في إطار الدور التي تلعبه الحكومة المصرية لدعم جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤسسات الدولة المصرية، من خلال إطلاق وتنظيم الفعاليات والمبادرات المجتمعية، في مختلف المجالات لتلبية احتياجات المواطنين بذلت مصر العديد من الجهود للقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر التي أصبحت ظاهرة ظاهرة دولية تؤرق المجتمع الدولي، ولا سيما أنها لا تقتصر على دولة واحدة وإنما تمتد لتشمل العديد من الدول نتيجة لكونها أحد أشكال الجريمة المنظمة، إلا أنها تختلف باختلاف صورها وأنماطها من دولة إلى دولة أخرى وفقا لمفهوم الاتجار بالبشر في تشريعاتها الوطنية، ومدى احترامها لحقوق الإنسان، حيث شهد المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة تصاعد ظاهرة الاتجار بالبشر، فمع تنامي بؤر الصراعات المسلحة سواء الداخلية أو الدولية ووجود كثير من مناطق العالم التي تعانى من الاضطرابات الداخلية، وعدم الاستقرار السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، في بعض البلدان لا سيما في بلدان العالم الثالث التي توفر لعصابات الجريمة المنظمة عبر الوطنية ظروف معيشية سهلت وجود موارد متجددة من الضحايا من أجل تحقيق مبالغ طائلة من وراء استغلالهم.
وفي هذا الصدد بذلت مصر العديد من الجهود الكبيرة والعظيمة حيث عملت على بناء منظومة شاملة لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا من تداعياتها الخطيرة، فصدقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكول الأمم المتحدة لمنع، وقمع، ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 294 لسنة 2003 م، وذلك وفقا للمادة 151 من دستور عام 1971 – الذي كان معمولا به وقت الانضمام للاتفاقية، والذي كان ينص على "أن تكون للمعاهدات الدولية قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة".
مصر تضمن حياة كريمة لمواطنيها
في البداية يقول "حازم عبد الفتاح" محلل سياسي إن مصر تعتبر من الدول الرئيسية في مجموعة أصدقاء مكافحة الاتجار بالبشر في نيويورك، وساهمت في وضع مشروع قرار تطرق بوضوح إلى هذا الجانب، كما تحسبت الحكومة المصرية لهذا البعد الخطير عند صياغة الاستراتيجية الوطنية الثالثة لمكافحة الاتجار بالبشر 2022-2026، حيث تم تضمينها في محاور الاستراتيجية لا سيما محوري التوعية وبناء القدرات الوطنية. "
موضحا" عبد الفتاح "أن مصر حققت خلال عام 2021 إنجازات مهمة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية في هذا الخصوص. وتتصدر الاستراتيجية الوطنية الثالثة لمنع ومكافحة الاتجار في البشر (2022-2026) قائمة الإيجابيات التي نعتز بها حيث تمت صياغتها بعد تقييم ما قامت به مصر ودراسته وتحليله للتعرف على البرامج التي تحتاج لتطوير وتحديث وتلك التي تتطلب مزيدا من الموارد المالية والفنية لاستكمالها.
وأوضح رئيس الوزراء في تصريحات صحفية أن مصر اتخذت مصر كافة الإجراءات الاحترازية التي تضمن حياة كريمة لمواطنيها في ظل التحديات الاقتصادية المترتبة على الأزمات السالف ذكرها، وحتى لا يقع أي مواطن فريسة لأي شكل من أشكال جريمة الاتجار بالبشر، مؤكدا على الإرادة السياسية الجادة والمستمرة على أعلى المستويات للحد من هذه الجريمة النكراء، في سبيل حماية الفرد والمجتمع من خلال المساعدات والمشروعات المقدمة لأكثر الفئات احتياجا مثل حياة كريمة، وتكافل وكرامة، إلى جانب الدعم المقدم لقطاع العمل غير الرسمي.
الاتجار بالبشر والقانون
وفي السياق ذاته أكد "محمود على" مستشار قانوني أن المشرع المصري عرف في القانون رقم (64) بشأن مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2010م، الاتجار بالبشر بأنه ”يعد مرتكب لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسليم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه- وذلك كله- إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول أو استئصال الأعضاء البشرية أو الأنسجة البشرية أو جزء منها”.
فضلا عن إصدارها القانون رقم 5 لسنة2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية ولائحته التنفيذية، وتعديل بعض أحكامه بالقانون رقم 142 لسنة 2017، وذلك بغرض التصدي لجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية باعتبارها أحد أنماط وصور الاتجار بالبشر، والذي نظم أيضا عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية بشكل قانوني- ليغلق الأبواب أمام مافيا عصابات الجريمة المنظمة في التعامل مع البشر كسلع يتم تداولها بشكل يمتهن الكرامة الإنسانية ولا يتسق مع مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها.
الإتجار بالبشر والدستور
وبين الدكتور "فؤاد عبدالنبى" أن دستور 2014 على أن الدولة تلتزم بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التى صدقت عليها في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر بإعتبارها في مصاف التشريعات الملزمة وفقاً للمادة 93 من الدستور المصري. وشاركت مصر المجتمع الدولي في جهوده لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر فقد قامت بالتصديق والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق والصكوك والبروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام وتدابير ذات صلة بمكافحة استغلال الأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزءاً من القوانين الوطنية المطبقة في مصر وتلتزم السلطات المعنية – قانوناً - في الدولة بتطبيق وإنفاذ الأحكام الواردة فيها.
شملت الوثيقة الدستورية الصادرة عام 2014م القواعد العامة التي بمقتضاها تتصدى لجرائم الاتجار بالبشر، فقد حرصت على إسباغ حماية دستورية وجنائية فيما يتعلق بحظر وتجريم الاتجار بالبشر، ومن بين المواد التي تعرضت لهذا الموضوع كيفية التبرع بالأعضاء البشرية لتواجه بذلك جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية والتي تعد صورة من صور الاتجار بالبشر، كما تم حظر " كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر، ويجرم القانون كل ذلك"، وحظر كذلك من الاتجار بأعضاء الإنسان - كصورة من صور الاتجار بالبشر.
كما قررت المادة (80) من الدستور حماية خاصة للطفل من الاستغلال الجنسي والتجاري – كصورتين للاتجار بالبشر – بقولها: " وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري".