شهدت منظومة الشهر العقاري والتوثيق عملية تطوير نوعية وطفرة غير مسبوقة من خلال محاور متعددة سواء على صعيد التوسع الجغرافي أو ميكنة ورقمنة الخدمات وتهيئة بيئة العمل المناسبة ورفع كفاءة المقرات المختلفة، وذلك في إطار استراتيجية الدولة ورؤيتها الممنهجة نحو بناء مصر الرقمية والنهوض بالأداء الحكومي على مختلف المستويات، بما يضمن تقديم خدمة متميزة، وحماية الممتلكات، وتشجيع بيئة الاستثمار، إلى جانب إجراء التعديلات القانونية اللازمة التي توفر التيسيرات والتسهيلات أمام المواطنين لتسجيل وتوثيق ممتلكاتهم وذلك من خلال القانون ٩ لسنة ٢٠٢٢ الذي دخل حيز التنفيذ في 7 مايو من العام الماضي أي منذ عام ، ازالة العقبات في القانون القديم التي كانت تحول تسجيل الملكية من خلال إجراءات ميسرة للشهر في مقدمتها إلغاء شرط تسلسل الملكية و تحديد سقف زمني لا تزيد عن 37 يوما فقط ، بهدف تشجيع المواطنين على تسجيل ممتلكاتهم العقارية مما يكفل الحماية القانونية للملكية العقارية.
وبعد مرور عام على العمل بالقانون رقم ٩ لسنة ٢٠٢٢ الخاص بالشهر الشخصي والذي يعد في مقدمة القوانين التي تمس مصالح الجماهير فهو ينظم شأنا هاما من شئونهم حينما ينزلون على حكمه بوجوب شهر او تسجيل ملكياتهم , ولأنه كانت الغاية من هذا القانون أو التعديلات التي تمت هي تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تهيئة سبيل العلم للكافة بما وقع من تصرفات على الأعيان التي يتعاملون فيها ووضوح الرؤية دون ريب ، فإن السبيل إلى تحقيق تلك الغاية، كان لزاما أن يكون ميسرا بعيدا عن التعقيد و لا يحمل ذوي الشأن مالا يطيقون. ومن ثم وبعد مرور أعوام كثيرة على قانون تنظيم الشهر العقاري، الذي شاهد تعديلات عديدة عبر العهود السابقة والأنظمة المختلفة منذ صدور القانون عام ١٩٤٦، فقد جرت مراجعة أحكامه على ضوء ما كشف عنه التطبيق لتعديل ما تدعو الحاجة إلى تعديله من هذه الأحكام أو تدارك أوجه النقص فيها.
ولما جاءت التعديلات على أحكام القانون ١١٤ لسنة ١٩٤٦ فحظر فيها المشرع شهر الملكية العقارية، إذا خالف المواطن ما جاء بها ومنها وظهر هذا التعارض والتناقض فى القانون الذي أثار جدلا واسعا آنذاك رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦بتنظيم الشهر العقاري والتي حتي تتلاءم مع أحداث التطورات ولم يعالج ما كشف عنه تطبيق التشريع من بعض المثالب والعيوب والغموض الذى اتسمت به بعض أحكامه، ويسد ما فيه من ثغرات ،ولابد أن يتسم القانون بالمرونة اللازمة لتحقيق الأغراض المرجوة منه بإعادة ترتيب مواده وتغيير ألفاظه وخاصة المادة الملغمة ٣٥ مكرر ، وعلي أثره تم تعطيل القانون لمدة عامين حتي خروج تشريع يتوافق عليه الجميع ويتناسب مع رغبة الجماهير طبقا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي وتزجيهاته الب المجالس النيابية والحكومة بعد الرفض الشعبي ، ثم جاء القانون رقم ٩ لسنة ٢٠٢٢ ليعالج القانون ١٨٦ لسنة ٢٠٢١ دون النظر إلى المادة الملغمة ٣٥ مكرر والتي يتم العمل بها في ٣٠ يونيو المقبل، والتي حظر المشرع فيها تسجيل الملكية العقارية إذا خالف المواطن ما جاء لها أو إليها، حيث الزمت "شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد لضمان استمرار نقل الملكية المشهرة قانونًا. وأناطت المادة أيضًا باللائحة التنفيذية بيان إجراءات وقواعد تطبيق أحكامها " التي تتعارض مع أالقانون الحالي والسابق بعودة العمل بالمادة ٣٥ مكرر.
وآخيرا وليس أخرا الحكم على نجاح اى عمل تشريعى يقوم على ما يحققه من فائدة حقيقية للشعب، وما يدفعه من ضرر وما يرسيه من أساس للمستقبل، في تحقيق المعايير الحاكمة للتشريع بأن يكون ترتيب شئون المجتمع على نحو يتسم بالجدية والرشد والعقلانية، ويعبر عن المصالح الإجتماعية الراجحة في المجتمع، ومن ثم فإن جوهر التشريع الرشيد يقوم علي الموازنة بين المصالح بما يحقق التوفيق بينها إلي أقصى حد مستطاع ، ويحقق المستهدف، ألا وهو خير المجموع لا مجرد مصالح جماعات محددة أو أهداف معينة، تحقيقا لاستمراريته ونزوعا به إلى العدل المطلق قدر الإمكان لتنظيم العلاقات الإجتماعية وتتحقق العمومية والتجريد من الناحية.