اخْتُتِمت بالعاصمة العراقية بغداد فعاليات منتدى الحضارات العريقة فى نُسختهِ السادسة، بمشاركةِ وفد مصرى برئاسة الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة.
وقالت الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة: حرصنا خلال مشاركتنا فى المنتدى على التأكيد بأن حماية الممتلكات الثقافية من ظاهرة الاتجار غير المشروع على رأس الموضوعات التى تُقدر مصر ضرورة تكثيف التعاون بشأنها على الصعيد الدُولى".
مشيرة إلى أن المُمتلكات الثقافية ليست مجرد شهادة فحسب على ما حققته الحضارات القديمة، ولكنها تُعد انعكاسًا لتاريخِ مجتمعاتنا العريقة وذاكرتها وماضيها الذى يصعب فى غيابه فهم الحاضر وتُشكل جزءًا أصيلًا من هويتنا الثقافية والوطنية، كما أن ملكية الشعوب لتراثها، تُمثل حقًا من حقوق الإنسان الذى يجب العمل على احترامه عبر إعادة هذه الممتلكات إلى بلدانها الأصلية.
وتابعت وزيرة الثقافة: "لقد بلغت ظاهرة الاتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية حدًا مقلقًا للغاية خلال السنوات الماضية نتيجة لحالة الإفلات من العقاب التى يتمتع بها بعض التجار ببعض الأسواق عالميًا وبسبب تعرض العديد من المواقع التراثية للسرقة والنهب والحفائر غير القانونية".
مؤكدة أن الانعكاسات السلبية لاستمرار هذه الظاهرة، لا تقتصر على دول منتدى الحضارات العريقة فحسب، بل تمتد إلى العالم أجمع، بما فى ذلك الدول التى تشهد عمليات بيع علنى لتراثنا المسروق، وفى ضوء ما تُمثله من تهديد مباشر للأمن والسلم الدُوليين، حيث أقر المجتمع الدُولى منذ عدة سنوات بالعلاقة الوطيدة بين العوائد المالية لهذه الظاهرة الإجرامية من ناحية، وتمويل الجماعات الإرهابية من ناحية أخرى.
وأوصت مصر، من خلال مشاركتها بالمنتدى، بضرورة الاتفاق على تنسيق المواقف فى المحافل الدولية التى تُناقش قضيتى ظاهرة الإتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية واستعادتها.
كما أوصت بأهمية النظر بشأن إمكانية صياغة إعلان مستقل حول هذا الموضوع يصدر فى إحدى الاجتماعات المقبلة لتسليط الضوء على الأهمية التى توليها دول الحضارات القديمة، لاستعادة تراثها، وأيضًا التزامها بدعم الدول الأخرى فى هذه المطالب فضلًا عن أهمية استحداث منصة لتبادل الخبرات القانونية، والمعلومات حول عمليات الاسترداد.
وأعلنت الدكتورة نيفين الكيلانى تبنى مصر لإعلان "بغداد" الصادر عن النُسخة السادسة لمنتدى الحضارات العريقة بمشاركة الدول الأعضاء، وهى : أرمينيا، بوليفيا، الصين، مصر، اليونان، العراق، إيران، إيطاليا، المكسيك، بيرو، وبمشاركة المنظمات الدُولية والإقليمية ومنها، اليونسكو، الإنتربول، الإليكسو، الإيسيسكو.
وأشادت بجهود جمهورية العراق، فى استضافة ورعاية المنتدى. مؤكدة أن إعلان "بغداد" قد تضمن التأكيد على دعم حكومة العراق وشعبها وخاصة الجهود المبذولة لإعادة ترميم المواقع الأثرية التى تم تدميرها من قِبل المجموعات الإرهابية.
