ولد محمد مصطفى أحمد المعروف بأبي زهرة في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، في مارس 1898م، وكعادة الأسر المستورة في ذلك الزمن فقد دفعت بابنها للكتاب حيث حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم ألحقته بالجامع الأحمدي في طنطا ليبدأ مسيرته في الأزهر الشريف، وبعد سنوات ثلاث انتقل الطالب النجيب لمدرسة القضاء الشرعي، وذلك عام 1916م، بعد أن حاز المركز الأول في الاختبار الذي عُقد للمتقدمين، وفي المدرسة قضي الشاب النجيب ثماني سنوات في التحصيل والدراسة حتى تخرج عام 1924م حاصلاً على العالمية في القضاء الشرعي، ثم توجه لكلية دار العلوم ونال معادلتها سنة 1927م.
وبعد تخرجه عمل في تدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية، ثم اختير في عام 1933م للتدريس في كلية أصول الدين وكُلف بمادة الخطابة والجدل، فألقى فيها محاضرات متميزة، وأعد فيها مؤلفاً حاز الإعجاب، وهو ما دعا كلية الحقوق المصرية لانتدابه لتدريس مادة الخطابة لطلابها، وبعد فترة قصيرة عهدت إليه الكلية بتدريس مادة الشريعة الإسلامية، وتدرج في الكلية حتى ترأس قسم الشريعة وصار وكيلاً للكلية حتى أحيل للتقاعد عام 1958م.
وبعد صدور قانون الأزهر اختير الشيخ أبو زهرة عضواً في مجمع البحوث الإسلامية عام 1962م، كما كان من مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، الذي أنشئ ليتيح الفرصة لخريجي التعليم العام في دراسة العلوم الشرعية، وكان يلقي فيه محاضراته في الشريعة الإسلامية متبرعاً دون أجر!! وبعد حياة حافلة بالإنتاج العلمي والدعوة إلى الله توفي عام 1974م.
عُرف أبو زهرة بالجرأة في الحق، وبالاعتداد بالنفس، وقوة الذاكرة، كما عُرف بلين الطبع، والظرف، وحب الدعابة، وكان يرى وجوب اختيار الحكام بالشورى اختياراً حراً عادلاً، ومن المواقف التي تروى عن جرأته أن وقف في مؤتمر إسلامي في ليبيا يرد على القذافي في آرائه التي حاول فرضها على المؤتمر، وقال مخاطباً القذافي: إننا نحن علماء الإسلام الذين يعرفون حكم الله فى قضايا الدولة ومشكلات الناس، وقد جئنا هنا لنصدع بالحق بما نعرف، فعلى رؤساء الدول أن يقفوا عند حدودهم فيدعوا العلم إلى رجاله ليصدعوا بكلمة الحق، وقد تفضلت بدعوة العلماء لتسمع أقوالهم لا لتعلن رأيا لا يجدونه صوابا مهما هتف به رئيس، فلنتق الله فى شرع الله. . وأيد الحضور كلمات الشيخ، فأحس القذافي بالحرج وانصرف من المؤتمر!!
وقد ترك الشيخ عدداً كبيراً من المؤلفات يتجاوز الثلاثين، غير بحوثه ومقالاته، ومنها المؤلفات الفقهية، التي تناول فيها نظرية العقد، والوقف وأحكامه، والوصية وأحكامها، والمواريث، والأحوال الشخصية، كما كتب تراجم لثمانية من كبار الفقهاء في تاريخ الأمة، وهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وزيد بن علي، وجعفر الصادق، وابن حزم، وابن تيمية، وفيها تناول الشيخ سيرهم وحياتهم العلمية وأفكارهم واجتهاداتهم، كما كتب الشيخ في تفسير القرآن، وكان يفسر القرآن في أعداد مجلة "لواء الإسلام"، وأصدر كتاباً بعنوان "المعجزة الكبرى" تناول فيه قضايا نزول القرآن وتدوينه وترجمته للغات الأخرى، وختم حياته بكتاب عن سيرة النبي (ص) أسماه "خاتم النبيين".
من مؤلفاته: تاريخ المذاهب الإسلامية، العقوبة في الفقه الإسلامي، الجريمة في الفقه الإسلامي، علم أصول الفقه، محاضرات في النصرانية، زهرة التفاسير، مقارنات الأديان.