حقوق الإنسان والإحتواء المجتمعي بأروقة العدالة

الجمعة 18 نوفمبر 2022 | 05:23 مساءً
زهران جلال
زهران جلال
كتب : زهران جلال

وضع الرئيس عبد الفتاح السيسى على عاتقه تصحيح المفاهيم المغلوطة في كافة الملفات في المجتمع الأقليمي والدولي وكان أول من ترجم الإستخدام الصحيح لحقوق الإنسان بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، حيث أكد فى مناسبات عدة أن المفهوم الحقوقى لا يقتصر على جانبه السياسى، وإنما يمتد إلى ما هو أبعد وأعمق، عبر توفير الحق فى الحياة، باعتباره أول الحقوق، بالإضافة إلى الحق في الأمن، وحماية الدول من الفوضى،وتحقيق الإجتماعية وتحسين الأوضاع الاقتصادية للفرد والمجتمع ، وانتشال الفقراء من العشوائيات بالإضافة إلى تعزيز الحق فى التعليم والصحة، وأكد مرارا وتكرارا في كافة المحافل الدولية والمحلية بأن كافة الحقوق سالفة الذكر تمثل الجوهر الحقيقى لحقوق الإنسان .

كما ربط فلاسفة القانون الطبيعي علي اختلاف العصور بين مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ القانون الطبيعي، فهم يسلمون بوجود قانون طبيعي ينبع من طبيعة الإنسان يسبق الجماعة ويسمو علي الدولة ، فالطبيعة خلقت كل الأفراد متساوين ولم تفرق بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو الدين علي عكس ما ذهب إليه أرسطو بين السادة والعبيد ، وإذا كان إحساس الأفراد بالضعف أمام الطبيعة قد ولد فيهم غريزة الحياة الجماعية ، فإنهم لم ينزلوا عن بعض حقوقهم إلا رغبة منهم في صيانة حقوقهم الطبيعية ومن ثم لزم أن يهدف النظام الجماعي والقانون الصادر عنه المنظم إلي التسليم بهذه الحقوق وتنظيم الحصول عليها بما ليس فيه إعتداء عليها أو هدر لها ، وكذلك لزم أن يقوم النظام الدستوري علي أساس تحقيق الحقوق كلها ورصد كافة الضمانات المنظمه لكفالته.

ولذا شرع القانون علي تحقيق ذلك في العديد من القوانين المنظمة في الحياة عامة، وتمارس اي إدارة أو مصلحة أو هيئة أو مؤسسة مجموعة من الأنشطة المتنوعة والمتفاعلة مع بعضها البعض، والتي تحقق في النهاية الهدف المنشود لها وهي تقديم الخدمة للمتعاملين والرضا العام للعاملين بها ، ولتحقيق ذلك يتم بمشاركة مجموعة من العناصر البشرية المتعاونة في أداء العمل والمنظمة في علاقاتها، والموجهة بجهودها نحو الوصول للنتائج الجيدة، بمعنى أن الإدارة لكي تمارس أنشطتها يلزمها مجموعة من الموارد المادية والمعنوية والبشرية، فالأولى تتمثل في الأموال والأجهزة والأدوات وغيرها، وثانيا تتمثل في الأفكار والطرق والأساليب والمعلومات، والثالثة ممثلة في الموارد البشرية وتتمثل في العامل البشري الذي عن طريق استغلاله الإستغلال الأمثل تحقق الإدارة أقصى فائدة ممكنة من بقية الموارد المستخدمة وبناءا على ما سبق فقد هدف التحول الرقمي في أروقة وزارة العدل الي تحقيقه من خلال الأدوات الثلاث ، والذي تم بالفعل في تحقيق وتوفير الأفكار والطرق ، وتوفير الأموال والأجهزة والأدوات وحل المشاكل والأزمات المالية والإدارية التي تواجه العنصر البشري والذي كان حائلا لتحقيق الهدف المنشود والنتائج التي تبتغيها وزارة العدل بعد الجهود المبذولة من القاضي عمر مروان وزير العدل ومساعده القاضي الدكتور أشرف حجازي مساعد وزير العدل لقطاع الشهر العقاري والتوثيق وتنسيق دائم مع رئيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الدكتور جمال يقوت .

فلا أحد ينكر أن وزارة العدل حققت طفرة كبيرة في توفير الأدوات المتمثلة في كافة المناحي بأهم قطاع واعرق كيان الا وهو الشهر العقاري وتمثل في انجازات عدة من إفتتاح فروع توثيق ، ومكاتب شهر عقاري ثابتة ومتنقلة وإحداث طفرة تكنولوجيه وتطبيق قانون رقم ٩ لسنة ٢٠٢٢ الخاص بتسجيل الملكية العقارية التي لا تتعدي ٧٪ .

ولا شك أن هناك مشاكل كان محال حلهاترتبط بحقوق العنصر البشري للعاملين بهذا القطاع العريق بسبب تجاهلها من بعض المسئولين وعدم إيصال المعلومة الحقيقية بجانب تراكمات سنوات تسببت في تعقيد الأمور وصار هناك معاناة شديدة تزيد يوما بعد يوم ماليا ومعنويا بالمقارنة بقطاعات أخري .

