تحل اليوم الذكرى الـ60 لوفاة أستاذ الجيل و سد الهوية المصرية أبوالليبرالية المصرية المفكر الكبير أحمد لطفي السيد صاحب مقولة " مصر للمصريين " و " الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية " , وأول من نادى بإستقلال مصر عن تركيا و بريطانيا و ان يحكم مصر المصريين
مولده ونشأته:
ولد “أحمد لطفي السيد أبو علي” في قرية “بريقين” من أعمال مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية في 15 يناير ١٨٧٢م، وقد نشأ في أسرة ثرية؛ فقد كان والده “السيد باشا أبو علي” عمدة هذه القرية كوالده “علي أبو سيد أحمد”. وعندما بلغ أحمد لطفي الرابعة من عمره ألحقه والده بكتاب القرية مكث فيه ست سنوات تعلم فيها القراءة والكتابة، وحفظ القرآن كله.
بعد ذلك التحق بمدرسة “المنصورة” الابتدائية سنة 1882، وبعد ثلاث سنوات من الدراسة انتقل إلى القاهرة، والتحق بالمدرسة “الخديوية الثانوية” وظل بها حصل على البكالوريا في عام 1889م. ثم التحق بمدرسة الحقوق، وفي أثناء دراسته تعرف على الشيخ “محمد عبده” الذي شجعه؛ وعلى أثر هذا التشجيع قام أحمد لطفي السيد وجماعة من نابغي مدرسة الحقوق بإنشاء مجلة (التشريع)، وهي مجلة قانونية تحتوي على دراسات في القانون والاقتصاد.
وفي صيف عام 1893 سافر إلى إسطنبول أثناء فترة أجازته، ليمثل المصريين مع صديقه “إسماعيل صدقي”، الذي كان يدرس في أوروبا آنذاك، للاحتفال بتنصيب الخديو “عباس حلمي الثاني” واليًا على مصر.
وأثناء تلك الزيارة التقى بالشيخ “جمال الدين الأفغاني”، وهذا اللقاء أعطاه فرصة للتأثر بأفكاره، واقتبس منه الكثير، وعاد بعدها إلى القاهرة وهو مؤمن بأن العمل السياسي لا يمكن ممارسته في ظل قبضة السلطان العثماني وجواسيسه إلى من خلال العمل السري. وقد حصل أحمد لطفي على ليسانس الحقوق عام 1894م.
وظائفه ونشاطه السياسي:
وعقب حصول أحمد لطفي السيد على ليسانس الحقوق عمل كاتبًا بالنيابة، ثم رقي بعدها إلى مساعد نيابة، وتدرج في المناصب حتى عُين نائبًا للأحكام بالفيوم سنة 1904م.
وفي تلك الفترة شرع أحمد لطفي السيد في تكوين جمعية سرية باسم “جمعية تحرير مصر” مع بعض المشتعلين بالنيابة والقضاء، ومنهم صديقه “عبد العزيز فهمي”. ولما وصل خبرها إلى الخديو “عباس حلمي” سعى إليها عن طريق الزعيم “مصطفى كامل”، زميل أحمد لطفي السيد في مدرسة الحقوق، حيث كان الخديو في تلك الفترة يسعى للتحرر من قبضة الاحتلال البريطاني، وممارسة سلطانه دون قيد منه؛ فتقرب إلى الأمة، واتفق مع شباب الأمة على تأليف حزب وطني بزعامة الخديو، وعلى سفر أحمد لطفي السيد إلى سويسرا والإقامة بها سنة لاكتساب الجنسية، والعودة إلى مصر لإصدار جريدة تقاوم الاحتلال البريطاني، محتميًا بجنسيته المكتسبة، وقد عقد أول اجتماع للحزب السري الجديد بمنزل الزعيم “محمد فريد” برئاسة الخديو عباس حلمي، وعضوية مصطفى كامل، وأحمد لطفي السيد، و”محمد عثمان” وغيرهم.
