تلوح الحركة المدنية دومًا بفكرة الانسحاب من الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مشاركته في حفل إفطار الأسرة المصرية رمضان الماضي.
ويبدو أن المهندس مدحت الزاهد، رئيس الحركة المدنية، أصبح يعاني مُجددًا من المراهقة السياسية وهي العرض لداء أصيب به بعض المعارضين السياسيين المحسوبين على الحركة المدنية، وهو الاستعراض والسعي إلى الشو الإعلامي على «حس الوطن».
عزيزي مدحت لم ينسى أحد وجود في جبهة الإنقاذ التي ساهمت بقدر كبير في كشف وفضح ألاعيب جماعة الإخوان الإرهابية وسقوطها إلى الأبد من تاريخ مصر الحديث، ولكن لا يعني ذلك استغلال المواقف المأزومة التي تمر بها البلاد من أزمة اقتصادية صعبة يعاني منها كافة دول العالم؛ لاستعراض القوة السياسية ومباغتة الدولة تارة بالموافقة والترحاب للدعوة للحوار الوطني، وتارة بالتلويح بالرفض والمقاطعة.
عند الحديث عن مصطلحات التوازن والقوى والتأثير في عالم السياسة، يصمت الجميع ليتحدث المواطن، ولا أدري ما الذي يمكن أن يقوله الشعب في حق الحركة المدنية التي ببساطة لم يشعر بها أحد على الإطلاق.
أين الحركة المدنية من تحركاتها ومقترحاتها للحكومة المصرية للمساندة في ذلك الوقت العصيب، أين هي من ندوات التوعية في القرى والنجوع ونحن نخوض المعركة الأكبر -«الوعي»-.
إذا ارتضى النظام السياسي بمبدأ المساومة والابتزاز السياسي، واستغلال الحركة الوطنية فكرة المشاركة في الحوار الوطني من عدمه كورقة ضغط على الحكومة، فالشعب لن يقبل بذلك.
الحزين في الأمر، أنني بتفحص حال الحركة المدنية جيدًا، لم أرى روح الشباب في اجتماعات ومؤتمرات الحركة قط، مجموعة من المسنين يمتلكون أفكار سياسية عفى عليها الزمن ونال الشيب من رأس أصحابها لا تملك أي تواجد شعبي فعلي.
الأدهى من ذلك كله، سعي الحركة المدنية لتأسيس حملة شعبية للدفاع عن قناة السويس، على خلفية اعتزام الحكومة طرح مشروع قانون على البرلمان لإنشاء صندوق استثماري خاص لإعادة استغلال بعض أصول القناة، وذلك رغم إعلان الرئيس السيسي مرارًا الهدف الرئيسي من فكرة إنشاء الصندوق، ونفيه القاطع لعدم المساس بالقناة كممر ملاحي يمس بالأمن القومي على الإطلاق.
لماذا لا يغامر مدحت الزاهد ورفاقه بالمشاركة في الحوار؟ هل خوفًا من كشف الستار عن أفكارهم السياسية المترهلة العتيقة؟ أم لعدم وجود مشروع حقيقي تتبناه الحركة وأحزابها لتقديمه باسم المعارضة خلال جلسات الحوار؟
في النهاية عزيزي مدحت ورفاق عمرك، اتركوا القناة لأهل القناة، فلا أعتقد أن الشعب المصري بأجهزته رفيعة المستوى، سيتنازلون طواعية وبكل بساطة عن مقدرات الأمن القومي المصري، ويهدرون دماء أبناء المحروسة الذكية التي راحت فداء لبناء الممر الملاحي الأهم في تاريخنا الحديث.