قال الدكتور عبد الرحمن دياب، خبير الضرائب ودراسات الجدوى والمدير التنفيذي لمجموعة أجياد للاستشارات المالية، إن مصر أول من استخدم فنون المحاسبة الضريبية، ويرجع ذلك لاحتياجات مصر وليس لأنها دولة تهوى جمع الضرائب.
وأضاف «دياب» في حواره لـ«بلدنا اليوم»، أن سيدنا يوسف يعتبر أول المحاسبين تاريخيًا، بينما نشأت فكرة ضريبة القيمة المضافة حديثًا في دول الخليج، متابعًا: «لا يتعدى عمرها الـ3 سنوات».
وأضاف خبير الضرائب ودراسات الجدوى، أن مصر تصنف من الدول ذو الشرائح الضريبية المنخفضة ولكن يعيبها التشعب في الضرائب المفروضة، وذلك يسبب قلق للمستثمر -على حد وصفه-.
وطالب المدير التنفيذي لـ«أجياد»، بزيادة شريحة الضريبة ولكن بتوحيدها دون تشعب؛ لسهولة معرفة متخذ القرار مخصصاته المالية، وإلى نص الحوار..
في البداية حدثنا عن مجموعة أجياد للاستشارات المالية وطبيعة عملها؟
احنا مجموعة بنقدم استشارات مالية وضريبية ودراسات جدوى وكافة ما يتعلق بالعلوم المحاسبية، بدأنا شغلنا في 2012، وقدمنا العديد من الاستشارات المالية لشركات دولية وعالمية وشرق أوسطية، وألقت خدماتنا استحسان ورضا من عملائنا، وقدرنا في خلال الفترة الماضية الارتقاء بحجم وطبيعة المعلومة التي تقدم لمتخذي القرار.
العلوم المحاسبية هدفها الوصول بالمعلومة في التوقيت والمكان وأسلوب العرض المناسب، قد تجد أن معلومة محاسبية قد تصل في التوقيت الخاطئ لمتخذ القرار ؛ مما يؤدى إلى قرار خاطئ.
ونحن كمجوعة أجياد عملنا على تجنب تلك المشكلات وحققنا بالفعل نجاح كبير بشهادة عملائنا، وتطرقنا في 2019 للتوسع في منطقة الخليج العربي، لوجود عدد كبير من العملاء، يقومون بالتواصل مع الشركة في مصر، فتم اتخاذ القرار بإنشاء مقر للشركة بدولة الإمارات العربية المتحدة «دبي» ويوجد مقرات أخرى للشركة بالمملكة العربية السعودية (الرياض) ونسعد بخدمة أهلنا في البلدين الشقيقتين، وقدرتنا على تقديم الخدمات والاستشارات ونتمنى دائمًا أن ننال إعجاب عملائنا.
هل القانون الضريبي يختلف في مصر عن دول الخليج؟
بالتأكيد الخليج دولة ناشئة ضريبية، حيث عرف في مصر بداية فنون المحاسبة الضريبة والعلوم الضريبية، فسيدنا يوسف أول المحاسبين تاريخيًا، والعلوم المحاسبية في مصر قديمة قدم التاريخ، بينما فكرة ضريبة القيمة المضافة نشأت حديثًا في دول الخليج حيث تم التعارف عليها منذ 3 أعوام، ويرجع ذلك لاحتياجات مصر وليس لأن مصر دولة تهوى جمع الضرائب، وهنا استشهد بكلمة الرئيس السيسي «حد يقدر على مصروف مصر»، فمصر تخطت حاجز الـ100 مليون مواطن، فمستهلكات الشعب المصري من الغذاء، تكفي عدة دول، وعلى المستوى الأمني أيضًا عندما قال الرئيس «مسافة السكة» فمن احتياجات مصر تأمين دول أخرى للحفاظ على أمنها القومي.
