المستشار أحمد الليثي: لا نعترض على أداء الضريبة إنما نعترض على ما يخالف القانون في طريقة تحصيلها
خبير قانوني: ما حاجة دولة بظروفنا وأحوالنا الاقتصادية إلى كل تلك النفقات على شركة لا نعلم من مالكها
رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة: لماذا معاملة يتم معاملة الصيدلي كأنه
ضياء الدين داود: افتعال الأزمات مع فئات المجتمع المختلفة أصبح صناعة حكومية بامتياز
خلال الأيام القليلة الماضية شهدت أغلب مؤسسات الدولة سواء "نقابات أو شركات أو محلات أو منشآت تجارية"حالة من الغضب والانتفاض بسبب قرار وزارة المالية بفرض الفاتورة الإلكترونية.
الكلمة التي تصدرت محرك البحث وكافة صفحات السوشيال ميديا، من الكثير الرافض لتطبيق "منظومة الفاتورة الإلكترونية" التي تعد مستند رقمي يثبت معاملات بيع السلع أو الخدمات، له مكونات وخصائص محددة، يتم إعداده والتوقيع عليه إلكترونيًا وإرساله واستلامه بمعرفة الممول من خلال المنظومة ومراجعته والتحقق منه لحظيًا من جانب مصلحة الضرائب المصرية.
الأمر الذي أثار الجدل، وجعل الكثير يطالب برفض التنفيذ ووصل الأمر لسحب الثقة وإقالة وزير المالية، وجاء ذلك بعد انتفاضة آلاف المحامين في كافة محافظات مصر وبدأت تتوالى حالات الرفض من قبل النقابات الأخرى كـ"الأطباء، والصيادلة، والمهندسين، والممثلين" وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، الذين اعتبروا أن تلك المنظومة تعد زيادة في النفقات والأعباء عن كاهلهم، ومن هنا بدأت الاجتماعات والتشاورات بين أعضاء النقابات الفرعية يطالبون النقباء بالدعوة إلى اجتماع طارئ للجمعية العمومية من أجل التشاور في أمر الضريبة الجديدة والفاتورة الإلكترونية.
ومن جانبه قال المستشار أحمد الليثي المحامي: "في بداية الأمر يجب أن نوضح ما نعترض عليه وخاصتاً المحامون وذلك لطبيعة مهنة المحاماة وطريقة ممارستها فنحن المحامون لا نعترض على أداءنا للضريبة إنما نحن نعترض على ما يخالف القانون في طريقة تحصيل الضريبة وتعددها".
وأوضح "الليثي"، "حينما نستفيق من النوم على فرض العديد من الرسوم والقرارات والضرائب المتكررة لسبب واحد وهو ما يخالف صحيح القانون من عدم ازدواج للضريبة فيجب علينا نحن رجال القانون أن نعترض".
وأضاف المحامي: "رغم ذلك نحن لم نعترض على كل هذا وذلك نظراً لما تمر به بلادنا وحتى لا يزايد أحد على وطنيتنا فإذا نظرنا إلى طبيعة رسالتنا كأحد أضلاع العدالة وبصفتنا القضاء الواقف، فسوف نجد أن المحامي بطبيعة عملة يعمل بمختلف المحاكم فهو من يرفع الدعاوى وهو من يحضر مع أو عن الموكلين في كافة درجات التقاضي ومختلف أنواعه وإذا نظرنا إلى كل ذلك من الناحية الضريبية سوف نجد أن كل تلك الأعمال أصبحت تخضع إلى ضريبة القيمة المضافة، والتي تسدد مع بدء العمل في إقامة الدعوى أو اتخاذ أي إجراء وتحصل تلك المبالغ بشكل مباشر لصالح مصلحة الضرائب من خلال وزارة العدل وكل ذلك بمعرفة المحامي".
واستكمل المستشار أحمد الليثي: "فبناء عليه أصبح هناك حصر لكافة الدعاوى والإجراءات وأعمال المحاماة التي يقوم بها كل محامي على حدى بناءًا على تسجيل ما تحصل من ضريبة قيمة مضافة باسم الموكل والمحامي".
