فلسفة "التقاضى عن بعد" هى فكرة مقتبسة من فكرة معمول بها في التحكيم التجارى الدولى وتسمى بالتحكيم الالكترونى "arbitration on-line". " أو "حل المنازعات الكترونيا عبر الانترنت" وفكرته هى: أن يقوم المحتكم بالنقر على مفتاح "create a case" "وملئ النوذج الخاص المعد سلفا من قبل مركز التحكيم وإرساله بالبريد الالكترونى، ثم يقوم المركز باخطار المحتكم ضده واعداد صفحة للنزاع علىي موقع المركز على شبكة الانترنت ويزود كل طرف بـ "passs word" ليتمكن من دخول الموقع وعرض النزاع، وتنتهى القضية خلال شهر
ولم تأخذ أى دولة من دول العالم بهذه الفكرة وتطبيقها لديها فى قضائها الا دولة كندا ، ففى عام 1996 تم انشاء محكمة اليكترونية فى كلية الحقوق بجامعة مونتريال، وتختص فقط بنظر المنازعات المتعلقة بالتجارة الالكترونية أو بالمنافسة أو بحقوق المؤلف أو بالعلامات التجارية، فهى تختص فقط بنظر المنازعات المتعلقة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى مجال التبادل الالكترونى للمعلومات.
وهذا النظام وان كان يحقق سرعة الفصل فى المنازعات التجارية الدولية، إلا أن كانت هناك صعوبات فنية آنذاك فى كندا تتمثل فى اختلاف الامان والسرية فى الاتصالات الالكترونية وتداول الوثائق، وتنظيم جلسات استماع عبر الانترنت ، وصحة البيانات والتوثيق ، واختراق السرية لعملية التحكيم من قبل القراصنة "hackers" وهو ما يهدد ضمان سرية العملية التحكيمية
وهذا النظام كان لا يمكن تطبيقه فى مجال المنازعات المدنية لأسباب عديدة آنذاك، نظرا لطبيعة المنازعة المعروضة على التحكيم الإلكترونى عن طبيعة المنازعة المدنية ، فالأولى تتعلق دائما بالمنازعات المتعلقة بالتجارة الالكترونية أو بالمنافسة أو بحقوق المؤلف أو بالعلامات التجارية ، أما المنازعات المدنية فتحتاج الى خبير ينتقل ويعاين وسماع شهود وسماع أقوال المدعى عليه ان وجد.
هذه الفكرة لم تطبق بسهوله في القرن الماضي حتى في المعاملات التجارية الدولية ولا في المدنية في الدول المتقدمة مثل امريكا ودول الاتحاد الاوروبى والصين واليابان آنذاك، ومع تطور الحياة بصورة كبيرة في مجال التحول الرقمي أصبحت الفكرة منتشرة في العديد من الدول وتميزت الامارات المتحده .
وفي مصر حققت وزارة العدل تقدما ملموسا في التقاضي الإلكتروني في المحاكم الاقتصادية، وذلك بعد تولي المستشار عمر مروان مهام منصب وزير العدل ، ونجح نجاحا كبيرا في تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاق منصة التقاضي الإلكتروني للمحاكم الاقتصادية بالتعاون مع شركتي "مايكروسوفت مصر" و"لينك ديفيلوبمنت" ولأهمية المشروع تم تعميم إجراءات التقاضي عن بعد، حيث يمكّن المحامين من إيداع صحيفة الدعوى عن بعد وسداد رسومها ومصاريفها باستخدام بطاقات الإئتمان أو أي وسيلة دفع أخرى وتوقيع الصحيفة بالتوقيع الإلكتروني، وذلك بعد التسجيل المسبق في السجل الإلكتروني للمحاكم الاقتصادية، والمُنشأ منذ عام 2019 بعد صدور تعديلات قانون المحاكم الاقتصادية بالقانون رقم 146 لسنة 2019.
و دشنت وزارة العدل مشروعا لنظر جلسات تجديد الحبس عن بعد، بآلية "الفيديوكونفرانس" والتي تمكن القاضي و المحامي من مشاهدة المتهم في محبسه عن بعد ومباشرة إجراءات تجديد الحبس بدون نقله من مقر محبسه، ونجحت وزارة العدل في تطبيقه بالقاهره والإسكندرية ، وأطلقت خدمة إقامة الدعاوى المدنية عن بعد في العديد من المحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية في إطار تطوير منظومة التقاضي وتيسيره على المتقاضين، وبالأخص التحول الرقمي لهذه المنظومة، باعتبار أن رقمنة التقاضي من العوامل الأساسية لإستراتيجية التنمية المستدامة.