أحمد زكي.. «الإمبراطور» ورئيس جمهورية التمثيل

السبت 18 نوفمبر 2023 | 01:59 صباحاً
أحمد زكي
أحمد زكي
كتب : محمد أحمد أبو زيد

عشق الفن من رأسه حتى أخمص قدميه، وبات أهم من أنجبت السينما المصرية، وهبه الله موهبة عظيمة ومنحه حب الناس ليدخل القلوب بلا إستئذان، وصار معشوقا للملايين، هو ناظر مدرسة التقمص وصاحب كل الشخصيات "الطبال، المحامي المدمن، السائق، المعلم، الوزير، الباشا، البواب، الرئيس، المصوراتي"، هو الإمبراطور والنمر الأسود وصائد الجوائز، ورئيس جمهورية التمثيل الفنان أحمد زكي.

ولد أحمد زكي بمدينة الزقازيق في 18 نوفمبر 1949 لأسرة فقيرة، رحل والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته، ليعيش في كنف جده الذي عكف على تربيته، حصل على الإعدادية ثم دخل المدرسة الصناعية، باتت موهبته تلوح في الأفق ليلقى تشجيعا من ناظر المدرسة الذي كان يحب المسرح، اشترك في مهرجان المدارس الثانوية ونال جائزة أفضل ممثل على مستوى مدارس الجمهورية، وفي سن العشرين حزم حقائبه وسافر للقاهرة ليلتحق بمعهد الفنون المسرحية، وضع يده على قلبه ليهدأ من دقاته التي تتزايد مع رؤية أفيشات الأفلام التي تعتلى واجهة السينمات، تمنى أن يصبح يوما بطلا وتتصدر صورته الأفيش أعلاها جملة "بطولة النجم أحمد زكي" وتمنى ألا يضيع حلمه بين الزحام، ما إن التحق بالمعهد وأثناء دراسته برع في تقليد الفنانين ليتم إسناد دور صغير له في مسرحية "هالو شلبي" حتى منحه عبد المنعم مدبولي الفرصة وقلد حينها محمود المليجي بحرفية شديدة، ثم قدمه المخرج جلال الشرقاوي في "مدرسة المشاغبين".

كانت بدايةً ظهوره في السينما في فيلم "أبناء الصمت" 1974، وتوالت أدواره في فيلمي "بدور، وليلة ذكريات"، وفي 1975 وقع عليه الاختيار ليشارك في دور مهم في فيلم "الكرنك" ولكن المنتج رمسيس نجيب رفض وجوده كونه أسمر ولن يقتنع به المشاهد عندما يراه حبيب سعاد حسني، وفي الوقت الذي بدأ فيه أحمد زكي التحضير للشخصية طلب المنتج والسيناريست ممدوح الليثي مقابلته في مكتبه وأبلغه رغبة الموزع رمسيس نجيب في عدم وجوده في الفيلم، لم يتمالك "زكي" نفسه من الغضب وأمسك بكوب زجاجي وضرب به جبهته التي تناثرت منها الدماء.

ثمة ابتسامة خفيفة منحتها له الدنيا ليشارك في 1978 في فيلمي"العمر لحظة" من بطولة ماجدة، و "شفيقة ومتولي"، مع سعاد حسني التي أصرت على وجوده في الفيلم، ومن هنا جاءت الإنطلاقة نحو المجد والشهرة وفتحت السينما مصراعيه للفتى الأسمر ليصنع أسطورته ويخلد أسمه تاريخ السينما المصرية وتقف أمامه نجمات السينما وخلف كاميرات أفلامه يقبع عمالقة المخرجين.

سعاد حسني

كون مع السندريلا سعاد حسني ثنائيا فنيا لفت إليهما الأنظار وأحبتهما الكاميرا منذ البدايةً التي كانت في"شفيقة ومتولي"، ثم "موعد على العشاء"، مرورا بمسلسل "حكايات هو وهي" 1985 وبعدها بثلاث سنوات التقيا مرة آخرى في فيلم "الدرجة الثالثة"، وكانت آخر رحلة سعاد حسني معه ومع السينما أيضا قبل رحليها في فيلم "الراعي والنساء" 1991.

تيسير فهمي

قدمت تيسير فهمي معه 3 أعمال بدأت في 1978 في مسلسل "الغضب"، وبعده بعامين في فيلم "العوامة 70" وكانت أخر أفلامها مع "زكي" فيلم "الليلة الموعودة" 1984.

آثار الحكيم

أمسك المؤلف بشير الديك بسيناريو فيلمه "طائر على الطريق" وذهب به إلي فريد شوقي وعندما قرأ السيناريو وجد دوره هو الدور الثاني في الفيلم بينما يحتل الشباب أحمد زكي وآثار الحكيم بطولة الفيلم، في البداية رفض فريد شوقي، ولكن "الديك" أقنعه بأنه "الملك" وأن الفيلم يلزمه أسم كبير يبيع به الفيلم ولن يجد أفضل من أسم فريد شوقي ولابد أن يساند الشاب الأسمر الموهوب في بداية مشواره فوافق فريد شوقي ونجح الفيلم، وتوالت أعماله مع أثار الحكيم" في فيلمي "أنا لا أكذب ولكني أتجمل" و"الحب فوق هضبة الهرم" وهما في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية.

ميرفت أمين

اللقاء الأول سينمائيا بينه وبين ميرفت أمين كان في فيلم"أبناء الصمت" ثم قدما فيلم "زوجة رجل مهم" 1988، ونجح الفيلم نجاحا كبيرا وحجز مكانه في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، وكررا التعاون مرة آخرى في فيلمي "ولاد الإيه" و "أيام السادات" 2001.