وأكد إعلان "بغداد" ضرورة القيام باتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف، وكذا الالتزام بالتشريعات الداخلية التى تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافى والقضاء على الانتقال غير الشرعى للممتلكات الثقافية والانتقال غير الشرعى الذى ينتج من عمليات الحفر والتنقيب عن الممتلكات الثقافية بطرق غير شرعية وأهمية تفعيل آليات صون المواقع الأثرية والمتاحف والمكتبات والأرشيف وغيرها.
وأكدت الدُول الأعضاء المُشاركة فى منتدى الحضارات العريقة خلال إعلان "بغداد" أن الحوار الثقافى والحضارى هو حجر الأساس فى تحقيق السلام العالمى والتنمية المستدامة فى العالم الحديث لاسيما فى ظل الصراعات المتزايدة، وأشار الإعلان إلى ضرورة الحفاظ على التراث الثقافى المادى، والذى تم تحديده من قِبل ميثاق منظمة اليونسكو عام 2003 لصون التراث الثقافى المادى والمعرفة والممارسات التقليدية، وذلك فى ضوء دور المجتمعات المحلية فى خلق تراث ثقافى مادى والحفاظ عليه، بالإضافة إلى مواجهة خطورة تغيرات المُناخ والاعتراف بأن التقلبات والتغيرات التاريخية قد حرمت كثير من الشعوب من حقهم فى التراث الثقافى والذى تتجسد فيه هويتهم.
كما طالب إعلان "بغداد" بتبنى الإجراءات اللازمة لحماية وصون التراث الثقافى والطبيعى من العوامل السلبية الناتجة عن تغير المُناخ، وفقدان التنوع، والكوارث الطبيعية، والأوبئة، والتحضر غير المُتحكم به، وبذل مزيد من الاهتمام بشأن تدمير الممتلكات الثقافية والاستيلاء عليها ونهبها فيما يتعلق بالمواقع الدينية، ومحاولات إنكار الجذور التاريخية، والتنوع الثقافى، خاصة أثناء أوقات النزاع المُسلح، والهجمات الإرهابية، والتأكيد على تسريع التعاون السياسى فى هذا الشأن.
ولفت إعلان "بغداد"، إلى الترابط بين الجريمة الدُولية العابرة للحدود، والمُتعلقة بالانتقال غير الشرعى للممتلكات الثقافية، بتمويل من الإرهاب، مؤكدًا أهمية تعزيز التعاون الدُولى، لدعم وتفعيل كافة المعاهدات، والاتفاقيات، التى من شأنها حماية الممتلكات الثقافية من السرقة بطرق غير شرعية.
وأشار الإعلان إلى الدور الفعال والمُهم "للإنتربول"، فى سياق مكافحة ومنع التهريب والانتقال غير الشرعى للممتلكات الثقافية، والجهود المبذولة فى مجال التعاون، والربط بين المُنظمات الأخرى، ومؤسسات الأمم المتحدة، وكذا، الدُول ذات الصلة، المُهتمة بالتراث الثقافى، مؤكدًا على إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلدانها الأصلية، والتركيز على أهمية المبادرات التى تهدف إلى تعزيز الحوار الثقافى، بين الحضارات والثقافات، وخاصة تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة .
كما أثنى إعلان "بغداد" على أهمية الدور المركزى لليونسكو، فى صون التراث الثقافى، وتعزيز دور الثقافة، كأداة للتقريب بين الشعوب، وتسريع الحوار بينها، بالإضافة إلى ضرورة عملية تحديث الُمستند السياسى الخاص بالإجراءات المُناخية من أجل تراث العالم.
وخِتامًا، فقد طالب إعلان "بغداد" بتعزيز البحث العلمى، والتعاون الأكاديمى، وتشجيع عملية التحول الرقمى فى مجتمعاتنا، خاصة فى القطاع الثقافى، وفى ذات الوقت، مُخاطبة التحديات المُتعلقة بهذا الشأن، وذلك للانتفاع بشكل أكبر بمساهمة التكنولوجيا فى الحفاظ على التراث الثقافى، وفى ذات الوقت تنمية وتطوير الصناعات الثقافية والإبداعية.