تعيش سوريا حالة من الاضطراب والتصعيد مع تجدّد الهجمات المسلحة التي استهدفت مناطق في حلب وإدلب خلال الأيام الأخيرة، في ظل ما يصفه مراقبون بأنه محاولة لاستغلال حالة الضعف التي يعاني منها النظام السوري نتيجة لتراجع نفوذ الميليشيات الموالية لإيران.
وتشير تحليلات الخبراء والمراكز البحثية العربية والغربية إلى وجود أبعاد إقليمية لهذه التطورات، إذ يُعتقد أن الدعم التركي لهذه العمليات يهدف إلى زيادة الضغط على دمشق لدفع الرئيس بشار الأسد للجلوس على طاولة المفاوضات.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن مدينة حلب، باعتبارها العاصمة الاقتصادية لسوريا، أضحت محوراً لهذه العمليات بهدف مزدوج: تخفيف عبء اللاجئين الذين غادروا البلاد، وممارسة المزيد من الضغوط على النظام الذي يواصل رفض أي تسوية سياسية شاملة.
تأثير النفوذ الإيراني وضرورات الحل السياسي
تشير التحليلات إلى أن سوريا أصبحت ساحة مفتوحة تتقاسمها الميليشيات الإيرانية، بما في ذلك حزب الله، التي تسيطر على القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل صناعة الفوسفات، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي.
ويرى المراقبون أن الضغط على هذه الميليشيات قد يكون خطوة أساسية لتمهيد الطريق نحو تسوية سياسية تحقق تطلعات الشعب السوري.
كما يدعو الخبراء إلى التخلص من كافة الأطراف المدرجة على قوائم الإرهاب، بما يشمل الميليشيات الإيرانية وجماعة فاغنر الروسية، باعتبار ذلك شرطاً لتحقيق أي استقرار مستدام في البلاد.
عملية مفاجئة وأبعاد إقليمية
يصف الخبراء العملية العسكرية الأخيرة بأنها مفاجئة من حيث توقيتها، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء ودخول المنطقة في مرحلة هدوء نسبي بعد وقف إطلاق النار في لبنان.
ويؤكد مراقبون أن الهجمات جاءت نتيجة تعاون تركي-غربي لتزويد الفصائل المسلحة بأسلحة متطورة، في محاولة لإضعاف ما يُعرف بمحور المقاومة الذي يضم إيران وحزب الله. ويعتبرون أن استخدام هذا المحور كذريعة للتصعيد يُخفي أطماعاً أوسع تسعى إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية في شمال سوريا.
كما يؤكّد محللون أن التهديدات التي تواجه سوريا تتجاوز شخص الرئيس بشار الأسد، لتشمل وحدة البلاد بأكملها، إذ تواجه دمشق مخاطر عدوان متزامن من تركيا وإسرائيل، مدعوماً بتوجهات أميركية لإعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم مصالح الأطراف المتنافسة.
في المقابل، يرى بعض الباحثين أن النظام السوري نفسه يتحمل جزءً من المسؤولية عن المخاطر المحدقة بالبلاد، نتيجة لسياساته التي عمقت الأزمة وأبقت الأوضاع على حالها منذ عام 2011، مما أفسح المجال أمام التدخلات الإقليمية والدولية التي تهدد وحدة سوريا وسلامتها.