبو صدام أن القوافل البيطرية التي ترسلها وزارة الزراعة تعد خطوة إيجابية، لكنها للأسف غير كافية لتغطية كافة القرى والمناطق الريفية، حيث يعاني العديد من المربين في المناطق النائية من غياب الرعاية البيطرية اللازمة، مما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع مخاطر تفشي الأمراض.
وأشار إلى أن أبرز الأمراض التي تنتشر في فصل الشتاء تشمل الحمى القلاعية والجلد العقدي والتهاب الضرع، وهي أمراض يمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة إذا لم يتم التصدي لها سريعًا، لافتاً إلى أن المربين يعانون ليس فقط من نقص الأمصال، بل أيضًا من ارتفاع تكاليف العناية البيطرية الخاصة، وهو ما يضعهم في موقف حرج بين العجز عن توفير الرعاية أو مواجهة خسائر اقتصادية جسيمة.
وطالب نقيب الفلاحين الحكومة بتكثيف جهودها لتوفير الأمصال الوقائية بأسعار مدعمة أو مجانًا، خاصة للمربين الصغار الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه الثروة في تأمين احتياجاتهم المعيشية، كما دعا إلى زيادة عدد القوافل البيطرية وتوسيع نطاق تغطيتها لتشمل كل القرى، بما يضمن حماية أكبر للثروة الحيوانية.
وأكد أبو صدام أهمية وضع خطة وطنية شاملة لمواجهة الأوبئة الشتوية تشمل توفير الأمصال واللقاحات بكميات كافية، إلى جانب برامج توعية للمربين حول كيفية التعامل مع الأمراض وأعراضها، كما شدد على ضرورة تعزيز التعاون بين الجهات المعنية لضمان وصول الدعم إلى جميع المناطق المتضررة.
واختتم حديثه قائلاً: الثروة الحيوانية ليست مجرد مورد اقتصادي، بل هي عصب الأمن الغذائي وأحد أسس الاستقرار الاجتماعي في مصر، لذا يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا، حكومة وشعبًا، لحماية هذه الثروة من أي تهديدات قد تؤثر عليها، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يشهدها العالم.