مبدأ المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص حجر الأساس في العدالة ، ويعد بحق الفريضة الغائبة في بعض القرارات بأروقة العدالة . تتعدد أنماطه وذرائعه ، فعند النظر في عدالة هذه القرارات سواء كانت إدارية أو مالية أو تنظيمية، في عدد من القطاعات والهيئات والجهات ، تظهر لنا هذه المفارقات الكبيرة، وتبدأ أشكال التمييز النمطية.

ومن ثم فإن قراءة أي متابع تجعلك تري أن هناك قرارات وتعليمات تنفذ بكل سهولة ويسر ماليا أو إداريا أو تنظيميا لصالح الغير وخاصة النسئولين الكبار ، وأخري تدخل في مراحل الخطط واللجان ومبررات ثم يتم تجاهلها الي حين ميسرة وقد تصل في بعض الأحيان الي التنكيل والتهديد والوعيد !!

وبالرغم أن الجمهورية الجديدة تضع امامها تحقيق الإستدامة الإجتماعية و إقامة مجتمعات شاملة تحتوي الجميع قادرة على الصمود يسمع فيها صوت العامل ويستجيب المسئول

وتتمثل لبنات بناء الإستدامة الإجتماعية في مجتمعات شاملة تحتوي الجميع وعادلة وصامدة يسمع فيها صوت العامل والناصح الأمين وتصغي له الآذان وتستجيب لإحتياجاته، وتدعم مثل هذه المجتمعات النمو والحد من الحاجة لسد متطلبات الحياة الأساسية وليس الترفيهيه اليوم ومستقبلا بعد إحالته للمعاش وتعمل الإستدامة الإجتماعية جنبا إلى جنب مع الاستدامة الاقتصادية والمجتمعية وتحقيق العدالة وحقوق الإنسان . ففي الماضي كان التركيز ينصب على الاستجابة لكبار المسؤولين والوزراء ولا مكان للبسطاء ، ومع زيادة المخاوف بشأن تغير المناخ وتحقيق الرضا الوظيفي والمجتمعي وفقدان التنوع البيولوجي ، و تزايد الوعي بالتحديات المتعلقة بالهشاشة، والتفاوت المستمر والتمييز العنصري، فقد فرض الإحتواء الإجتماعي نفسه بإعتباره عنصرا أساسيا تعمل عليه الجمهورية الجديدة تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتساعد الإستدامة الإجتماعية وتحقيق حقوق الإنسان الإحتواء للفئات المهمشة والأكثر احتياجا على التغلب على العقبات التي تواجههم ليل نهار في ظل الظروف المعيشية الصعبة وتدني المرتبات. وتدعم المواطنين في مساعيهم لرسم مستقبلهم بإقامة مجتمعات أكثر شمولا واحتواءا ، وزيادة تمكين العنصر البشري ، ودعم العمل المكلف به ليكون أكثر صمودا وسلاما ،و إتاحة الفرص للجميع ، والتصدي للفوارق الممنهجة المتجذرة بالتمييز الدائم والفوارق المالية الكبيرة بين أبناء المنظومة وإقصاء الفئات الأشد احتياجا والإستحواذ الذي يكون تكلفة فاتورته باهظة تؤثر تأثيرا سلبيا علي المجتمع عامة.

واخيرا وليس آخرا حتى تستقيم الأوضاع لابد من وضع حلول واضحة وثابته ماليا وإداريا لكل جهة أو قطاع يتبع أروقة العدالة المختلفة حتى يتحقق الإستقرار النفسي بين المجموع ولا يتمايزون جماعة عن غيرهم مما يؤدى لخلل ولا نريد أن نقول أن ما وصل إليه البعض الآن إحساسهم بوجوده، ولا نتمني أن تتسع الفجوة ليملأها الحقد والضغينة والحسد، والإحساس بالظلم البين مما يفقد الثقة للجميع .

ونضئ طريقنا بمفاهيم الفاروق عمر بن الخطاب في كتابه لأبي موسي الأشعري الذي ولاه قضاء الكوفة إنَّ صحَّة الفهم والفقه في القضية من أهمِّ ما يُساعد على القضاء العادل، ولا يكفي أن ينطق القاضي بالحكم العادل، بل عليه أن يُنفِّذه، وذلك بإعلان الحكم والإلزام به، ثُمَّ أخذ الحقِّ لصاحبه إذا رفض المدَّعى عليه تسليمه، والمساواة بين الجميع على حد سواء، فإذا اختلَّ أحدها تسرَّب الطمع إلى القوى بحيف القاضي، واليأس إلى الضعيف من العدل" وأخيرا وليس آخرا اختم بنصيحة عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه: "لا ينبغى للرجل أن يكون قاضياً حتى تكون فيه خمس خصال؛ من أراد أن يَصحبَنا فلْيَصحبْنا بِخمسٍ، يُوصل إلينا حاجة مَن لا تصل إلينا حاجته، ويدلّنا على العدل إلى مالا نَهتدى إليه، ويكون عوناً لنا على الحق، ويؤدى الأمانة إلينا وإلى الناس، ولا يغتاب عندنا أحد".

ثم قال: "ومَن لم يفعلْ فهو فى حرجٍ من صُحبتنا والدخول علينا، إنى لست بخيركم، ولكنى رجل منكم غير أنّ الله جعلنى أثقَلكم حِملاً.