نجلاء فتحي

مع بزوغ نجمه وفي ثاني أفلامه للسينما شاركته نجلاء فتحي في فيلم "بدور" 1974، وبعد 11 عاما جمعهما فيلم "سعد اليتيم" 1985 ثم قدّم معًا "أحلام هند وكاميليا" 1988 الذي تربع في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.

يسرا

كانت بدايته مع يسرا في فيلم "درب الهوى" 1983، وبعده بثلاث سنوات قدمت معه فيلم "البداية"، وتوالت الأفلام "امرأة واحدة لا تكفي" 1990، و"الراعي والنساء" و"نزوة" 1996، وكان آخر فيلم جمعهما هو "معالي الوزير" 2002.

نبيلة عبيد

بدور صغير لكل منهما كان بداية التعارف بين "زكي" ونبيلة عبيد في فيلم "العمر لحظة" وبعد سطوع نجمها قدما فيلم "التخشيبة" 1984، وفي العام نفسه قدمت معه أشهر أفلامه "الراقصة والطبال" الفيلم الذي لا يدع لك الفرصة أن تمل من مشاهدته، وفي 1986 شاركته في فيلم "شادر السمك"، وجسد شخصية المعلم"أحمد أبو كامل" ببراعة شديدة.

رغدة

قدمت رغدة معه 4 أفلام هي "كابوريا" 1990، وفي نفس العام "الإمبراطور" ثم فيلمي "استاكوزا" و"أبو الدهب" في 1996، كانت رغدة في حياة "زكي" تعني له الكثير هي الصديقة الوفية ورفيقه دربه، ولم تفارقه حتى نهاية العمر.

ليلي علوي

قدمت معه ليلى علوي فيلمي "الرجل الثالث" 1995، و "اضحك الصورة تطلع حلوة" في 1998.

محمد خان

صداقة جمعت بين أحمد زكي والمخرج محمد خان امتدت إلي نحو 20 عاما، بدأت في أوائل1981، وقدم معه أجمل أفلامه كان بدايتها "طائر على الطريق"، ثم "موعد على العشاء، أحلام هند وكامليا، زوجة رجل مهم، مستر كاراتيه، أيام السادات"، لم تخلو الرحلة من المشاحنات، إذ حدث خلاف بينهما في فيلم "الحريف" عندما عرض "خان" سيناريو الفيلم الذي كتبه بشير الديك، وضع أحمد زكي تصورات لشخصية البطل في الفيلم ومنها أن "يقص شعره" وهو ما رفضه "خان" وبالفعل "قص" أحمد زكي شعره مما أغضب محمد خان وأسند بطولة الفيلم لـ عادل إمام.

عاطف الطيب

سنوات من الصداقة والفن الحقيقي جمعت بينه وبين المخرج عاطف الطيب أخرجت للسينما أهم الأفلام وأعلاها عظمة، وكانت بداية تعاونهما في فيلم "التخشيبة"، ثم فيلم "البريء، و"الحب فوق هضبة الهرم"، وفي 1991 قدما واحدا من أجمل أفلامهم "الهروب"، وفي العام التالي "ضد الحكومة".

نجوم في أفلام أحمد زكي

أحتضن "زكي" غالبية المخرجين وتعامل مع معظهم منهم "سمير سيف، إيناس الدغيدي، كريم ضياء الدين، نادر جلال، أشرف فهمي، رأفت الميهي، عاطف سالم"، ومع شريف عرفة قدم واحدا من أجمل أفلامه "أضحك الصورة تطلع حلوة"، ومع دواد عبد السيد فيلم "أرض الخوف"، و"إسكندرية ليه" مع يوسف شاهين، وكان حريص أن يتبنى المواهب الشابة فقدم كريم عبد العزيز، ومنى زكي، و وفاء سالم في فيلم "النمر الأسود"، ومع خيري بشارة في فيلم "كابوريا" وقدم من خلاله محمد لطفي وسحر رامي، وفي "ضد الحكومة قدم الشاب محمد نجاتي.

هالة فؤاد حب العمر

في عام 1885 تعرف "زكي" هالة فؤاد، أثناء تصوير مسلسل "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين" ونشأت بينهما قصة حب كللت بالزواج وأنجبا منها ابنه الوحيد "هيثم" كان أحمد زكي شديد الغيرة عليها وطلب منها إعتزال الفن ودبت بينهم الخلافات التي انتهت بالإنفصال، وبعدها تزوجت من الخبير السياحي عز الدين بركات، وهو ما سبب له حالة من الحزن والاكتئاب، جعلته يترك منزله ويعيش وحيدا في كبرى فنادق القاهرة، وفي 1993 توفيت هالة فؤاد بعد 4 سنوات من المعاناة مع مرض السرطان، وعندما علم أحمد زكي بوفاتها حاول الإنتحار كما ذكر الماكير محمد عشوب في برنامج تليفزيوني.

النهاية

عانى أحمد زكي في أيامه الأخيرة من الألم الذي اشتد عليه أثناء تصوير آخر أفلامه "حليم"، وعند دخوله المستشفى اكتشف الأطباء أنه مصابًا بالسرطان، وتدهورت حالته الصحية، وفي 27 مارس 2005 استسلم جسده للمرض وتوفي على سرير داخل مستشفى دار الفؤاد، ليكمل بعده ابنه "هيثم" باقي مشاهد فيلم "حليم"، رحل أحمد زكي ولكنه باق في قلوب الملايين من جمهوره ومحبيه وتغيب الشمس إنما عمره ما بيغيب.