قال السفير الروسى بالقاهرة، جيورجى بوريسينكو، إن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة حتى تحقق أهدافها، وروسيا مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات مع أوكرانيا ولكن لسوء الحظ الحكومة الأوكرانية غير مستعدة للتفاوض.
وأكد على هامش حواره مع جريدة «بلدنا اليوم» أن انضمام فنلندا لحلف الناتو خيبة أمل كبيرة لروسيا ولأجيال فنلندا القادمة، حيث حولها إلى عدو لروسيا وأصبحت هدفا لصواريخنا للدفاع عن الأراضى الروسية ضد قوات حلف الناتو.
وأشار جيورجى إلى أن مصر بوابة روسيا فى أفريقيا حيث ارتفع التبادل التجارى بين موسكو والقاهرة خلال العام الماضى إلى 6.1 مليارات دولار، كما تعد مصر الشريك الأساسى لروسيا فى قارة أفريقيا فى مختلف القطاعات.
وإلى نص الحوار..
كيف ترى العلاقة بين مصر وروسيا بعد الأزمة الأوكرانية؟
العلاقة بين مصر وروسيا فى أفضل شكل، ولقد رأينا على مدار عشرات السنين الماضية الصداقة والتعاون المصرى الروسى العميق والمثمر، الذى بدأ فى 1950 عندما اندلعت الحرب بين مصر وإسرائيل، حيث ساندت موسكو مصر بشكل قوى ومستمر، لذلك أصبحت علاقة الصداقة والتعاون بين مصر وروسيا أقوى ولا سيما خلال الفترة الماضية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى تربطه علاقة ودية وطيبة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وهناك تعاون بين مصر وروسيا فى شتى المشروعات والمجالات ومنها المشروعات النووية كمشروع الضبعة الذى تنفذه الشركة الحكومية للطاقة النووية روساتوم، كما تعمل روسيا على إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس.
وتعد روسيا المورد الأساسى للقمح إلى الأسواق المصرية وأيضًا ترسل العديد من المعدات والآلات وغيرها من مواد الإنتاج، وهناك حوالى إلى 500 شركة روسية تعمل فى مصر.
ما تعليقك على انضمام مصر إلى مجموعة البريكس.. وما هى الدول المتوقع انضمامها خلال الفترات المقبلة؟
أصبحت مصر بشكل رسمى عضوًا جديدًا فى بنك التنمية الجديد الذى أنشأته دول البريكس، وروسيا دعمت انضمام مصر فى سبتمبر الماضى، ونعلم أنه لا بد من التشاور بين الأعضاء قبل انضمام أعضاء جدد ولكن روسيا والصين دعمتا بفاعلية كبيرة عضويتها.
وانضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد يعطى القاهرة فرصة لاستقبال بعض القروض من البنك للمساعدة فى تحسين الاقتصاد المصرى، كما أننا نؤمن أن العضوية مفيدة لمصر وللأعضاء الآخرين.
وهناك دول أخرى تود الانضمام إلى البريكس كالمملكة العربية السعودية، كما تشهد المجموعة اهتماما دوليا متزايدا للانضمام لها.
ما حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا بعد الأزمة الأوكرانية؟
بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا 6.1 مليارات دولار خلال عام 2022 مقابل 4.7 مليارات دولار خلال عام 2021، والتبادل التجارى بين القاهرة وموسكو فى ارتفاع والتعاون أصبح أكثر كثافة ومقربة على الرغم من اندلاع الأزمة الأوكرانية.
والصراع الذى تشهده روسيا مع أوكرانيا لم يعق تجارتنا فى أى حالة ونحن مستمرون فى التعاون مع مصر فى شتى المجالات كما ذكرت سابقًا.
كيف استقبلت روسيا دعوات الرئيس عبد الفتاح السيسى لوقف الحرب؟
فى الواقع نحن شاكرون للرئيس عبد الفتاح السيسى لاهتمامه بإنهاء الصراع ودعم الاستقرار، ونقدر جهود مصر والدول العربية الأخرى وجامعة الدول العربية للمساهمة فى إحلال السلام ونهاية الأزمة.
وروسيا مستعدة للتفاوض مع الحكومة الأوكرانية ولكن لسوء الحظ الحكومة الأوكرانية غير مستعدة للتفاوض؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية غير مهتمة لوقف الحرب وإنما يريدونها أكثر اشتعالًا؛ لأن هدفهم إضعاف روسيا لذلك يريدون استمرار الحرب أطول فترة ممكنة.
