أشاد وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، بمسجد مصر في العاصمة الإدارية، وذلك خلال الندوة الثقافية التي نظمها قطاع صندوق التنمية الثقافية، بصالون الغورية الثقافي، وأدارها الكاتب الصحفي أحمد الخطيب، قائلاً: «مسجد مصر بالعاصمة الإدارية، يُعد مسجد القرن الحادي والعشرين».
وطالب وزير الأوقاف، جميع مؤسسات الدولة المعنية بالثقافة الدينية بصفة خاصة، والثقافة بصفة عامة، أن يكون هذا المسجد ليس متفردًا في عمارته وبنائه فقط؛ وإنما يكون متفردًا في مضمون بناء الوعي ونشر الفكر الوسطي داخل مصر وخارجها».
وأضاف وزير الأوقاف، أن دار القرآن الكريم بمركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية، تعد بمثابة التدوين الثالث للقرآن الكريم من جانب المبنى، أما من جانب المعنى فمن يرصد الحالة الدينية يجد حالة من الارتياح الكبير وعودة حميدة لأداء المساجد لرسالتها وعودة الناس إلى المساجد بأمان، وأهم ما تبرهنه هذه الحالة هو جهود الدولة لرعاية بيوت الله وأداء الشعائر مما يخيب آمال المتطرفين ممن يزعمون أنهم هم فقط الحريصون على الدين.
وأشار «جمعة»، إلى الفترات التي كانت المساجد لا تخلوا فيها من الخلافات والمشاجرات عقب أداء الخطبة أو الندوة أو الدرس وكثيرًا ما كان ينقسم المسجد إلى تيارين متناقضين، مما أدى إلى حدوث كثير من المشكلات التي وصلت أو كادت تصل حينئذ إلى التشابك بالأيدي مما جعل بعض الناس يخافون على أبنائهم من الذهاب إلى المسجد فيتخطفه هذا التيار أو ذاك، مردفًا: «الناس الآن يقبلون على المساجد لله فحسب دون أن يسوقه تيار أو يكون هو تابع لأي تيار، ولم يعد الناس يخشون على أبنائهم ولم يعد لديهم الخوف في أن تستقطبهم هذه الجماعة أو تلك فتكون عندهم الرغبة في إلزامهم أداء الصلاة في بيتهم، وقد حققنا ما كان عليه الناس بفطرتهم في محبة بيوت الله (عز وجل) مما أحدث أريحية كبيرة».
وأكد، على أن اللقاءات المباشرة مع الجمهور هي أكثر تأثيرًا، وتاريخ الصالونات الثقافية الجادة هام جدًّا في بناء الوعي والثقافة، مبينًا أن هذا الصالون سيكون متنوعًا فكريًّا وثقافيًّا ودينيًّا وسياسيًّا وكل ذلك يخدم مصلحة الفرد، موضحًا أن اختيار المكان يؤكد أن مصر تمتلك تاريخًا عظيمًا في الثقافة والحضارة في مختلف مجالات الحياة، فلنا تاريخ عظيم يمكن أن نبني عليه، ومصر تصل حاضرها بماضيها وتبني مستقبلًا مشرقًا بإذن الله في مختلف المجالات، مشيدًا يوجود ثلاثة أئمة للمسجد لأول مرة، وأكثر من خمسين عالما يتناوبون في الدروس، إضافة إلى مجلس الحديث بمسجد الإمام الحسين بحضور الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
وتابع وزير الأوقاف، أنه في مجال عمارة المساجد مثلًا نجد هنا في القاهرة التاريخية والفاطمية وفي مساجد آل البيت وحتى في مسجد محمد علي بالقلعة ومسجد أحمد بن طولون ومسجد عمرو بن العاص ومسجد الإمام الحسين ومسجد السيدة زينب، مصر عامرة ليست في القاهرة الكبرى وحدها بل في كل المحافظات، وكنت أقول أتمنى أن يكون لهذا الجيل لمسة في هذا المجال كما يحدث في مختلف المجالات، وكانت اللمسة الأولى الجمالية والتي تعد إضافة لهذا العصر وهذا الجيل كانت بتشييد مسجد الصحابة بشرم الشيخ، ومن زار هذا المسجد يدرك أنه خاص وشديد التفرد في مجال العمارة الإسلامية عبر التاريخ والقرون، ثم جاء افتتاح الرئيس السيسي لمسجد مصر والمركز الثقافي فليس من سمع كمن رأى، وليس من رأى رأي العين كمن رأى عبر وسائل الإعلام، فمهما أبدع الإعلام في نقل الصورة فالواقع أكثر إبهارًا بكثير.
