"الجراجات".. إشكالية متشابكة العلاقات ما بين القانون والمواطن قد تصل إلى التعقيد

برلماني: عدم التصالح علي الجراجات يبقي مفيش قانون تصالح هيكون

الخميس 10 اغسطس 2023 | 12:49 مساءً
كتب : عامر عبدالرحمن

نائبة: من الصعب جدًا الاستغناء عن الجراجات وتنظيمها يخدم المواطنين

قانوني: يحق للمستأجر أن يرفع قضية انتزاع للجراج من المالك في حالة المخالفة

تحولت الجراجات في العقارات من ساحات لركن السيارات إلى أنشطة تجارية كالكافيهات والمخازن والسكن جعلها مخالفة، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل الحكومة وبعض النواب وجعلها عائقًا في إصدار مشروع قانون التصالح في البناء من خلال نص المادة التاسعة بالقانون، وهو الأمر الذي يمنع التصالح علي الجراجات، ولكن هناك رأي آخر يري استمرارية التمسك بعدم التصالح علي الجراجات، وهو أمر سينتج عنه صعوبة في تطبيق التصالح علي مخالفات البناء، فضلًا عن وجود قرار محكمة إدارية ينص علي تقاعس الإدارة في تنفيذ الإزالة لا يعطيها الحق في الرجوع بعد سنوات طويلة لإزلتها وهو الأمر الذي يجعلنا أمام إشكالية متشابكة العلاقات، وفي هذا الشأن، يتحدث النواب والخبراء والقانونين عن أبعاد هذه الإشكالية في التقرير التالي:

"مفيش قانون تصالح هيكون طالما الحكومة متمسكة بموقفها في موضوع الجراجات"

قال النائب إيهاب منصور بسطاوي عضو مجلس النواب، إن مشكلة الجراجات ليست خاصة بشخص أو بآخر ولكنها تهم الملايين من الناس، فتمسك الحكومة وبعض النواب بالبند التاسع من مشروع القانون الجديد للتصالح الخاص بالجراجات هو عائق كبير يواجه تطبيق القانون وبالمعني البلدي "يبقي مفيش قانون تصالح هيكون"، وكانت هناك إمكانية علي التصالح على الجراجات في القانون القديم للبناء ولكن لم يتم التصالح عليها، وللأسف الشديد معظم المباني التي بها جراجات لا تتعدي الـ 1% ، فعدم التصالح على الجراجات مناقض للواقع هو أننا بنعمل قانون علشان لا نتصالح مع 99% الباقيين من المخالفات فهذا تناقض غريب.

وأضاف: معظم أو غالبية العقارات في مصر لم تفعل بند الجراجات فيها فتجدها ما أصبح من محلات تجارية أو وحدات سكنية أو مخازن، وهو أمر خطأ بكل وضوح، ونرفضه بكل حسم، ولكن السؤال المطروح هنا هو أننا بنواجه مشكله جديدة ولا قديمة، لو جديدة نستطيع منعها ونطالب بوقف تكرارها، ولكن المشكلة تكمن في ناس عايشة بقالها عشرات السنين، منوهًا: أن هناك حكم محكمة إدارية ينص علي تقاعس جهة الإدارة المحلية عن عمل إزالة المخالفة لا يعطيها الحق بعد سنوات طويلة أن تزيلها ولا يجوز هدمها وأن تم ذلك يحق للمواطن المطالبة بالتعويض.

وتابع: للأسف الشديد الجراجات موجودة في القوانين وفي القرارات التنظيمية للإدارات المحلية ولكن لم يتم تطبيقها سابقًا، فلذلك علي الدولة أن تتصالح وتقفل ملف التصالح نهائيًا، ولو الجراجات حررت خارج التصالح يبقي هناك استحالة للتصالح داخل المدن.

ونوه البرلماني أن هناك مشكلة هندسية مهمة يجب الانتباه إليها، هناك جراجات قائمة لا تصلح للسيارات لأن توزيع الأعمدة بها غير مصمم أن يكون فيها جراج لذلك تواجه صعوبات في دخول وخروج السيارات منها ، فـ الجراجات لها مواصفات واشتراطات محددة مثل تباعد الأعمدة أن يكون كبير للقدرة علي استيعاب السيارات وتسهيل حركتها، ووجود مخرج دخول وآخر للخروج للسيارات، ولفت إلى إمكانية تطبيق فكرة الجراجات متعددة الطوابق لاحتواء أكبر عدد من السيارات.

"الجراجات تُسبب أزمات كبيرة في البلاد لا يمكن التغافل عنها"

ومن جانبها، تؤكد النائبة مرفت عازر نصرالله عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، على الأهمية الكبيرة للجراجات في حياتنا، لأنها تساعد على تسهيل الحركة وخلق سيولة مرورية في الشوارع، فغياب الجراجات يدفع المواطنين لركن السيارات في الشوارع وبجانب الأرصفة.

