واصلت أسعار الذهب التذبذب خلال شهر أبريل، بعدما شهدت موجة من الارتفاعات عالميًّا ومحليًّا مطلع العام الجاري، ومع ترقب المستثمرين اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، تبدأ أسعار الذهب في الارتفاع؛ مستفيدة من تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة.
ومحليًّا، سجلت أسعار الذهب في مصر انخفاضات كبيرة مطلع الشهر الحالي، كانت أقل من أسعار المعدن الأصفر عالميا؛ للمرة الأولى منذ عام 2022 مع بداية الأزمة الاقتصادية وشح الدولار.
- وصل الذهب إلى 2.338 دولارا للأونصة، فيما جاء عيار 21 محليا عند 3100 جنيه.
- يشهد المعدن النفيس حالة من التذبذب حاليا، وسط ترقب لـ قرار الفيدرالي عن الفائدة الأمريكية قبل اجتماعه يومي 3-4 مايو المقبل.
- مع ارتفاع مستوى المخاطر، ارتفعت عملة «البيتكوين» لما يصل لـ 62.5 ألف دولار للوحدة الواحدة.
- توقعت الكاتبة رنا فوروهار، أن الذهب “سيعود بقوة”، وسيكون الرهان الأبرز للمستثمرين متفوقًا على الدولار والبيتكوين، حسب مقال نشرته بصحيفة «فاينانشال تايمز».
تؤكد عضو مجلس إدارة شركة الحرية حنان رمسيس، أن التحركات السعرية للذهب تتم وفقًا لتصريحات الفيدرالي الأميركي، إذ عندما يكون هناك تخفيض أو تثبيت لأسعار الفائدة يرتفع الذهب، في تحركات معاكسة للدولار، وليس خافيا أن رفع أسعار الفائدة يزيد من قيمة الدولار وقوته والإقبال على سندات الخزانة الأمريكية، أما في حالة خفض أسعار الفائدة يصبح الذهب ملاذا آمنا.
تذبذب متواصل
رمسيس في تصريحات خاصة لـ «موقع بلدنا اليوم»، تقول إن الذهب وصل خلال الفترة الماضية إلى 2.338 دولارا للأونصة، وهو مستمر في حركة الصعود، ويرجع ذلك لاهتمام المتعاملين بتكوين مراكز شرائية والاحتفاظ بالذهب، خاصة بعد التذبذبات السعرية التي شهدها خلال الفترة الأخيرة بسبب سياسة التشدد النقدي.
مستوى المخاطر يقرب المستثمر من البيتكوين
ترى رمسيس أن تحركات الذهب عالميًا تتبع مستوى المخاطر التي من الممكن أن يتحملها المستثمر، ومدى إقباله على الأسواق المالية، فالفترة الحالية نلحظ ارتفاع «البيتكوين» لما يصل لـ 62.5 ألف دولار للوحدة الواحدة، ومن هنا يتوجه له العديد ممن يريدون تحقيق مكاسب كبيرة؛ لأنه غير تابع لسياسات تحفيزية ولا يخضع لرقابة من أي مركزي أو فيدرالي.
وتضيف: عندما يكون هناك ارتفاع متتالي للبيتكوين يسحب السيولة من الاستثمار في الذهب ويجعله يمر داخل قنوات سعرية محدودة، فيرتفع 50 دولارا كل فترة، لافتة إلى أن مستوى المقاومة السابق كان 2050 دولارا، لكنه تخطاه استمرارا في الصعود، ومتوقع أن يرتفع أكثر إذا أقدم الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بدءا من الربع الثاني من هذا العام، لكن الفيدرالي الأميركي أرجأ التخفيض للنصف الثاني من هذا العام بسبب ارتفاع معدل التضخم.