هل تغيرت العلاقة بين روسيا وقارة إفريقيا بعد الأزمة الأوكرانية؟
فى البداية أود أن أقول إن مصر هى بوابة روسيا لأفريقيا، وكما ذكرت سابقًا فحجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا 6.1 مليارات دولار، وهو ما يمثل ثلث حجم التبادل التجارى مع أفريقيا بالكامل، والذى يبلغ حوالى 18 مليار دولار، ولذا تعد مصر الشريك الأساسى لروسيا فى قارة أفريقيا فى مختلف القطاعات سواء التجارة أو المشروعات الاقتصادية أو التعليم أو التعاون العسكرى وغيرها من المجالات الأخرى.
وفى بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة أخذت العلاقة بين روسيا وأفريقيا شكلًا متزايدًا عما قبل؛ لأن هناك العديد من البلاد الغربية قررت قطع علاقتها بروسيا ووقف التعاون الاقتصادى والتجارى، مما دفعنا للبحث عن شركاء آخرين على مستوى العالم سواء فى الغرب أو آسيا أو أفريقيا وفى الحقيقة وجدنا اهتمامًا متزايدًا من شركائنا فى أفريقيا للتعاون معنا.
وروسيا تصدر الحبوب إلى العديد من البلاد الأفريقية لسد عجز الحبوب، ونفعل ما فى وسعنا لتوفير الحبوب والمواد الغذائية التى تحتاجها البلاد الأفريقية وزيادة التعاون.
ما تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسى حتى الآن؟
لا يمكننى القول إن العقوبات لم تحدث أى تأثير على الاقتصاد الروسى، وفى الحقيقة المشاكل التى نتجت عنها دفعتنا لإيجاد طرق أخرى لتطوير أنفسنا، فعندما منعت الدول الغربية استيراد البضائع الروسية بحثنا عن دول أخرى فى العالم سواء فى الغرب أو الشرق لتصدير بضائعنا لهم.
لذلك فهذه العقوبات شكلت الحافز الأساسى لتنمية إمكانات التكنولوجيا الروسية، وبدأنا فى إنتاج العديد من البضائع التكنولوجية بأنفسنا أو عن طريق شراء نفس المعدات بنفس الجودة من البلاد الأخرى.
لذلك نرى أن العقوبات الغربية والأمريكية ضد روسيا انعكست بالسلب على أوروبا، فعندما أوقفت الدول الأوروبية استيراد الغاز والنفط الروسى فماذا يعنى هذا! فهذا يعنى أن تقوم الدول الأوروبية بشراء الغاز الأمريكى المسال بأسعار مرتفعة مقارنة مع الغاز الروسى مناسب السعر والمستفيد الوحيد من هذه الأزمة هى الولايات المتحدة الأمريكية.
لأن أمريكا تقتل التنافس بين الشركات الأوروبية والأمريكية، ومنتجات الشركات الأوروبية ستصبح مرتفعة السعر مقارنة مع المنتجات الأمريكية بسبب ارتفاع تكلفة الغاز والمواد النفطية التى يتم استيرادها منها، لذلك المجتمع الأوروبى سيخسر التنافسية الاقتصادية مع الولايات المتحدة.
ما تأثير الأسلحة الروسية على ميزان الحرب؟
الأسلحة الغربية الجديدة التى ترسل إلى أوكرانيا تمثل لموسكو مقتل الجنود الروس، وهدف الدول الغربية من إرسال هذه الأسلحة إلى الحكومة الأوكرانية هو قتل الجنود الروس والسيادة الروسية فى هذه المناطق.
وهذه الحرب لم تبدأ منذ عام بل منذ 9 سنوات ماضية خلال عام 2014، عندما هاجمت كييف دونيتسك ولوغانسك، وعلى مدار 9 سنوات تقوم أوكرانيا بإطلاق النار على هذه المناطق باستخدام الأسلحة الأمريكية وتستهدف المراكز التجارية والبنوك والشوارع وتقتل النساء والأطفال.
كيف قرأت إعلان 8 دول تخفيض إنتاجها من النفط؟
جاء هذا القرار من دول أوبك لاستقرار سوق النفط وبقاء أسعار النفط فى مستوى واحد لتملك دول الأوبك والسعودية الفرصة للتخطيط فيما يمكنها الحصول عليه من صادرات النفط.
وروسيا أيضًا خفضت إنتاجها من النفط وسوف نرى التأثيرات هذه القرارات خلال الأيام المقبلة، وهناك تقارير من الولايات المتحدة الأمريكية تقول إنها غير متقبلة لهذا القرار، ولكن تخفيض إنتاج النفط قرار يخص دول أعضاء أوبك وهم قادرون على تحديد ما هو أفضل لهم ولا يجب أن يتبعوا قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وكما أنه يعد قرارا مهما لاستقرار إنتاج وأسعار النفط.
