في الخامس والعشرين من يناير من كل عام، تحل علينا ذكرى عزيزة وخالدة في ذاكرة التاريخ الوطني، إذ تحيي مصر الاحتفال بعيد الشرطة، والذي يعبر عن نموذج مثالي في الفداء من أجل الوطن، والدفاع عن كرامته.
جسده رجال الشرطة المصرية البواسل قبل نحو 71 عاما، خلال معركة الإسماعيلية الشهيرة عام 1952م.
والتي سطر فيها الأبطال من أبناء الشرطة المصرية بشجاعتهم ودماءهم، ملحمة فدائية وطنية، في الدفاع عن مبنى محافظة الإسماعيلية في 25 يناير سنة 1952، عندما تصدوا بشجاعة للمحتل الإنجليزي، ورفضوا تسليم مبنى المحافظة، رغم قلة أعدادهم وضعف أسلحتهم في مقابل قوات الاحتلال الإنجليزية المحتشدة.
والتي حاصرت قوات شرطة الإسماعيلية وأطلقت مدافعها بطريقة وحشية صوبها، ودارت رحي معركة غير متكافئة بين الجانبين، ظلت فيها قوات الشرطة المصرية تدافع عن الكرامة الوطنية ببسالة، عبر بنادق قديمة الصنع، في مشهد بطولي تجسدت فيه أسمى معاني التفاني والتضحية من أجل التراب الوطني، حتى استشهد أكثر من 50 شهيدا، وأصيب أكثر من 80 جريحا، فشجاعة هؤلاء الجنود البواسل وصمودهم أبهر جنود وقادة الاحتلال الإنجليزي، ولقي إعجابا شديدا من أعدائهم، لدرجة أن الجنرال الإنجليزي إكسهام، قام بتقديم التحية العسكرية لجثث شهداء الشرطة لدى خروجها من مبنى المحافظة.
إن الاحتفال بعيد الشرطة يأتي لإحياء هذه المواقف الوطنية، في ذاكرة الأجيال الحالية والناشئة، ولتقديم الشكر والتقدير لجهود وتضحيات رجال الشرطة البواسل ودفاعهم عن الوطن، والتضحية بأرواحهم لحماية الشعب المصري، بما يسهم في تعزيز قيم الانتماء، وترسيخ الوطنية في قلوب المصريين والنشء الصاعد، فبأصدق معانى التقدير، وأرقى عبارات التحية، وأبلغ مشاعرالإعتزاز... نبعث رسائل التهنئة إلى حماة الوطن وجبهتنا الداخلية، والقائمين على حفظ الأمن والأمان في مجتمعنا من أبناء وقيادات الشرطة المصرية.
فمع مرور العقود، وانصرام أكثر من سبعين عاما، مازال رجال الشرطة يواصلون التضحيات والفداء، ويسهمون في حفظ السلم المجتمعي، ويتطورون بتطور تحديات العصر ومقتضياته، ويقدمون أرواحهم من أجل هذا الوطن، ومكافحة الجريمة التي تطورت بتطور أدوات العصر، فضلا عن المشاركة في حماية البلاد من قوى الشر وبراثن التطرف والإرهاب التي تسعى عبر مخططاتها الآثمة لزعزعة أمن واستقرار الوطن، وعلى صعيد آخر يؤدي رجال الداخلية دور فاعل في خدمة المجتمع، فتحرص وزارة الداخلية على التطوير والتحديث باستمرار، واستحداث العديد من الخدمات، خاصة في المواقع الشرطية الخدمية التي يتردد المواطنين عليها، بشكل يتواكب مع توجهات الدولة للتحول الرقمي، سيما في خدمات الأحوال المدنية والجوازات والمرور، فضلا عن ميكنة العديد من الخدمات، وغيرها الكثير من الجهود الساعية للارتقاء بالخدمة والتيسير على المواطنين.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما امتد ليشمل حماية المجتمع في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة، والتحديات التي تخوضها الدولة المصرية في طريقها لبناء الجمهورية الجديدة، فتصدت بكل حسم للمحاولات الاحتكارية وجشع التجار، فضلا عن المبادرات التي تقوم بها وزارة الداخلية، لتوفير المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة، للمساهمة في إحداث توازن في السوق، ومجابهة غلاء الأسعار، برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
فبفضل الله الذي حبا مصر بالكثير من النعم، سيظل جيشها وشرطتها وأبناءها في رباط دائما وأبدا، وسيظل الشعب المصري نسيج واحد مترابط ومتلاحم، وستستمرمسيرة العمل الوطني، لتحقق المزيد من التقدم، وسيظل رجال الشرطة الأوفياء عيونا ساهرة لحماية التراب الوطني النفيث... ونرجو أن نرى مزيدا من الأعمال الدرامية الجديدة التي تجسد، بطولات وتضحيات عظيمة لرجال الشرطة المصرية، تكون على قدر المسؤولية المجتمعية وتعبر عن قدرا حقيقيا لبعضا مما يحدث على أرض الواقع، لتعزيز الوعي لدى الشباب.
حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها وجيشها ، من كل مكروه وسوء، وكل عام والشرطة المصرية بخير وفي تقدم وازدهار.