قال النائب محمد فريد عضو مجلس الشيوخ, إن أزمة تزايد الدين العام هو في تصوري عرض وليست مرض، فالمرض هنا هو تعاظم دور الدولة في الاقتصاد ومزاحمة القطاع الخاص، وهو ما تسبب في اختلال هيكلي في البنية الاقتصادية ممثلة في انكماش مستمر للقطاع الخاص غير النفطي، وهو ما أدى بدوره للدخول في حلقة من محاولة تعويض الانكماش بمزيد من التدخل مصحوبًا بتراكم مزيد من الديون, واحد أهم الشواهد وهو نسبة الدين الخارجي لحصيلة الصادرات بنسبة جاوزت 213% في الربع الثاني من العام 22/23.
الشاهد الآخر, أنه وبالرغم من محاولات وزارة المالية تحقيق الانضباط المالي وتحقيق فائض أولي مستمر للموازنة العامة، لكن هذا الفائض ظل مصحوبًا بتنامي في قيمة الدين العام.
بالإضافة للسبب الرئيسي، فهناك عدة أسباب أخرى خارجية ساهمت في تراكم قيم الدين:
1- تبعات جائحة كورونا وما تسببت فيه من ارتفاع في الدين الحكومي على مستوى العالم ومصر بالطبع.
2- ما صاحبه من بطء النمو الاقتصادي وما تلاه من ارتفاع في أسعار الفائدة تسبب في ارتفاع كبير في مدفوعات الدين العام في مصر ومع اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة على الدين والنمو الاقتصادي وهو ما تسبب أيضًا في مراكمة الدين وارتفاع نسبة الدين للناتج المحلي.
3-وبالإضافة لما سبق، فإن التغير في سعر الصرف كان له أثر إضافي في تعاظم قيمة الدين و نسبته للناتج المحلي.
وتسبب هذا كله في أن تتجاوز نسبة أعباء الدين المقرر سدادها هذا العام7 .113% من إجمالي الإيرادات المتاحة (الضرائب والمنح والإيرادات الأخرى)، وبصورة أدق متوقع أن تتجاوز مدفوعات أعباء الدين حوالي 160% من الحصيلة الضريبية.
وبالحديث عن الإيرادات، فإنه بالنظر لنسبة المتحصلات الضريبية للناتج المحلي في العشرين عام الماضية، نجد أن أعلى نسبة كانت في سنة 2005-2006 كانت 15.8% وتنخفض هذه النسبة بصورة ملحوظة، لنجد أنها بلغت 12.3% في عام 2022-2023.
ويحدث هذا رغم الزيادات في شرائح الضرائب وإقرار ضرائب جديدة وتكثيف التحصيل مما يضعنا أمام استنتاج اثبتته التجربة والنظرية أن تبسيط القواعد الضريبية وتقليلها وخفض الشرائح والنسب تساعد في زيادة الحصيلة، وهو ما يعني أننا بحاجة لمراجعة الفلسفة والمسار الضريبي الحالي مراجعة فلسفة السياسات الضريبية والرسوم المفروضة والتي تؤدي لتقليل الحصيلة وليس زيادتها، هذا كله تسبب في ما دفع الحكومة للجوء لتمويل هذا العجز بالاستدانة والمقدر لها أن تبلغ 99.9% من قيمة الإيرادات.
وبالتالي لابد من معالجة السبب الرئيسي للمرض وهو تخارج الدولة من الاقتصاد مصحوبًا بتحرير القطاعات الاقتصادية المختلفة لتعزيز التنافسية وقابليتها للاستثمار، وهو ما يتطلب مجموعة من التوصيات على مسارين.
المسار الأول وهو تعزيز حوكمة الدين العام
رغم وجود عدة أطر تشريعية لادارة الدين مذكورة في الدستور و مجموعة من القوانين المختلفة مثل قانون المالية العامة الموحد وقانون البنك المركزي ومجموعة واسعة من القرارات الوزارية فإننا نقترح ان يتم اصدار قانون لإدارة الدين العام يشمل تعريف محدد للدين العام وجهات ضمانه و الأهداف والشروط يتم تجميع أحكام ادارة الدين المتفرقة فيه و يقوم بتحديد الأدوار و المسؤوليات للجهات الحكومية المتداخلة و يعزز من التكامل بينهم و يقلل من التهابات و التضاربات
- تحديث سيناريوهات ومستهدفات استراتيجية إدارة الدين المدى متوسط المدى MTDS المنشورة على موقع وزارة المالية حيث تختلف المستهدفات عن الأمر الواقع
- تعزيز الإفصاح والشفافية المالية و تحديث البيانات المتاحة و المنشورة
المسار الثاني وهو مسار السياسات الاقتصادية
- العمل على تحرير بعض القطاعات الاقتصادية، ولا يعني هذا التخارج فقط ولكن إعداد بنية تنظيمية وتشريعية وتنفيذية لتعزيز تنافسية هذه القطاعات مع تخارج الدولة منها وأرى أن الأولوية هي لقطاعات الطاقة والاتصالات.
- الإسراع في تنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة والتخارج من السوق.
- إعادة النظر في السياسات الضريبية ورفع حدود الإعفاء الضريبية على الدخل.
- إلزام جهات الدولة خاصة الهيئات العامة الاقتصادية وغيرها بالامتثال الضريبي وأداء ما عليها من مستحقات الخزانة العامة للدولة.
- تبني سياسة سعر صرف مرنة.