كيف استقبلت روسيا تعليق أمريكا على خفض إنتاج النفط؟
إدارة بايدن غاضبة من قرار خفض إنتاج النفط وتمارس الضغوط ليس فقط على روسيا بل على العالم كله لفرض الهيمنة الأمريكية عليه.
والعام الماضى جمدت الحكومات الغربية 300 مليار دولار من الأصول الأجنبية لروسيا وهو ما يضر بالاقتصاد الغربى الذى يجعل دول الخليج والدول الأخرى فى حالة تخوف من إيداع الأموال فى البنوك الغربية؛ لأنه حينما يحدث اعتراض عليك أو على سياستك فيقومون بتجميد الودائع ويسرقون أمولك.
وأمريكا تود دائمًا وضع النظام البنكى فى الدول الغربية تحت سيطرتها لتمتلك الفرصة لمعاقبة البلاد التى لا تخضع لها، وأعتقد أن العالم يتحول الآن من سيطرة قوة واحدة إلى العديد من مراكز القوة التى تؤثر عليه، وكما رأينا كيف تقدمت الصين بسرعة وأيضًا تقدمت الهند.
وأعتقد أن المجتمع العربى من مراكز القوة الصاعدة، لأنه يمتلك كل الإمكانات الرئيسية والمحتملة من الاقتصاد والموارد الطبيعية والمواد النفطية، بالإضافة إلى امتلاك مصر القوة العسكرية وكل هذا يؤهل العالم العربى ليكون مركز تأثير على القرارات الدولية.
كيف تقيم دور الصين لإنهاء الأزمة الأوكرانية؟
نحن نقدر جهود أصدقائنا الصينيين فى إنهاء الأزمة الأوكرانية، إذ قدمت بكين خلال الفترة الماضية مقترحات للوصول لحل لهذا الصراع ولكن لسوء الحظ الحكومة الأوكرانية والدول الغربية وأمريكا رفضوا المقترحات الصينية، وكما ذكرنا سابقًا أنهم لا يريدون توقف الحرب.
وكانت أهم التوصيات الصينية فى هذه المقترحات توقف الحرب بشكل فورى والدول الغربية وأمريكا لا تهتم بالعديد من الجنود الذين يسقطون قتلى كل يوم ولا تهتم بالتضحيات الأوكرانية ولكن كل ما يشغلها هو إضعاف روسيا؛ لأنها تمثل عقبة فى طريق الولايات المتحدة الأمريكية؛ كون روسيا تمتلك نفس السلاح النووى وقاعدة روسيا النووية أصبحت أقوى من أمريكا، لذا فهى تشكل عقبة فى طريق فرض الهيمنة الأمريكية على العالم.
فالهدف هو إضعاف روسيا وتفكيكها مثل الاتحاد السوفيتى منذ أكثر من 30 عاما وهى مستعدة لفعل أى شيء والتضحية بالشعب الأوكرانى بأكمله لتحقيق هذا الهدف.
هل ستضع روسيا أسلحة نووية على الحدود مع بيلاروسيا؟
روسيا مستعدة الآن لوضع أسلحة نووية على أراضى بيلاروسيا، لأننا فى خطر وتحت تهديد الدول الغربية التى ترسل إلى أوكرانيا قذائف اليورانيوم التى تسبب الكثير من الأمراض الخبيثة وتضر بالأراضى والرقعة الزراعية.
كما أن بيلاروسيا نفسها فى خطر من الدول المحيطة بها الذين يعتبرونها عدوًا لهم، لذلك دعا رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو إلى نشر أسلحة نووية تكتيكية إذا لزم الأمر.
هناك تقارير إعلامية تقول إن روسيا مسئولة عن أزمة الغذاء العالمية.. ما تعليقك؟
نسمع دائما هذه الادعاءات ولكن روسيا لم تتسبب فى حدوث أزمة غذاء عالمية بل العقوبات الغربية الأمريكية ضدها هى من وراء الأزمة؛ لأن أسعار الطعام وحركة الموانئ البضائع الروسية لم تتغير.
كما أن حصاد روسيا من القمح بلغ 150 مليون طن من الحبوب خلال العام الماضى بالإضافة إلى 100 مليون طن من القمح، وصدرت روسيا 60 مليون طن، لذا ما حدث من أزمة بسبب العقوبات الغربية والأمريكية ضد موسكو ومنع الشركات والسفن من التعامل مع الموانئ الروسية خلق حالة هلع فى الأسواق؛ لأنها أكبر مورد للحبوب والسلع الغذائية فى العالم وليس أوكرانيا.