وتساءل المحامي:"فالتساؤل الذي نطرحه هنا نحن المحامون ما حاجة دولة مثل دولتنا بظروفها وأحوالها الاقتصادية إلى كل تلك النفقات على شركة لا نعلم من مالكها لتسجل شيء مسجل ومعلوم بالفعل؟ وهل المواطن في حاجة إلى ما يثقل كاهله أكثر من ذلك؟".
وأجاب، وردًا منا على هذا السؤال وبالبحث والتدقيق نجد علامة الاستفهام الأكبر وهو الاتفاق المبرم بين كلاً من مصلحة الضرائب المصرية وشركة تكنولوجيا تشغيل الحلول الضريبية “ e-tax ” والذي تضمن الآتي: "أن تحصل مصلحة الضرائب المصرية نسبة من المبالغ المحصلة من السادة المحامون وغيرهم مقابل الاشتراك والمقدرة بنحو ١٠٪ من إجمالي المبالغ المحصلة على أن تحصل الشركة سالفة الذكر على نسبة ٩٠٪ من إجمالي تلك المبالغ".
واستطرد "الليثي" حديثه قائلا: "فبأي حق وبأي عقل تم هذا الاتفاق المزعم إنه في صالح الدولة على الرغم أن التدليس في ذلك واضح كوضوح الشمس فالنسبة الأكبر والاستفادة الأكبر تصب في صالح مالك الشركة وليس في صالح الوطن وهذا مخالف للسبب الذي من أجله تفرض الضرائب من الأساس فما العائد على المواطن سواء كان محامي أو موكل من فرض كل تلك الرسوم على الاشتراكات، فإجمالي المبالغ المطلوب تحصيلها من المحامين وغيرهم ليست على حساب الضريبة أو تستقطع منها تبلغ ما لا يقل عن ١٠٠٠٠ جنيه سنويًا، وهي قيمة الاشتراك في المنظومة المسماة بالفتورة الإلكترونية والتي تستفاد الدولة بنسبة 10٪ فقط منها، تعيق العمل القضائي والقانوني.
وأضاف: "فإن دخل معظم المحامين متدني حتى إن أكثر من ٩٠٪ منهم يقعون في حد الإعفاء ولا يخضعون لسداد الضرائب أو في حدود ٥٠ أو ٦٠ جنيه بحد أقصى فإذا كان وعاء الضريبة لا يستحق عنه أية مبالغ أو مبالغ زهيدة سنويا بالإضافة إلى قيمة الاشتراك في موقع الضرائب الذي يسدد عنه سنوياً حوالي ٣٢٥ جنيهًا، فكيف يكون مجرد الاشتراك بمنظومة الفاتورة الإليكترونية بمبالغ تزيد عن ١٠٠٠٠ جنيه سنويًا دون أن تكون هناك أعمال يستحق عنها ضريبة بالأساس ليؤدي هذا الالتزام وكيف يكون المحامي معفي من الضريبة الأصلية ولكن ملزم بسداد قسمة الاشتراك لمنظومة حصر لنفس ذات الضريبة التي هو معفي منها".
وأوضح، أما بالنسبة لفاتورة التطوير في حد ذاتها فالمنظومة بالأساس تم تقنينها لتطوير تحصيل الضرائب من الممولين فهل من المنطقي أن يكون ذلك التطوير والخول الرقمي علي حساب الممولين أم يجب على المصلحة أن تتحمل تكلفة هذا التطوير دون تحميل الممولين أية أعباء نظير الاشتراك فيها لتشجيعهم على الالتزام والتعامل مع المصلحة في أداء ما عليهم من ضرائب.