وأضافت عضو لجنة الإسكان، وهو ما ينتج عنه أزمة مرورية وهو عائق يواجه سيارات الإسعاف في الوصول إلى المرضى في داخل الشوارع وكذلك الأمر بالنسبة لسيارات المطافئ الوصول إلى الحرائق وكذلك النجدة، ففي مشروع القانون الجديد للتصالح علي البناء يوجد بند خاص بالجراجات وهو لا يسمح بالتصالح علي مخالفات المباني التي لا يوجد بها جراجات والتي قام أصحابها بإلغائه وتحويلها إلى مشاريع استثمارية، فكان لابد من التصالح علي هذا الوضع القائم وهو ما يخالف القانون، ونحن ننتظر صدور القانون لعلاج هذه المشكلة.

وأشادت "عازر" بفكرة سماح الحكومة بإقامة جراجات مكشوفة وإصدار التراخيص لها وفقًا لضوابط وشروط محددة وهذا سيساعد على تنظيم ركن السيارات وتسهيل الحركة في الشوارع والطرقاتـ وأن الجراجات بالنسبة لها المنقذ الوحيد للكتل السكانية من الإزدحام المروري، وأعربت عن تأييدها للحكومة بعدم التصالح علي المخالفات الخاصة بالجراجات.

وتابعت: الجراجات تُسبب أزمات كبيرة في البلاد لا يمكن التغافل عنها، وجميعًا نشاهد وجود اصطفاف كامل للسيارات أمام المنازل في الشوارع وقد تصل في بعض الأوقات إلي وجود صفين من السيارات وبالأخص في المدن والمحافظات التي لا يوجد بها إدارات مرورية، فمن الصعب جدًا الاستغناء عن الجراجات، فتنظيم الجراجات يخدم المواطنين، وعلي أصحاب الوحدات السكنية تغير تفكيرهم وعليهم الاستثمار خارج الكتل السكنية وعودة الجراجات لاستخدامها المخصص لها.

"القانون يقرر ذلك ولا يحتاج إلى نص في العقد"

ومن جانبه أوضح المحامي كمال مهني مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين، إن القانون ينص على أن المباني التي تحمل رخصة فيها جراج لا يجوز تحويله إلى نشاط آخر، فالجراجات مستثناة من التصالح ولا يجوز التصالح عليها، وإن حدث ذلك يُنفذ قرار إزالة وإعادة الحال إلى ما هو عليه.

وأضاف مهني إنه يحق للمستأجر أو المشتري لوحدة سكنية داخل عقار معين أن يرفع قضية إلزام على المؤجر أو مالك العقار تلزمه بإعادة وضع الجراج لما علية وتسليمه حصته الخاصة في الجراج ويمكن إصدار دعوة حراسة علي الجراج وينفذ علية ويتم انتزاعه من المالك ويتولى أحد السكان حراسته حتي ولو كان غير مثبت في عقد الإيجار أو البيع، فالقانون يقرر ذلك ولا يحتاج الي نص في العقد.

"الضرر الناتج عن الجراجات يقع علي المواطن والدولة"

ومن ناحيته، يقول الدكتور حسن عبد الظاهر خبير هيئة النقل والمواصلات، إن الجراجات أمر حيوي وهام لحركة النقل والمرور داخل المدن والطرقات، وهناك بعض الكيانات الموجودة كالمنشآت التجارية والإدارية والسكنية بتصدر مشاكلها للدولة وينتج عن ذلك انتظار مخالف للسيارات في الشوارع وهذا يترتب عليه ازدحام مروري متكرر ، فإننا نشاهد تحول جراجات الكثير من العقارات الي أنشطة تجارية كالكافيهات والمخازن وبعضها لوحدات سكنيه وإدارية.

وأضاف "عبدالظاهر" أن الضرر الناتج عن ذلك يقع علي المواطن والدولة، فعدم وجود جراجات علي أرض الواقع تحتوي السيارات الموجودة سيترتب عليه وجود تأثر المرور بالسلب فضلًا عن مشاكل تأخر في المواعيد كالشغل والقطارات وغيرها، وقيام المواطن بركن السيارة في الشارع وهو مكان غير آمن يحدث اختناقات مرورية وحوداث سيارات وسرقه.

وعلق خبير النقل والمواصلات علي مطالبة النائب كمال أبو جليل بنقل جراجات الهيئة العامة للنقل خارج القاهرة والإسكندرية، بأن جراجات النقل العام الموجودة داخل القاهرة الكبري كانت غير موجودة داخل الحيز العمراني ولكن مع مرور الزمن زحف العمران إليها وأصبحت داخل الكتل السكنية، ولكن يمكن نقل هذه الجراجات خارج الكتل السكنية واستغلال هذه الأراضي في المشروعات الاستثمارية.

اقرأ أيضا