بعد أسبوع من تحرير الصرف وزيادة الفائدة.. خبراء اقتصاد: قرارًا تاريخيًا ضد السوق السوداء

الخبراء: دعم القطاع الخاص واستمرار التحرير الكامل شرط لإصلاح الاقتصاد

الثلاثاء 12 مارس 2024 | 01:22 مساءً
مؤشرات البورصة المصرية
مؤشرات البورصة المصرية
كتب : محمد الإمبابي

أعلن البنك المركزي المصري الأربعاء الماضي، قرارا بشكل مفاجئ كان بمثابة نقطة انطلاق لتصحيح المسار الاقتصادي لمصر بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة بنسبة 6% لتصل على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 27.25%، 28.25%، على الترتيب، وزيادة الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

 هدف البنك المركزي المصري من تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة

بالتوازي مع القرارات الحاسمة لمواجهة المصاعب الاقتصادية الممتدة على مدار العامين الماضيين وانتشار التخوفات من تأثير القرار على البلاد؛ خرج محافظ البنك المركزي ليلة القرارات لتوضيح أهمية رفع أسعار الفائدة لزيادة عائد الاستثمار في الجنيه المصري ليمثل جذب للمستثمرين والمواطنين للسيطرة على التضخم وتفادي ارتفاعه، مؤكدا أن البنك لن يتهاون في استخدام كافة الآليات لتصحيح المسار النقدي، وأن تحرير سعر العملة ينهى خطر تضارب سعر الصرف كمرض قاتل لأي اقتصاد.

رئيس الوزراء قرض صندوق النقد ضمن خطة للإصلاحات  الهيكلية للاقتصاد

واستكمالا للإجراءات، وقعت الحكومة في نفس اليوم اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي وعددا من المؤسسات المانحة للحصول على قرض جديد بإجمالي 20 مليار دولارا ؛ وحاول المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء طمأنة المواطنين بالتأكيد على أن الحكومة المصرية هي التي وضعت الإطار الحاكم للإجراءات التي تستهدف الإصلاحات الهيكيلة للاقتصاد، عبر نقاط محددة تتلخص في زيادة مؤشرات الاحتياطي النقد من العملة الصعبة وخفض الدين المحلي والأجنبي وضمان تدفق استثمارات أجنبية مباشرة وتقليل الديون مع إفساح المجال للقطاع الخاص لزيادة المشاركة في الاقتصاد الكلي، لتحقيق رفع معدلات النمو وخفض للتضخم وزيادة فرص العمل مع توفير برامج متكاملة لحماية الفئات الأكثر تأثرا.

وحملت قرارات الحكومة الاقتصادية الأخيرة طموحاتها لإنقاذ البلاد من دائرة التضخم ونقص السيولة الدولارية التي تفاقمت منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك تخوفات المواطنين من تفاقم الأزمة وفشل العلاج الحالي في عودة استقرار الوضع الاقتصادي.

جودة عبد الخالق: أفضلية سعرية للصادرات المصرية

يقول جودة عبد الخالق الخبير الخبير الاقتصادي ووزير التموين الأسبق، أننا أمام تحرك تاريخي للبنك المركزي المصري ضد السوق السوداء للعملة ليقضي على تضارب تكلفة الاستثمار الناتجة عنه، ومتوقع أن تعود الأموال الساخنة إلى السوق المصري مرة أخرى بعد أن باتت مغرية عقب رفع أسعار الفائدة 6 نقاط مؤخرا، ومع عودة ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج مرة أخرى ينخفض الدولار أكثر من ذلك في البنوك، لافتا أن انخفاض قيمة العملة المصرية يعطى أفضلية سعرية للمنتجات والصادرات المصرية في الأسواق العالمية والمحلية أيضا، إلا أن الحذر مطلوب لأن الفشل في الاستفادة من القرارات الأخيرة يؤزم الموقف.

الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي: علاجا جذريا للتحديات

رحب الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي، بالخطوات الحكومية وطريقة التمهيد لدعمها عبر مشروع رأس الحكمة التوازي مع قرارات البنك المركزي وإتمام الاتفاق مع صندوق النقد ، مشيرا أن مصر تسير وفق برنامج مخطط للإصلاح الاقتصادي بهدف تحقيق علاجا جذريا لعددا من التحديات التي واجهت الاقتصاد المصري أهمها تحجيم التضخم وتوفير العملة الأجنبية. وأوضح أن التأثير الإيجابي للقرارات يرتفع كلما وثق المواطنين في التنازل عن العملة الأجنبية وبالتالي يقل السعر ومن ثما تستقر مع أسعار الصرف الرسمية، وأضاف إلى ذلك أن التصنيفات الائتمانية للبلاد بدأت تتحسن ولكن استمرار الصعود مرتبط بالرسائل الاقتصادية الموجهة لهذه والبداية كانت ممثلة   في الاتفاق مع صندوق النقد وقرارات الحكومة بالإفراج الفوري عن البضائع ومن ثما استقرار أسعار السلع أو خفضها وتراجع التضخم.

الدكتور خالد الشافعي: حاسم وحازم في القضاء على السوق السوداء

يبدأ الدكتور خالد الشافعي مدير مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية حديثه بأن البنك المركزي حاسم وحازم في القضاء على السوق السوداء للعملة الأجنبية، مضيفا أن تحرير السعر الصرف كليا لم يكن متوقعا ونراه للمرة الأولى كبديل للتعويم المدار الذي أثبت عدم جدواه.

ونبه على أن القرارات أنهت مشكلة العملة ونرى الآن رفعا محدودا للقيود المفروضة على بطاقات السحب، مع تواري السوق السوداء عن المشهد منذ إعلان رأس الحكمة، وعودة مجتمع الأعمال للتعامل بالسعر الموحد للدولار ما يعطي الثقة للمستثمر الأجنبي في ضخ استثماراته للبلاد بعد تلبية الدولة للمطالب المشروعة له، وتابع أن نجاح القرارات مرهون بضمان الاستمرارية فقط وترك آلية العرض والطلب كآداة وحيدة لتحديد سعر العملة الأجنبية.

الدكتورة ضحى عبد الحميد.. استكمال عوامل النجاح

الدكتورة ضحى عبد الحميد مستشارة وزير المالية الأسبق قالت إن أسعار السلع لا يتوقع لها الارتفاع بعد القرارات الأخيرة للمركزي وتخوف التجار من رفع الأسعار في الساعات الأولى من القرار ولجؤ البعض لوقف البيع لم يستمر كثيرا بعد أن استقر سعر الدولار سريعا عند مدى أقل من 50 جنيها في نهاية اليوم الأول في ظل أن السوق السوداء قبل القرار تسببت في رفع السعر إلى 70 جنيها، داعية قطاعات الأعمال للتجاوب مع القرارات وتخفيض الأسعار بالتوازي مع الانخفاض الحالي، وحيت قرارات رئيس الوزراء بتكثيف الحملات الأمنية على الأسواق لضمان التسعير العادل للسلع والقضاء على الممارسات السلبيية.

وأضافت أن استكمال عوامل النجاح انعكس في استهداف الحكومة تقليل الدين وتحديد سقف الاستثمارات العامة لجميع جهات الدولة بتريليون جنيه فقط، بما يمثل تقليص للإنفاق الحكومي على الاستثمارات لصالح زيادة استثمارات القطاع الخاص من الاستثمارات الكلية للبلاد، وبالتالي يظهر آثره على تحقيق فائض كبير لميزانية الدولة بما يسمح للحكومة بالوفاء بالتزاماتها المالية، موضحة أن تراكم أرباح الاستثمار وزيادة الموارد المالية المتوقعة من الإجراءات ينعكس تدريجيا على المواطن، وطالبت رجال الأعمال المصريين بالاستفادة من توجه الحكومة بتوسيع استثماراتهم ودعم الاقتصاد بمشروعات إنتاجية، وعلى الدولة أن تستكمل طريقها بتوفير عوامل النجاح للاستثمار ممثلة في توفير الخدمات والآطر التنظيمية ومتابعة وتقييم الوسائل والمستهدفات في كل مرحلة.