حوار عبد الرحمن دياب لـ«بلدنا اليوم»
ما أوجه المقارنة بالدول المشابهة من حيث التعداد السكانى فى النظام المحاسبي؟
يتسم الوضع بالعديد من المزايا وبعض العيوب، قد تكون من ضمن عيوبه العشوائية في الفئات الضريبة وتنوع الضرائب، ويترتب على ذلك عدم قدرة المستثمر بمعرفة ما هو مطالب به، بسبب التشعب، في مصر على سبيل المثال يتم طلب (ضريبة القيمة المضافة، ضريبة كسب عمل، ضريبة الدخل... إلخ،) بينما في بعض الدول يتم تحديد نسبة مئوية للدخل للضرائب ثابتة ومعلومة مما يمكن المستثمر من تحديد المطلوب منه، ومن المميزات أن مصر تصنف من ذي الشرائح الضريبية المنخفضة ولكن متشعبة وذلك يسبب قلق للمستثمر، ولكن في رأيي الشخصي أن الدولة تقوم بزيادة شريحة الضريبة ولكن بدون تشعب لسهولة معرفة متخذ القرار مخصصاته المالية.
ما رأيك في سرعة تغيير القوانين في مصر.. وما مدى تأثير ذلك على الاستثمار؟
للأسف يشعر المستثمر بالقلق بسبب كثرة تغيير القوانين والتعديلات التشريعية، حيث إن تلك التعديلات تأتي بشكل يومى، فأصبح المستثمر يعيد تفكيره في الاستثمار داخل مصر خوفًا من التغيرات التي لا يعرف إذا كانت ستؤدي إلى التأثير على استثماراته أم لا؛ مما يجعلنا كمحاسبين، وخبراء ضرائب، بتحديث أنفسنا يوميًا مواكبة للقوانين والمعاملات الجديدة.
علاوة على ذلك التعديلات ليست جوهرية وليست مؤثرة بقوة ولكنها مخيفة للمستثمر ولا توحى بالاستقرار، ورأس المال جبان.
حوار عبد الرحمن دياب لـ«بلدنا اليوم»
أي قطاع ترشحه للمستثمرين فى مصر الآن؟
تمر مصر بأزمة في تلك الفترة، ولكن أنا أراها فرصة للمستثمرين فهي عملة ذات وجهين، الوجه الأول هي مشكلة اقتصادية سيتم الخروج منها قريبًا، والوجه الآخر أن انخفاض العملة وعملية التضخم والتعويم أدى إلى أن مصر أصبحت أرض خصبة للاستثمار، فمثلًا زجاجة مياه يتم بيعها بـ3 جنيهات وتساوى مبلغ (س) بعملة دولة المستثمر وعندما تم اتخاذ قرار التعويم ارتفع سعرها من 3 جنيهات لـ4 جنيهات فزيادة الجنيه فى السلعة ليس بقدر الانخفاض في عملة المستثمر الخارجي، فأصبحت مصر أرض خصبة للاستثمار.
المستثمر سيقوم بتصدير منتجاتها المصرية بنصف الثمن ومع فرق تسعيرة اليد العاملة أيضًا، بالإضافة إلى أن الدولة المصرية وفرت مناخ جيد للاستثمار، وأيد عاملة رخيصة، وفرص تصديرية كبيرة، فأي منتج مصري صالح للتصدير بمختلف فئاته، والأسواق تستوعب الصادرات المصرية بمختلف فئاتها، وعلى سبيل المثال تم عمل دراسة جدوى خاصة بالأخشاب الذي يتم استيرادها لمصر لنكتشف أنها فرز سابع، فالتصدير فى مصر لا يعتمد على الفئات الأولى فقط.
هل ساهمت قرارات الدولة بحوكمة ورقمنة الجهاز الإدارى للدولة فى تسويق الفرص الاستثمارية؟
بكل تأكيد ساهمت قرارات الدولة الخاصة بالرقمنة والحوكمة فى الربط والتسهيل فى عمليات الاستثمار، فمن الممكن الآن أن يتم رفع الإقرار الضريبي من خارج الدولة، وهناك شركات دولية يتم تقديم خدمات ضريبية لها الآن وأصبحت قادرة على تقديم الإقرار الضريبي لها من خلال النظام الجديد في أي وقت، تلك الخطوة جاءت متأخرة ولكنها جاءت.