شهية المتعاملين تتجاوز الفيدرالي
وعن أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالميا، تعتقد رمسيس، أنه يعود لارتفاع شهية المتعاملين والرغبة في وجود ملاذ آمن المخاوف من التذبذبات السعرية في أسواق المال وميول المتعاملين للاحتفاظ بأموالهم ضد مخاطر التضخم العالمي.
فيما يعتبر الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، أن تذبذب أسعار الذهب طبيعي قبل اجتماع الفيدرالي، إلا أنه “يغض النظر” عنه؛ إذ إن المعدن الأصفر ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة عالميا، ففي الحرب الروسية الأوكرانية كان أعلى سعر وصل إليه 2100 دولار للأونصة، والآن تجاوز 2330 دولارًا في بعض الأحيان.
يرجع عبد المطلب أسباب ارتفاع الذهب في تصريحات خاصة لموقع «بلدنا اليوم»، إلى:
- تصريحات جيروم باول السابقة بأن كل أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وافقوا على تخفيض سعر الفائدة.
- توترات منطقة البحر الأحمر والتي تهدد جزءا كبيرا من مسار حركة التجارة العالمية، خاصة أن التجارة الأوروبية بدأت تعود للمسارات الروسية من جديد.
- التوترات الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، والتي يحتمل تصاعد حدتها مرة أخرى في أي وقت خلال الفترة المقبلة.
الذهب.. إلى أين؟ إلى متى؟
يرى عبد المطلب أن الذهب سيستمر في الارتفاع خلال العام الحالي 2024، مع وجود توقعات عالمية بوصوله 2500 و3000 دولار للأونصة، مشيرا إلى أن تلك التوقعات يغذيها مركز الذهب العالمي.
كذا يقول محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي أحمد عزام، إن الطلب العالمي على الذهب سجل ارتفاعات متتالية مع بداية عام 2024، مع إفادة البنوك المركزية بـ زيادة احتياطيات الذهب الرسمية العالمية بمقدار 39 طنا، وكان هذا أكثر من ضعف صافي المشتريات المعدلة لشهر ديسمبر الماضي البالغة 17 طنا، وأكثر من الشهر الثامن على التوالي من صافي المشتريات.
ويضيف عزام في تصريحات خاصة لموقع «بلدنا اليوم»، أن هناك ستة بنوك مركزية (تركيا، الصين، الهند، كازاخستان، الأردن، والتشيك) زادت احتياطاتها من الذهب، بينما تخلت روسيا عن المعدن الأصفر وانخفضت احتياطياته في البنك المركزي الروسي بمقدار 3 أطنان، في استمرار للنمط الذي كان قائما منذ عام 2021.
يوضح عزام أن شراء البنوك المركزية للذهب وزيادة الطلب العالمي يدعم التوقعات بأن عام 2024 قد يكون عاما قويا آخر للطلب على الذهب من البنوك المركزية، وخاصة تلك الموجودة في الأسواق الناشئة منذ عام 2010، والتي تمتلك استراتيجية طويلة الأجل في تراكم الذهب، لافتا إلى أن البنوك قد تلجأ للاستمرار في إضافة الذهب إلى احتياطاتها؛ استجابة للأزمات الاقتصادية باعتبار الذهب ملاذا آمنا وقت الأزمات، كما أن الذهب يقدم التنويع الاستثماري كأداة تحافظ على قيمتها، أي كمخزن للقيمة احتياطا من أي موجة تضخم مقبلة.
خاصية تطفو على السطح
يعتقد عزام أن:
- الحالة الاقتصادية غامضة في عام 2024، ما يعني أن أسباب امتلاك الذهب كمخزن للقيمة لا يزال خاصية تطفو على السطح.
- الأفراد قد يلجأون إلى الذهب هذا العام كأداة استثمارية قوية في وقت انخفاض أسعار الفائدة، أو تثبيتها المتوقع.
- المستثمرين يجدون الذهب أداة استثمارية مناسبة في وقت ثبات عوائد السندات المتوقع مع ثبات أسعار الفائدة.