وبالفعل سافر أحمد لطفي السيد إلى جينيف في صيف عام 1897م، وأقام في جنيف عدة سنوات درس خلالها الفلسفة والآداب دراسة حرة بجامعة جنيف، وتعلم فنون الطباعة والنشر الصحفي.
وقد زامل في الدراسة الشيخ محمد عبده الذي كان يزور سويسرا في ذلك الوقت، وعاد أحمد لطفي السيد إلى القاهرة دون أن ينجح في الحصول على الجنسية، لرفض الباب العالي العثماني تجنسه بها، وفي الوقت نفسه قدم تقريرًا إلى الخديو جاء فيه: “إن مصر لا يمكن أن تستقل إلا بجهود أبنائها، وإن المصلحة الوطنية تقضي بأن يرأس سمو الخديوي حركة شاملة للتعليم العام”، وكان هذا هو رأي الشيخ محمد عبده الذي جعل من التربية والتعليم بعد عودته من المنفى خطته للإصلاح.
وعاد أحمد لطفي السيد إلى وظيفته في النيابة، وظل بها حتى ترك العمل بالقضاء في عام 1905م، واشتغل بالمحاماة، ثم لم يلبث أن ضاق بها؛ فتركها إلى العمل بالصحافة والسياسة.
كما اشترك مع جماعة من أعيان مصر في تأسيس “حزب الأمة” سنة 1907م، حيث كان هدف الحزب الرئيسي هو المطالبة بالاستقلال التام والدستور، وتولى هو سكرتارية الحزب، ورأس صحيفته المعروفة باسم “الجريدة” وجعلها منتدى أهل العلم والأدب والرأي الصحيح.
عُين أحمد لطفي السيد مديرًا لدار الكتب المصرية في الفترة ما بين سنتي 1915 و1918م، فترجم بعض أعمال أرسطو، ودعا إلى ترجمة الكتب الأخرى، وندب من وثق بهم للاضطلاع بنقل الثقافة الغربية إلى العربية، موقنًا أن نهضة أي أمة في بداياتها إنما تقوم على الترجمة التي هي بمثابة التمهيد، بالاحتذاء ثم الخلق والأصالة.
وبعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى في عام 1918 استقال أحمد لطفي السيد من دار الكتب، واشترك مع “سعد زغلول” و”عبد العزيز فهمي” و”علي شعراوي” وغيرهم في تأليف وفد للمطالبة باستقلال مصر، وكان من شأن المطالبة أن نُفي سعد زغلول ورفيقاه إلى خارج البلاد، فاشتعلت البلاد بثورة 1919 العارمة، وظل أحمد لطفي السيد في القاهرة يحرر بيانات الوفد ومذكراته، وتطور الأمر إلى رضوخ بريطانيا للتفاوض، وتشكلت وزارة حسين باشا؛ فأفرجت عن الزعماء المنفيين، وسافر لطفي السيد مع الوفد المصري إلى باريس، لعرض مطالب مصر على مؤتمر الصلح بباريس. ولما اشتعل الخلاف بين “عدلي يكن” رئيس الوزراء و”سعد زغلول” زعيم الثورة في عام 1919م على رئاسة المفاوضات مع بريطانيا، اعتزل أحمد لطفي السيد العمل السياسي، وعاد إلى العمل بدار الكتب مديرًا لها. كما اشتغل بالجامعة الأهلية (جامعة القاهرة حاليًا) وكيلًا لها وظل مديرًا لدار الكتب حتى مارس 1925.
وقد عُين مديرًا للجامعة المصرية بعد أن أصبحت حكومية، وفي عهده اتسعت الجامعة؛ فضمت إليها كلية الهندسة والحقوق والتجارة والزراعة، والطب البيطري وغيرها.
