الحقيقة الغائبة وراء انقطاع الكهرباء.. وهل سيستمر تخفيف الأحمال أم سينتهي؟

>> تقارير إعلامية دولية: زيادة صادرات الحكومة للغاز بهدف توفير عملات أجنبية لسد عجز الموازنة وفوائد الدين وراء الأزمة

>> " القابضة للكهرباء" تحذر المواطنين من خطر ركوب المصاعد بعد 12 ليلا و"مدبولي" و" شاكر" يطالبان بترشيد الاستهلاك لتقصير فترة تخفيف الأحمال

يتزامن استمرار الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، مع زيادة عدد مرات وساعات انقطاع الكهرباء في جميع مناطق الجمهورية، وتزداد فترات الانقطاع يوميًا في قري الدلتا والصعيد، وهو الأمر الذي تسبب في أضرار بالغة لقطاعات مختلفة خاصة القطاعات الصحية والمستشفيات وتجار الأغذية المحفوظة، والدواجن ومصنعات اللحوم.

ومع زيادة ثورة الغضب والسخط الاجتماعي علي الحكومة بسبب انقطاع الكهرباء، ظهر الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ليعلن أن الحكومة تخفف أحمال الكهرباء بسبب الموجة الحارة التي تشهدها البلاد حاليًا، وزيادة استهلاك الطاقة الكهربائية، وهو ما تطلب زيادة استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، مما أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء.

ولفت مدبولي، إلي أننا حاليًا في فترة تخفيف أحمال مؤقتة، وأنه سوف يتم الاستمرار في تخفيف الأحمال حتى منتصف الأسبوع المقبل، وطالب المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك من الكهرباء، فما هي الأسباب الحقيقية لانقطاع الكهرباء؟ وهل سيستمر هذا الأمر خاصة مع زيادة الطلب علي الغاز المصري من الدول الأوروبية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وامتناع روسيا عن توريد الغاز لأوروبا، خاصةً وأن ايرادات هذا الغاز المصدر توفر سيولة مادية جيدة من العملات الأجنبية التي تغطي جزءً من احتياجات الحكومة للعملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي؟.

الحقيقة التي كشفتها بعض التقارير الإعلامية الدولية، أن الحكومة بدأت منذ أغسطس الماضي تنفيذ خطة لتقليص استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء، وتهدف هذه الخطة إلى إعادة تصدير الزيادة من إنتاج الغاز الطبيعي إلى الخارج، واستغلال أسعاره في تعزيز موازنة البلاد بالعملة الصعبة، ويدعم مصداقية هذه التقارير ما أعلنته الشركة القابضة لكهرباء مصر بشكل رسمي عن مواعيد قطع الكهرباء في مصر، وموعد وقف تخفيف الأحمال، إلى جانب بعض النصائح للمواطنين للتعامل عند انقطاع الكهرباء حفاظًا على سلامتهم.

وأوضحت الشركة، في بيان لها، أنه تم تفعيل نظام مواعيد قطع الكهرباء في مصر بداية من منتصف ليلة السبت 22 يوليو 2023 وأنها ملتزمة بتنفيذ برنامج تخفيف الأحمال طبقًا للقدرات المطلوبة من كل تحكم، وحذرت الشركة المواطنين من استخدام المصاعد في منتصف الليل حفاظًا على سلامتهم، لأن هذه الفترة من فترات قطع الكهرباء المقررة في جدول تخفيف الأحمال .

ويدور الجدل في الشارع المصري حول تصريحات سابقة لوزير الكهرباء بأن لدينا فائضًا كبيرًا من انتاج الكهرباء، وأن الطاقة الإنتاجية للمحطات تكفي احتياجاتنا وتزيد، حتي لو زادت أحمال استخدام المواطنين أضعاف ذلك بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ونشر موقع "صحيح مصر" نقلًا عن بيانات للجهاز المركزي للمحاسبات أن قدرات مصر الإنتاجية للكهرباء تضاعفت وأصبحت أكبر بكثير من الحاجة الفعلية للاستهلاك خلال الفترة مابين 2011 و2020، حيث كانت قدرة محطات توليد الكهرباء في 2011/ 2012 نحو 23.8 ميجاوات والحمل الأقصى للاستهلاك 25.7 ميجاوات، أي أن هناك عجزًا في الإنتاج بنحو 2.1 ميجاوات، وفي عام 2019/2020 أصبحت القدرة الفعلية 58،8 ميجاوات والحمل الأقصى للاستهلاك32 ميجاوات، أي أن هناك فائضًا هائلًا يغطي أي زيادة في الطلب علي الكهرباء!!

ومن جانبه برر أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة، سبب انقطاع الكهرباء خلال مداخلة هاتفية له مع أحد البرامج الفضائية قائلًا :" إننا وصلنا لأعلى رقم في تاريخ مصر في الأحمال للكهرباء، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وما حدث خلال الأيام الماضية من قطع الكهرباء في مصر هو تخفيف للأحمال لمواجهة أعباء الموجة الحارة، لأن زيادة إنتاج الكهرباء تتطلب زيادة استهلاك الغاز، وهذا يتطلب زيادة الضغط المطلوب، وخلال فترة قصيرة لن يكون هناك قطع الكهرباء في مصر بعد وصول ضغط الغاز المناسب للإنتاج.

وعلي نفس الدرب، برر الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أسباب انقطاع الكهرباء في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط قائلً، "إنه على الرغم من تخفيف الأحمال مؤقتًا في بعض المناطق، فإن هذه الإجراءات يتم اتخاذها في أضيق الحدود لتجنب أي زيادة في الأحمال الكهربية، نتيجة للموجة الحارة الشديدة التي تشهدها البلاد، مؤكدًا أن هذه الخطوة الضرورية تستهدف الوصول للضغوط العادية لشبكة الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وتلبية كافة الاحتياجات الكهربية بتحقيق التوازن بين الإنتاج واستهلاك الكهرباء".

واختتم شاكر حديثه قائلًا: "ترشيد استهلاك الكهرباء خلال هذه الموجة الحارة، يستهدف الحفاظ على استدامة توفير الكهرباء يوميًا على المدى الطويل، وذلك في إطار حرص الوزارة على بناء نظام طاقة مستدامة تلبي احتياجات الأجيال التالية، وطالب شاكر بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة بإطفاء الأنوار والأجهزة عند عدم الاستخدام، وتحسين كفاءة استخدام أجهزة تكييف الهواء، وتجنب استهلاك الكهرباء غير الضروري خلال ساعات الذروة".