منذ أن اندلعت أزمة الصراع السوداني الداخلي والتي كانت سبباً في نقص أعداد رؤوس الماشية التي تدخل إلى مصر، وبدأت الحكومة في تنويع مصادر الاستيراد لرؤوس الماشية واللحوم لسد احتياجات السوق المحلي من البروتين الحيواني.
وكانت الدولة قد أعلنت في وقت سابق عن استيراد روؤوس ماشية من عدة دول من ضمنها كان جيبوتي وتشاد وموريتانيا، وأغلب تلك الدول يقع في أفريقيا لسهولة وقلة تكاليف الشحن الذي هي من الحسابات الأولية التي تنظر إليها الدولة المستوردة.
وفي إطار تصدير واستيراد روؤوس الماشية بين الدول، تداولت أنباء عن امتلاك استراليا لأعداد ضخمة من الجمال ترغب في تصديرها للدول الراغبة في ذلك حتى وإن كانت الصفقة مجانية، بل أكثر من ذلك حيث جاء في المتداول أن مستعدة أيضاً لتحمل جزء من مصاريف الشحن، وكل ذلك في سبيل التخلص من تلك الجمال التي جعلت استراليا غير قادرة على إطعامها من كثرة أعدادها.
وتساءل الكثير في هذا الصدد عن مدى قابلية مصر لاستيراد تلك الجمال خاصة لتعويض المورد السوداني، وسد احتياجات السوق المحلي من اللحوم، لذلك تواصلت "بلدنا اليوم" مع مختصين في ذلك الشأن للإجابة على كافة الأسئلة المطروحة تجدونها في السطور الآتية:-
صابر: المستثمرين هم المستوردين وحتى الآن لم يعرض أحد الأمر علينا
يقول اللواء الدكتور إيهاب صابر رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ورئيس مجلس إدارة صندوق التأمين على الثروة الحيوانية، في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن استيراد الجمال من استراليا أمر لم يطرح حتى الآن، وأنه عند طرح ذلك الأمر فإنه يكون مرتبط بعدة اعتبارات، ومصر قبل أن تخطو مثل تلك الخطوة تدرس الأمر جيداً خاصة وأن تلك الجمال قد تكون برية غير صالحة لاستيرادها.
ولفت صابر إلى أن في حالة استيراد جمال من استراليا يكون هناك شروط صحية يجب أخذها في الإعتبار، من ناحية هل تلك الجمال تحمل أي مرض ، أو هل تلك الجمال عجوزة العمر وغيرها من الضوابط، مثل الشهادات الصحية والتطعيمات اللازمة، خاصة وأن كانت تلك الجمال برية فهي تحتاج لتطعيمات معينة.
وأشار رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية إلى أن هناك قيود تضعها مصر للحماية من حدوث أي ضرر بسبب الواردات خاصة في مجال الثروة الحيوانية، لافتاً إلى أن تلك الجمال التي تمتلكها استراليا هي برية وإلا من كانت قد عرضتها بشكل رسمي عن طريق تجار لديها، وهذا لم يحدث حتى الآن، فهي لم تربى داخل مزارع او تحت إشراف بشري.
ونوه اللواء الدكتور إيهاب صابر إلى أن الدولة هي ليست الجهة المستوردة، لكن الأمر يكون من خلال المستثمرين المستوردين فهم يقومون بعرض الأمر على الحكومة لتنظر به الجهات المختصة وفي حالة التأكد من أن كل الأمور مناسبة وسليمة يتم السماح لهم بالاستيراد، مضيفاً أنه حتى الآن لم يتقدم أي مستورد بطلب لاستيراد الجمال من استراليا.
أبو صدام: بُعد المسافة يجعل الشحن أغلى من قيمة الصفقة ذاتها
ويقول الحاج حسين أبو صدام نقيب الفلاحين في تصريحات صحفية خاصة ل "بلدنا اليوم" بعد سؤاله عن آليات استيراد الجمال الاسترالية أن عملية الاستيراد والتصدير بين الدول تحكمها ضوابط سياسية واقتصادية خاصةً في حالة بعد المسافة والتي تجعل الشحن بتكلفة عالية عن سعر الصفقة ذاتها.
وأشار أبو صدام إلى أن المستوردين يكونوا شركات خاصة وليس الحكومة المصرية هي الطرف المستورد، ويترتب على ذلك أن كل شركة تستورد على حسب حجم الربح العائد لها، حيث في بعض الظروف مثل الجمال الاسترالية تكون الصفقة مجانية لكن تكلفتها تكون عالية بشكل يسبب خسائر في حال طرحها بالأسواق.
ولفت أبو صدام إلى أن تلك الجمال لن يسمح بدخولها إلى مصر إلا بعد التأكد من مطابقتها للمواصفات المصرية ومرورها بالحجر البيطري والحجر الزراعي، وحتى في حالة استيراد تلك الجمال في صورة مذبوحة يكون باشتراطات أن لحومها خالية من أي أمراض ومذبوحة على الطريقة الإسلامية.
الوليلي: أمر غير منطقي استيراد جمال حية في رحلة مدتها 40 يوم
وأضاف مجدي الوليلي صاحب شركة استيراد وتصدير في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن استيراد جمال حية من استراليا أمر غير منطقي لأن المدة الزمنية للرحلة تصل إلى 40 يوم في ظل الظروف المناخية المتقلبة سواء في الشتاء أو الصيف.
وأشار الوليلي إلى أنه في حالة الاستيراد من استراليا الجمال في صورة لحوم يكون الأمر مرتبط بالفرصة والفرصة البديلة حيث يتم المقارنة بين أن نستورد من تشاد على سبيل المثال وهي أيضا دولة شهيرة بالجمال ومصر كانت تستورد منها بشكل معتاد، وبين الاستيراد من استراليا.
ونوه الوليلي إلى أن السودان كمورد للجمال لم ينضب بعد بل مازال يأتي منها أعداد وفيرة، وأفريقيا بشكل عام والتي تعتبر أوفر من استراليا، مضيفاً أن أمر الاستيراد من استراليا يكون بشكل حسابي بعد دراسات الجدوى للأمر ثم التنسيق بين الجهات المعنية المصرية ووزارة البيئة الاسترالية ويتم الاتفاق بأن تتحمل استراليا جزء من مصاريف الشحن في مقابل أن يتخلصوا من الاعداد الزائدة لديهم وعدم قدرتهم على تحمل كميات أكلها.