وكما أن كميات الحبوب التى تصدرها روسيا إلى مصر أصبحت أكبر مما كانت عليه، فى السابق كان استيراد مصر من القمح الروسى لا يتجاوز 6 ملايين طن ولكن هذا العام تجاوز استيراد مصر من القمح الروسى 8 ملايين طن.
هناك تخوف من استخدام روسيا للسلاح النووى.. هل ممكن حدوث ذلك؟
بالطبع ستستخدم روسيا السلاح النووى فى حال تعرضها لهجوم نووى أو هاجمتها الدول الغربية فعندها سنستخدم كل الوسائل الممكنة للدفاع عن أنفسنا.
الآن فنلندا أصبحت عضوا فى حلف الناتو.. كيف سيكون الرد الروسى؟
انضمام فنلندا إلى حلف الناتو خيبة أمل كبيرة لنا ونحن متأكدون أنها خيبة أمل أيضًا للأجيال الفنلندية القادمة، حيث كان أداؤها بعد الحرب العالمية الثانية جيدًا وفضلت عدم الانضمام إلى حلف الناتو.
واستفادت فنلندا بشكل كبير من التعاون مع الاتحاد السوفيتى، ولكن الآن قررت كسر الروابط والعلاقات مع روسيا وانضمت إلى دول حلف الناتو التى تعتبر روسيا رسميًا عدوا.
وبالانضمام إلى حلف الناتو أصبحت فنلندا عدوًا لروسيا، وبالتالى هذا يعنى لنا زيادة عدد القوات على الحدود معها، وأصبحت هدفًا للصواريخ الروسية وكونها الآن تابعة لقوات حلف الناتو، وهو ما يتطلب الدفاع عن أنفسنا ضد أى هجوم.
بعد مرور أكثر من عام.. كيف تقيم الحرب من حيث الخسائر والمكاسب لروسيا؟
من الصعب أن نقيم الوضع الآن إذ إن العملية العسكرية الروسية لا تزال مستمرة كما أن روسيا لم تحدد أى وقت لانتهاء هذه العملية، وهى مستمرة حتى تحقيق أهدافها والتى منها توقف القوات الأوكرانية عن قتل الروسيين بالإضافة إلى تحرير الأراضى الروسية.
متى نستطيع أن نقول الحرب انتهت؟
من الصعب التنبؤ بنهاية الحرب وروسيا مستعدة للتفاوض وإيجاد حل سلمى للأزمة موسكو عرضت على أوكرانيا مقترحات لتجنب العملية العسكرية لكن أوكرانيا رفضت، وبعد اندلاع الحرب جلس الطرفان على مائدة المفاوضات لكن الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى رفض التوقيع على أى اتفاقيات مع القيادة الروسية الحالية مما أغلق كل الطرق السلمية لإنهاء الأزمة.
وروسيا مستعدة للحل السلمى ولكنها لم تجد رغبة من الجانب الأوكرانى أو الغرب لإنهاء الأزمة.
ما هو تأثير الصراع الأوكرانى على الأزمة السورية؟
بالطبع هناك تأثير للصراع الأوكرانى على الأزمة السورية، وترى بعض الدول العربية الآن أن الوضع فى سوريا أكثر تعقيدًا حيث إنه جزء من صراع عالمى داخل الأراضى السورية.
ونرى الآن أن العديد من الدول العربية أصبحت أكثر تفاعلا تجاه القضية السورية لأن سوريا بلد عربية تربطها بالدول العربية الأخرى والمملكة العربية السعودية روابط أخوية.
ولكن الولايات المتحدة تدعم فئات مختلفة فى سوريا مما يدفع إلى اندلاع حرب أهلية والانقسامات، لذلك فسوريا جزء من العالم العربى ويجب إعادتها إلى العائلة العربية وجامعة الدول العربية.
ماذا تقول للإعلام المصرى؟
مصر شريك مهم جدًا لروسيا وبينهما علاقات تاريخية بدأت فى سنة 1950 حينما كانت مصر تحت قيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وزاد التبادل التجارى وتم تعزيز التعاون الاقتصادى والعسكرى والثقافى تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى.
ونحن فخورون أننا شركاء مصر، ونرى أنها القوة الأساسية ومركز العالم العربى، ونأمل أن تكون العلاقات المصرية الروسية فى ازدهار دائمًا.