وتساءل، فكيف للحكومة أن تضيف على المحامي عبء رغم أنه لم يكلف الدولة شيء سواء من خلال أداء وظيفته أو من خلال حياته الطبيعية؟، فالمحامي يتحمل كافة متطلبات الحياة ويوفرها لنفسه من خلال دخله الشخصي فإذا نظرنا إلى التأمين الصحي للمحامي فسوف نجد أنه يقع على عاتقه من خلال تأمين نقابة المحامين الصحي والذي يسدد هو اشتراكه، كما أيضا تتحمل النقابة من خلال اشتراكات السادة المحامون كافة المعاشات التي تصرف للمحامين بعد أن يتوقفوا عن عملهم بالمحاماة فما الذي يعود على المحامي بعد كل ما يكون سبباً في دخوله لخزينة الدولة من رسوم وأتعاب وضرائب تحصل من المصدر ومن خلال خزينة وزارة العدل ومحصليها.
وقال "الليثي": "يكفينا أن هناك عدد يتخطى الـ ٦٤ نائباً في مجلس النواب قد استجابوا لوقفات المحامين لرفض تطبيق تلك الفاتورة عليهم وتقدموا سيادتهم بطلبات إحاطة بمجلس النواب تجاه ذلك القرار وضد السيد وزير المالية والسيد رئيس مصلحة الضرائب".
وأنهى المستشار أحمد الليثي قائلا: "ففي نهاية حديثنا سوف نطرح على أصحاب العقول بعض التساؤلات وهي: "كيف لوزارة المالية إصدار قرارات بالمخالفة للقانون بالزدواج الضريبي؟، وكيف تعيق الحكومة العمل القضائي بإضافة أعباء جديدة على المحامي والمواطن رغم أن المحامي لم يكلف الدولة شيء؟، ولصالح من أن تكون نسبة الدولة هي ١٠٪ ونسبة الشكرة المطورة ٩٠٪؟، ومن يملك حق إبرام تلك الاتفاقيات التي بها شبهة إهدار للمال العام واستغلال المحامين والمواطنين من خلال التربح من استغلال المواطنين لحق أصيل لهم وهو حق التقاضي؟، وكيف للمحامي أو الممول المعفى من الضرائب لعدم تخطي الحد الضريبي أن يسجل في منظومة بقيمة اشتراك تتخطى الـ١٠٠٠٠ جنية؟.
والتقط أطراف الحديث الدكتور ثروت حجاج رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، قائلًا إن الفاتورة الإلكترونية لا تصلح مع الصيادلة، لأننا السلعة الوحيدة المسعرة، لأن الصيدلي ملتزم بالسعر مهما كانت الظروف، حتى في ظل الأزمات ولا تتمكن صيدلية البيع بأعلى من السعر المحدد إلا إذا أخطرت بقرار رسمي بالزيادة وتكون محددة في الإقرار، ولا نتمكن من الإضافة "مليم واحد زيادة" بدون هذا القرار.
وأضاف "حجاج": "نحن نتحصل على الدواء من مصدرين أو ثلاثة وهم "شركة الإنتاج أو شركات التوزيع"، وهم تحت رقابة الدولة ومسجلين ومرخصين، إذا الدواء مصدره معروف، وبندفع ما هو مستحق منا وذلك بناء على الاتفاقية مع الضرائب".
وتساءل رئيس لجنة الصيدليات، لماذا معاملة الصيدلي كأنه متهرب وتفرض عليه الفاتورة الإلكترونية؟، وكل أوراقنا سليمه وتتم تحت الرقابة والوضوح للدولة، وكل عام يتم دفع الإقرار الضريبي الثانوي.
وأوضح "حجاج"، أن القرار الجديد بالفاتورة الإلكترونية سوف تسبب الكثير من العوائق، ولاستمرارية عمل الصيدليات "يستحيل تطبيقها العملي"، لأنها تستهلك الكثير من الجهد والتعب المبذول في تدخيل كل فاتورة بـ"الوحدة" وحتى أتمكن من تنفيذ ذلك لا بد من عمل أكثر من 6 محاسبين في الصيدلية وسيستم على أعلى مستوى، فكيف أسجل علبة أقراص في الفاتورة ببعها بالحبة؟.
وأضاف، أن كل المشتريات الضرائب على علم بها، وأحاسب عليهم قبل البيع وغير محسوب الأدوية منتهية الصلاحية.