ودافع أحمد لطفي السيد عن استقلال الجامعة، فقام بتقديم استقالته من منصب مدير جامعة القاهرة في 9 مارس 1932 احتجاجًا على قرار وزارة “إسماعيل صدقي” بنقل طه حسين إلى وزارة المعارف، قدم لطفي السيد استقالته احتجاجًا على هذا التدخل، ولم يعد إلى الجامعة إلا بعد أن اشترط أن يعدل قانونها بما لا يدع لوزارة المعارف الحق في نقل أستاذ من الجامعة إلا بعد موافقة مجلسها. كما قدم استقالته مرة أخرى سنة 1937م احتجاجًا على اقتحام الشرطة الجامعة.
وقد ظل أحمد لطفي السيد مديرًا للجامعة حتى استقال منها سنة 1941م بعد أن اطمأن إلى أوضاعها ورسوخ أقدامها.
ثم دعاه أحمد ماهر سنة 1944م، ليكون عضوا في الهيئة التي كونها لدراسة مقترحات الحلفاء لإنشاء منظمة دولية جديدة تحل محل عصبة الأمم، كما اشترك في وزارة إسماعيل صدقي سنة 1946م، وزيرًا للخارجية، وعضوًا في هيئة المفاوضات بين مصر وبريطانيا التي عُرفت بمفاوضات “صدقي-بيفن”، غير أنها فشلت، وخرج لطفي السيد من الوزارة التي كانت قد شكلت برئاسة صدقي لمواجهة المد الشعبي المطالب بالتحرر والاستقلال، ولم يشترك بعد ذلك في أعمال سياسية أخرى.
تولى رئاسة مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1945 وظل يشغله حتى وفاته، وكان عضوًا في كثير من المجامع العلمية، مثل المجمع العلمي العراقي، والمجمع العلمي المصري، والجمعية الجغرافية المصرية.
كان من المنادين بتعليم المرأة، وتخرجت في عهد رئاسته للجامعة أول دفعة من الطالبات عام 1932م.
تبنى أحمد لطفي السيد المفهوم الليبرالي للحرية في أوروبا مناديًا بتمتع الفرد بقدر كبير من الحرية. وهو صاحب المقولة الشهيرة: “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”، ونادى بتحديد مفهوم للشخصية المصرية، كما نادى بتعليم المرأة، وتخرجت في عهد رئاسته للجامعة أول دفعة من الطالبات.
يعد أحمد لطفي السيد من أكبر المساهمين في حمل راية التثقيف والتنوير في مصر في القرن العشرين، وأطلق عليه لقب “أستاذ الجيل” لدوره الكبير في الدعوة لنهضة مصر وتطورها. وقد كرمته الدولة؛ فمنحته جائزتها التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1958.
هل كان أحمد لطفي السيد تلميذا للأمام محمد عبده ؟
يجيب عن هذا السؤال الكاتب التنويري مؤمن سلام في منشور كتبه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " قائلا : لماذا لم يكتب أحمد لطفي السيد عن "أستاذه" محمد عبده؟
كتب أستاذنا أحمد لطفي السيد أبو الليبرالية والقومية المصرية مقالات وخصص فصول في قصة حياته لشخصيات عديدة مدحاً أو نقداً فهو لم يكن قداح بل كان عف اللسان ينقد في لطف ويلتمس الأعذار.
فقد كتب عن قاسم أمين وحسن عاصم ومصطفى كامل وعبد العزيز فهمي مادحاً وعن أحمد عرابي ناقداً وكتب تقييمه للخديوي عباس ولكرومر وكتب عن علاقته بسعد زغلول وأخوه فتحي زغول بل لقد كتب مقال في نعى تولستوى رجل الإنسانية والسلام كما وصفه.
