تولى الحكومة المصرية أولوية استراتيجية لتوطين الصناعات التكنولوجية الحديثة وخاصة صناعة المحمول والتى تعمل على تحقيقها فى الفترات الأخيرة لبناء اقتصاد يواجه التحديات العالمية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، حرص الدولة المصرية على تقديم التيسيرات ومختلف المحفزات لدعم وتعزيز دور قطاع الصناعة فى مختلف المجالات، وخاصة ما يتعلق بالصناعات التكنولوجية، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى هذا الشأن، على أن يتم ذلك بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية العاملة هذا المجال.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه يتم حاليًا التفاوض والتنسيق مع إحدى الشركات العالمية الكبرى فى هذا المجال لإنشاء مصنع، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف من خلال هذا التعاون الوصول بنسبة المكون المحلى فى هذه الصناعة إلى 40 %.
صُنع فى مصر
تحت شعار "صنع فى مصر"، طرحت شركة سامسونج، فى أكتوبر الماضى الدفعة الأولى من هواتفها الذكية المصنعة فى مصر بالسوق المحلى، ويتم بيع الهواتف المصنعة محليا لدى فروع الشركة واثنين من الوكلاء المعتمدين، على أن يتم تباعا طرح كميات أكبر من الهواتف فى السوق المصرى لتلبية الطلب على هواتف الشركة.
ويبلغ استثمارات مصنع سامسونغ فى مصر 270 مليون دولار، ويصدر نحو 85% من إنتاجه إلى منطقة الشرق الأوسط و36 دولة أفريقية.
وتمتلك مصر تجربة بالفعل فى صناعة الهاتف المحمول بالكامل من تصنيع الشركة المصرية "سيكو"، فيما يتم العمل على تصنيع هاتف محمول من تصنيع شركة ڤيڤو التى أعلنت إطلاق مصنعها فى مصر خلال الفترة الماضية.
مصر سوق مفتوح
قال تامر محمد مدير غرفة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات، إن الهدف من توطين صناعة المحمول أو الصناعات التكنولوجية فى مصر لأننا بالطبع متأخرون فى هذا المجال و99% من احتياجاتنا فيما يخص صناعة الإلكترونيات مستوردة من الخارج أو مستوردة كمكونات ومجمعة داخل مصر.
وأشار تامر محمد إلى أننا فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم والبلد نحتاج لتقليل حجم الاستيراد بقدر المستطاع من خلال استبدال المنتجات المستوردة بأخرى صناعة محلية، لافتاً إلى أن الشركات المتوقعة أن تضع استثماراتها فى مصر كثيرة بجانب شركتى "سامسونج وإل جى" اللتين تستثمران بمصر.
وذكر مدير غرفة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات أن مصر ينقصها فى صناعة التكنولوجيا والصناعات الدقيقة ليس فقط المنتج النهائى بل أيضاً سلاسل الإمداد مثل الشرائح والرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، مشيراً إلى أن مصر تمتلك أكبر مخزون عالمى من الرمال البيضاء التى يستخرج منها تلك المكونات ما يجعل مصر سوقا مفتوحا للشركات الأجنبية التى تعمل فى هذا المجال وستكون الخيار الأول لهم إذا تم منحهم التيسيرات المطلوبة والتشجيعات.
مقومات الطفرة التكنولوجية
وأكد تامر محمد على أن مصر فى ظل أزمة الرقائق الإلكترونية العالمية تمتلك مواردها الأساسية، ولكن ينقصها كيفية التصنيع والذى يسيطر عليه الدول العالمية الكبرى مثل الصين وأمريكا، وبالتعاون مع إحدى هذه الدول وفتح باب التعاون الصناعى بينهم سيجعل مصر تصدر الرقائق ذاتها بدلاً من تصدير الرمال البيضاء.
وأشار تامر إلى أن مصر لديها المقومات لتصنع طفرة فى مجال التكنولوجيا فنجد المبرمجين المصريين يعملون على جميع مستويات البرمجة المختلفة سواء تخص الكمبيوتر أو برامج تصنيعية أو البرامج المدمجة فى الأجهزة، فهناك جزء كبير من هذه الصناعة متوفر بالدولة من خلال اليد العاملة المصرية يتبقى فقط خطوط الإنتاج الحديثة لنصل إلى تصنيع ما يحتاجه العالم.
واختتم تامر محمد حديثه مع "بلدنا اليوم" قائلاً: "نحتاج تيسيرات وتسهيلات للمصنعين الكبار حتى يدخلوا السوق المصرى وحوافز للتصنيع من خلال استثمار رؤوس أموال مصرية بالتعاون مع الشركات العالمية، فذلك سيشجع المستثمر المصرى أو الأجنبى على أن يضخ فى هذا المجال والصناعات الدقيقة توفر عملة صعبة بشكل أكبر من الصناعات الثقيلة ما يجعلنا نخطو أسرع إلى اقتصاد أفضل".
مصر مُنافس قوى
وقال الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية فى تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" إن من أهم التيسيرات التى قدمتها الدولة فى مجال صناعة التكنولوجيا هى الرخصة الذهبية ومبادرة ابدأ، فهما داعمان لكل الصناعات المصرية الموجودة بالإضافة إلى مبادرة 11% فائدة على كل القطاعات الخاصة للصناعات.
وأوضح خالد الشافعى أن الهدف من توطين صناعة المحمول فى مصر هو زيادة عدد المستهلكين الذى يقترب من 100 مليون شخص، بالإضافة إلى وجود أسواق أفريقية وأسواق عربية من الممكن أن تستهلك من هذا الإنتاج.
وأكد الخبير الاقتصادى أن مصر لديها كل المواد اللازمة لصناعة الرقائق مثل الرمال البيضاء فى سيناء، وأن مصر ستكون منافسا قويا للدول المصنعة للرقائق على مستوى العالم، فهى قادرة على تصنيع الرقائق محليا، لافتاً إلى ضرورة توطين صناعة الرقائق الإلكترونية فهى مطلوبة فى المحمول والسيارات ومجالات متعددة.
وتابع خالد الشافعى أنه لا بد من وضع رؤية واستراتيجية بكامل النواقص أو الاحتياجات المطلوبة وكيفية توفيرها من خلال ما هو موجود من مواد خام لتحقيق طفرة للصناعة التكنولوجية الدقيقة وخاصة صناعة المحمول.
وأضاف رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية أنه لا يوجد دولة من الدول الجوار تستطيع منافسة مصر فى هذا المجال لعدم امتلاكهم الرمال البيضاء، المنافسة.
واختتم خالد الشافعى حديثه مؤكداً ضرورة وجود جهاز يقيس الاستثمارات أو التصدير أو الناتج المحلى لكل دوله لمعرفة الاحتياجات المطلوبة والاستهلاك وتحديث البيانات باستمرار حتى يتم وضع رؤية كاملة لما يحتاج تطوير أو دعم.