واستكمل:"قرار الفاتورة الإلكترونية هتتسبب في غلق الصيدليات، وزيادة البطالة".
وأكد "حجاج" أن كافة النقابات الفرعية للصيادلة أعلنت رفضها لهذا القرار، الذي جاء في ظل أزمة اقتصادية كبيرة.
وقال الدكتور عصام عبد الحميد القائم بأعمال نقيب الصيادلة، لماذا نطالب بفاتورة إلكترونية ونحن نحاسب على كل ما يدخل الصيدلية حسب اتفاقية الضرائب، قبل رصها على رف الصيدلية.
وأضاف "عبد الحميد"، لتنفيذ العمل بالفاتورة الإلكترونية لابد من سيستم وإنترنت قوي، ومحاسبين متفرغين لهذا الشأن، ونحن لدينا الكثير من القرى التي تمتلك بنية تحتية شبه مدمرة، وحياة كريمة مازالت في بدايتها في البلاد، وهذا الأمر يسبب كارثة حقيقة للصيدلي.
وأوضح القائم بأعمال نقيب الصيادلة، أن من أصدر هذا القرار ليس على دراية بالعمل على أرض الواقع، وغير مدرك طبيعة كل مهنة.
وأضاف:"الصيدلة ممسوكة بحزم، ولا تحتاج فرض تلك القرارات، ويجب مراعاة الوضع الاقتصادي للمواطنين لأنه "أنيل من الوضع الاقتصادي للدولة".
وأكد "عبد الحميد" على استحالة العمل بالفاتورة الإلكترونية في ظل هذه البنية التحتية التي تحتاج الكثير والكثير لتطويرها، وأرى أنه سوف يتم إلغاء القرار.
واستكمل، أن لجنة الحراسة بنقابة الصيادلة جلست مع وزارة المالية لتوصيل اعتراضهم، ويوصلون وجهة نظرهم "أن الأمر لا يأخذ بالدراع"، وأن الجميع يريد أن بلدنا تقف على قدميها، ويجب وضع قرارات من مسؤولين على فهم كبير لآلية تنفيذها.
وفي نفس السياق، تقدم نقيب الأطباء حسن خيري قبل أيام بطلب لعقد لقاء مع وزير المالية ومصلحة الضرائب لمناقشة القضية، مشيرا إلى أن مجلس النقابة العامة للأطباء أصدر عدة قرارات بالطعن على قرار وزارة المالية بتطبيق الفاتورة الإلكترونية على الأطباء.
وعلى الصعيد الفني، أعرب نقيب الفنانين أشرف زكي عن صدمته من القرار، وقال في تصريحات تلفزيونية: "نحن لا نعرف شيئا عن الفاتورة الإلكترونية، وهي ليست قرارات منزلة من السماء، نحن نحترم منظومة الضرائب في مصر ولكن لا يصح أن نتفاجأ بقرار لا نعرف عنه أي شيء".
افتعال الأزمات
ولأن قرار الفاتورة الإلكترونية أمر أثار الجدل في العديد من النقابات وأصحاب المهن الحرة، أغضب أيضا الكثير من أعضاء مجلس النواب الذين قدموا طلبات إحاطة يطالبون الدكتور محمد معيط وزير المالية، بمراجعة تعليمات مصلحة الضرائب المتعلقة بإلزم أصحاب المهن الحرة بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية.
ومن بينهم النائب ضياء الدين داود، الذي تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب المصري بشأن عدم مشروعية إخضاع رسالة المحاماة للفاتورة الإلكترونية عملا بأحكام المادة (134) من الدستور، والمادة (212) من اللائحة الداخلية للمجلس.
وقال "داود" إن "افتعال الأزمات مع فئات المجتمع المختلفة أصبح صناعة حكومية بامتياز، وكان آخرها هو محاولة إخضاع رسالة المحاماة لنظام الفاتورة الإلكترونية على غير سند من دستور أو قانون سوى الهوى والغرض فقط".