حوار عبد الرحمن دياب لـ«بلدنا اليوم»
ما هي أهم معوقات الاستثمار؟
معوقات الاستثمار ترتكز على شقين، أول شق هو التخوفات الضريبة الناتجة عن قانون الإجراءات القانونية الموحد والعقوبات الناتجة عنه، فهذا القانون تم طرحه فى الوقت المناسب وفي المكان الصحيح في صورته الأولى عندما تم إقراره من مجلس النواب ولكن يوجد سلبيات للقانون، فهناك عدد من الإقرارات المقدمة سنويًا، فإذا تم فقد إقرار واحد فقط يتعرض صاحبه للمسائلة القانونية، تلك العقوبات تثير القلق في نفوس المستثمرين، وأي مستثمر أجنبي من الدول العربية الشقيقة بالأخص الذين يعشقون مصر، يتحدثون كثيرًا عن تلك العقوبات متخوفين من الغرامات المالية التي من الممكن أن تفرض عليهم بسبب خطأ من المتوقع حدوثه في أي وقت عن غير عمد، وهنا يجب أن نطالب بإعادة النظر في قانون العقوبات.
بالطبع مؤسسة الرئاسة قادرة على كشف الجانب المظلم للاستثمار في مصر كما تقوم بتطوير الجانب الإيجابي، ولا أزيد عن رؤية الرئاسة لمعوقات الاستثمار في مصر، ويأتي ذلك في قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي من ضمنها قرار الرخصة الذهبية، ولا ينقصها غير التسويق وهنا أضرب مثل بالتسويق في الدول العربية وبالأخص في دولة الإمارات التي تقوم بعد تعديل القانون أو التشريع بالتسويق له بشتى اللغات.
أصبح فى مصر عدة فرص استثمارية لا حصر لها ومشكلتنا الكبيرة في التسويق، ويجب على كل العاملين بالخارج وفروع شركتنا أن يكونوا سفراء لمصر.
حوار عبد الرحمن دياب لـ«بلدنا اليوم»
لماذا يتم اتهام وزارة المالية بتجميع الضرائب فقط؟
كل عائد يقابله تكلفة، مثل فكرة الرقمنة، فتلك المنظومة لها اشتراك يقدر بحوالى 320 جنيهًا، وفي المقابل مكنت المواطن من تقديم إقراره الضريبي من كل مكان في العالم وفي أي توقيت، وهي تكفي لتقديم 16 مليون إقرار، ناهيك عن خدمة العملاء المتميزة، يجب تعريف المواطن بسبب استقطاع الضريبة وسبب التجديد السنوى للاشتراك.
هل يُعد تقديم 12 إقرار شهريًا أمر مبالغ فيه أو كثير؟
ليس بالكثير فكانت تلك الإقرارات كثيرة بالفعل عندما كان النظام ورقي، وإنما الآن الوضع مختلف فيقوم المحاسب بتجميع إجمالي المبيعات والمشتريات في إقرار ويتم رفعها على المنظومة الإلكترونية، ولكن نحن لدينا مشكلة كمجتمع في الثقافة الضريبية.
حوار عبد الرحمن دياب لـ«بلدنا اليوم»
متى سيكون لمصر نظام ضريبي مناسب للمناخ الاستثماري؟
مصر على المسار الصحيح المؤدي لذلك ولكن يرتبط سرعة وصولنا لذلك بقدرة الجهاز الإدارى للدولة على استيعاب أفكار المؤسسات القيادية فى مصر، حيث ينبهر الجهاز بحجم الوعي والثقافة داخل تلك المؤسسات ولكن يتم الصدام بمجرد التلامس بموظف الضرائب الذي من المطالب منه أن يكون على قدر عالي من الوعي بمخططات المؤسسات الإدارية، وبذلك فسرعة القيادة السياسية أكثر بكثير من الجهاز الإداري بالدولة، ولكن يتم العمل على تلك المشكلة بانتقاء الموظفين، ولكن يجب دمج الوقت لتسريع الوتيرة لأننا لا نمتلك رفاهية الوقت.