ربط فلاسفة القانون الطبيعي علي اختلاف العصور بين مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ القانون الطبيعي، فهم يسلمون بوجود قانون طبيعي ينبع من طبيعة الإنسان يسبق الجماعة ويسمو علي الدولة ، فالطبيعة خلقت كل الأفراد متساوين ولم تفرق بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو الدين علي عكس ما ذهب إليه أرسطو بين السادة والعبيد ، وإذا كان إحساس الأفراد بالضعف أمام الطبيعة قد ولد فيهم غريزة الحياة الجماعية ، فإنهم لم ينزلوا عن بعض حقوقهم إلا رغبة منهم في صيانة حقوقهم الطبيعية ومن ثم لزم أن يهدف النظام الجماعي والقانون الصادر عنه المنظم إلي التسليم بهذه الحقوق وتنظيم الحصول عليها بما ليس فيه إعتداء عليها أو هدر لها ، وكذلك لزم أن يقوم النظام الدستوري علي أساس تحقيق الحقوق كلها ورصد كافة الضمانات المنظمه لكفالته.
لذا حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستورعام 1923 على الحقوق العامة في صلبها قصداً من الشارع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيداً على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام وفي حدود ما أراده الدستور لكل منها من حيث إطلاقها أو جواز تنظيمها تشريعياً فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، بأن قيد حقاً ورد في الدستور مطلقاً أو أهدر أو انتقص منه تحت ستار التنظيم الجائز دستورياً، وقع عمله التشريعي مشوباً بعيب مخالفة الدستور
وأفرد الدستور القائم في الباب الثالث منه وصدر هذا الباب بالنص في المادة 40 منه على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة" فكان الحق في المساواة أمام القانون هو أول ما نص عليه الدستور في الباب الخاص بالحريات والحقوق العامة، وجاء في الصدارة منها باعتبار أن هذا الحق هو أساس العدل والسلام الإجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل في صون حقوق المواطنين في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد الحصول عليها ، وأضحى هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحقوق العامة المنصوص عليها في الدستور، بل ينسحب مجال أعمالها إلى الحقوق التي يقررها القانون العادي ويكون مصدراً لها لتحقيق العدالة والسلام الاجتماعي من خلال المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤالفرص بين كافة كافة الفئات الاجتماعية دون تمييز ، لتعزيز روح الولاء والإنتماء للهوية المصرية.