واستطرد: «أن ما تم هذا العام في مسجد الإمام الحسين - رضى الله عنه - على سبيل المثال من تنوع في وسائل الدعوة، قارئ القرآن المرتلة أو المجودة بقراءة حفص أو قراءة ورش، أو الابتهالات الدينية، أو مجالس الفقه، ومجالس الإقراء ومجالس الحديث، وأخيرًا أطلقنا بحكمة وعقلانية مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ليس مقصورًا على مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بل يوجد في غيره من المساجد كمسجد سيدنا عمرو بن العاص، فالمسجد وإن كان يعد مبنى فيتهيأ أيضًا بالمعنى».
وأردف: «كما أن كبار القراء الذين يحيون صلاة التراويح لأول مرة في تاريخ مصر التي تملك رصيدًا عظيمًا لا تقارن في هذا المجال وتتفرد مصر بالقرآن المجود، إلى جانب ما تبثه قناة الناس هذا العام من سفراء دولة التلاوة من مبعوثي وزارة الأوقاف إلى مختلف دول العالم بألمانيا وأمريكا و إيطاليا وأوروبا يدل على حجم التأثير الذي وصولوا إليه، إضافة إلى تحفيظ الأطفال بدولة البرازيل وما بلغوه من تأثير، وهذا جزء مما تقوم به الأوقاف خارج مصر التي تتفرد بطاقات مؤثرة خاصة في القرآن المجود من كبار القراء الذين لهم أثر بالغ في مساجد الجمهورية، إضافة إلى مشاركة نحو 50 عالمًا في الملتقى الفكري ومجالس الفقه أو الحديث أو مجلس الإقراء».
وأشار، إلى أهمية دور واعظات الأوقاف في الدعوة وأن معظمهن متطوعات حيث أطلقت وزارة الأوقاف لأول مرة ملتقى الفكر الإسلامي للواعظات بمسجد السيدة نفيسة وفي عدد من المحافظات، كما أشار معاليه إلى أوجه التعاون مع وزارة الثقافة سواء من خلال الإصدارات المشتركة أو من خلال ما يتم في جميع قصور الثقافة في مصر حيث تقام فيها السهرات الرمضانية الأسبوعية على شاكلة هذا الصالون الثقافي بحيث يجمع أحد الأئمة مع أحد المثقفين في مزج ثقافي وكذلك ملتقى الأجيال في مراكز الشباب على مستوى الجمهورية يقام بالتعاون مع وزارة الثقافة والأوقاف، فشهر رمضان هذا العام له طعم خاص ومذاق خاص في حالة من الإقبال غير المسبوق فالمسجد أصبح دار عبادة غير مسيس وغير مختطف، وقديما وصل الأمر إلى أن كل جماعة كانت تسمي المساجد بأسماء خاصة ولا يدخله غير أتباعها، وكما كان هناك جماعات تسيطر على المساجد كان هناك أناس بأعينهم يسيطرون على المساجد، ومعروفون في كل منطقة حتى ان جيران المسجد لا يصلون في المسجد المجاور وإنما يذهبون إلى مساجد اخرى، مع أن الله ( تبارك وتعالى ) قال: "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" فتم تغيير لافتات أي مسجد يحمل دلالة أيدلوجية لأي جماعة من الجماعات، انطلاقا من ان الولاية على المساجد من الولاية العامة للدولة.
ووجه وزير الأوقاف، الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على لمسته الإنسانية مع الدكتور أحمد عمر هاشم، والذي كان يشارك بمؤتمر ديني بدولة الجزائر برفقة الدكتور محمد أبو هاشم، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب؛ فأصيب بنوبة صحية شديدة اضطرت الطائرة إلى هبوط اضطراري بمستشفى بدولة مالطة، فأمر الرئيس بتسيير طائرة خاصة مجهزة من القوات المسلحة المصرية لنقل الدكتور أحمد عمر هاشم، في لمسة تقدير من الرئيس للعلم والعلماء والثقافة والمثقفين.