ومع ذلك لا نجد أى ذكر للشيخ محمد عبده، وهو ما يجعلنا نتسائل حول حقيقة أستاذية محمد عبده لأستاذنا لطفي السيد، فمن المنطقي أن يكتب التلميذ عن استاذه حتى لو اختلف معه وتجاوزه، خاصة إذا كان التلميذ في خلق لطفي السيد يحترم حتى خصومه، كما كتب عن مصطفى كامل رغم اختلافهما، وعن عرابي رغم اعتراضه على أفعاله، بل لقد كتب عن كرومر وتولستوى، ومع كل هذا لم يكتب عن محمد عبده، حتى وهو يمتدح قاسم أمين ودوره في تحرير المرأة لم يذكر محمد عبده.
فهل كان بالفعل محمد عبده أستاذ لطفي السيد ام كانت علاقتهم مجرد لقاءات في سويسرا بين زميلين، وربما كان تجنب لطفي السيد للكتابة عن محمد عبده لأنه كانت ستكون كتابة ناقدة له ولأفكاره التي كانت على عكس أفكار لطفي السيد تماماً،
فقد كان لطفي السيد علمانياً ومحمد عبده أصولياً،
وكان لطفي السيد ليبراليا بينما محمد عبده إسلامياً،
وكان لطفي السيد قومي مصري بينما محمد عبده أممي إسلامي،
كان لطفي السيد ديمقراطي بينما محمد عبده استبدادي.
خلافه مع مصطفى كامل
أختلف أحمد لطفي السيد كثير مع مصطفى كامل فمصطفى كامل رغم أنه صاحب مقولة " لو لم أكن مصريا لو ددت أن أكون مصريا " لم يكن سوى صاحب شعارات وطنية تلهب الحس الجماهيري , ولكنه في حقيقة الامر كان يحارب من أجل عودة مصر للسيادة و التبعية التركية و كان يرى أستقلال مصر عن العثمانيين بمثابة إنهيار لاسس المة ومخالفة صريحة للاسلام و تفتيت الدولة العثمانية , و على العكس منه هاجمه أحمد لطفي السيد وطالب بإستقلال مصر نهائيا عن اي دولة قائلا " مصر للمصريين " .
ألقابهالمفكر و الفيلسوف ، هو رائد من رواد حركة النهضة و التنوير في مصر ، وأستاذ الجيل و أبو الليبرالية المصرية ، هو أفلاطون العرب .
وفاته:ظل أحمد لطفي السيد أستاذًا لجيله الرائد إلى أن غادر دنيانا في ٥ مارس عام ١٩٦٣م بالقاهرة.
أقواله- إنتساب المصريين لأمتهم المصرية هو أكبر أداه لمواجهه أطماع المحتل، فإن مصر دوله بذاتها ليس ولايه لأحد او تابع لأحد، ومن آراد الإنتساب لنا اهلا به لكن مصر والمصريين وجدوا هنا قبل كل تلك القوميات والأنساب التي تدعي عزتها عن قومية المصريين.
- مصر للمصريين
- لو أن الأغريق حين ملكهم الأتراك خرجوا من قوميتهم ونبذوا حفائظهم الجنسية واحتقروا الانتساب لبلادهم ونسوا أنهم يونان لبادت شخصيتهم ولماتت في نفوسهم أطماع الإستقلال ببلادهم ولاستحال عليهم أن يستردوا شرفها ولكنهم على الرغم من ضعفهم قد احتفظوا بقوميتهم وتضامنهم ولم يخزوا أوطانهم بالإنتساب الى غيرها ففازوا بما كانوا يطلبون...
- كذلك نحن المصريين نحب بلادنا ولا نقبل مطلقًا أن ننتسب الى وطن غير مصر, مهما كانت أصولنا حجازية أو بربرية أو تركية وشركسية أو سورية أو رومية.
- الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.
من مؤلفاته:“المنتخبات” في جزأين.
“تأملات”.
“صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية في مصر”.
بالإضافة إلى مذكراته بعنوان “قصة حياتي”.
ترجم عن الفرنسية كتب أرسطو، وهي:
“الأخلاق”
“الكون والفساد”
“علم الطبيعة”
" السياسة "