ألقى الدكتور عباس شومان، رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر والأمين العام لهيئة كبار العلماء، خطبة الجمعة اليوم في الجامع الأزهر، والتي تناولت موضوع "الإدمان آفة المجتمعات".
أوضح فضيلة الدكتور شومان أن مشكلة الإدمان كانت شائعة في المجتمعات العربية قبل الإسلام، حيث كانت الخمر تقدم كرمز للكرم، لكن الإسلام جاء بتحريم المسكرات وكل ما يؤدي إلى تغييب العقل، لما تلحقه هذه المواد من أضرار جسيمة على الأفراد والمجتمع.
وتابع: "فتعطيل العقل يعطل الوظائف الحيوية، مما يزيد من خطر الإيذاء الذاتي وإيذاء الآخرين".
وبين شومان أن تحريم الخمر لم يكن لأسباب دينية بحتة، بل لضرورة حماية المجتمع، إذ إن العقل هو أساس التقدم والازدهار.
وأشار إلى أن تحريم الخمر في الإسلام لم يكن مفاجئًا، بل تم تهيئة المجتمع تدريجيًا لهذا التحريم، حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بتوعية الناس بأن ضرر الخمر أكبر من نفعها، كما جاء في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ﴾.
واستكمل: "وبعد ذلك جاء التحريم الجزئي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾، حتى أصبح المجتمع جاهزًا للتحريم الكامل في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾".
وأكد الدكتور شومان أن تحريم الخمر والمخدرات أمر قاطع، وأن العودة إلى هذه العادات الجاهلية تعد نكوصًا عن التقدم الذي أتى به الإسلام.
وأعرب عن أسفه لانغماس شريحة من الشباب في الإدمان، رغم وضوح حرمة هذه المواد في الدين، داعيًا إلى مواجهة هذا الخطر ومعالجة أسبابه، ومشددًا على أن كل من يتساهل في مواجهة الإدمان سواء كان فردًا أو مؤسسة يعتبر شريكًا في الجريمة.
وحذر الدكتور شومان من تبريرات بعض الأشخاص الذين يتحايلون على المخدرات الحديثة بحجة أنها لم تكن موجودة وقت نزول حكم التحريم، مؤكدًا أن التحريم لا يعتمد على نوع المادة وإنما على تأثيرها المُسكر والمُفسد للعقل.
وفي ختام خطبته، دعا شومان إلى ضرورة تعاون المجتمع مع الجهات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة من جذورها، من خلال مكافحة بؤر إنتاج المخدرات وتوعية الشباب بخطورتها، لأن حماية المجتمع من هذا الخطر مسؤولية الجميع.