أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء خلال كلمته بالمؤتمر الاقتصادي مصر - 2022، بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتمام الدولة بملف تسوية المنازعات، والجهود المبذولة فى هذا الصدد، ومن ذلك تفعيل اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، واقامة وحدة بمجلس الوزراء، للتعامل مع مشاكل المستثمرين، إلى جانب التوسع فى اقامة مراكز خدمات المستثمرين ، وتدشين خريطة الفرص الاستثمارية، مؤكداً أن هذه الجهود مجتمعة، تستهدف الدولة من خلالها تحسين بيئة الاستثمار، موضحاً أن امامنا شوطا طويلا فى هذا الصدد.
وأشار رئيس الوزراء إلى ما صدر سابقا عن البنك الدولي، من أن مصر تُعد من بين أعلى دول المنطقة فيما يتعلق بزمن الحصول على التراخيص، بمعدل يصل إلى 173 يوما، لافتاً فى هذا الصدد إلى ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات، بحيث لا يتجاوز زمن الحصول على الرخصة 20 يوم عمل، هذا إلى جانب تفعيل الرخصة الذهبية، وكذا ميكنة إجراءات الإقرارات الضريبية، ومنظومة التقاضي عن بعد، فضلا عن تطوير المحاكم الاقتصادية، قائلاً:" اتخذنا العديد من الخطوات فى هذا الملف".
وفيما يتعلق بمنظومة إدارة الأراضي، وخاصة المتاحة لقطاع الصناعة، منها والمشكلات المتعلقة بتسعير تلك الأراضي واتاحتها، أوضح رئيس الوزراء أنه تم إعداد حصر لما تم تخصيصه من أراض صناعية، حيث وصل إجمالي ما تم تخصيصه إلى 30 مليون م2، بعضها بدون مقابل فى مختلف محافظات الجمهورية، وخاصة مناطق الصعيد، لافتا إلى أن الحصر أوضح أن الأراضى التى تم تنميتها حقيقة وصلت إلى 3 مليون م2 فقط، أى ما يعادل 10% فقط.
ولفت رئيس الوزراء إلى ما تم طرحه من شكاوي ومشكلات، خلال اللقاءات التى عقدت مع العديد من رجال الاعمال والمستثمرين، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فى هذا الصدد، حيث تضمنت تلك الشكاوى عدم وجود مرافق بالأراضي المخصصة للصناعة، وما يتعلق بأسلوب طرحها على الراغبين فى الحصول عليها، وكذا ما يتعلق بتسعيرها، مشيرا إلى ما تم اتخاذه من قرارات بشأن الحصول على هذه الأراضي، سواء بالتملك أو عن طريق حق الانتفاع، إلى جانب تولي هيئة التنمية الصناعية بالنيابة عن المستثمر اصدار مختلف التراخيص الخاصة بالتشغيل، فضلا عن أهمية وجود تخصيص فورى، لتنفيذ توسعات للمصانع القائمة، أو اقامة مشروعات استراتيجية جديدة، وخاصة المتعلقة بالمشروعات الخضراء، كمشروعات الهيدروجين الاخضر، منوها إلى ما تم وضعه من آلية متكاملة للتخصيص الفوري للاراضى المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المشروعات.
وأشار رئيس الوزراء إلى القرار الصادر بشأن تسعير مختلف الاراضي الصناعية على مستوى الجمهورية، لافتا كذلك إلى حزم الحوافز التى تم اطلاقها خلال الفترة الماضية تشجيعاً لقطاع الاستثمار، وخاصة ما يتعلق بتفعيل قانون حوافز الاستثمار ، والحوافز الخضراء، وصناعة السيارات والاستراتيجية الخاصة بها، فضلا عن الحوافز الاضافية غير الضريبية، وكذا حوافز الاستثمار فى القطاع الصحي ، لتنظيم قواعد الاستحواذ والاندماج، إلى جانب إعفاء 19 قطاع صناعيا من الضريبة العقارية، وأن الدولة ستتحمل هذه الضريبة لمدة ثلاث سنوات.
وفيما يتعلق بتعزيز المنافسة، أوضح رئيس الوزراء أن هناك شكاوى بانعدام المنافسة الحيادية ومزاحمة القطاع الخاص في عدد من القطاعات، لذا، يطالب القطاع الخاص برؤية واضحة من الدولة إزاء دورها في الاقتصاد؛ لذلك أعدت الدولة وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تؤسس لموضوعات "ما هو دور الدولة وتواجدها في الفترة القادمة، وتعظيم الحياد التنافسي".
وأشار مدبولي أيضا إلى أن الحكومة جعلت الإشراف المباشر لجهاز حماية المنافسة؛ لرئيس الوزراء، لضمان عملية الحياد التنافسي، وهذا ما تتضمنه وثيقة سياسة الملكية التي من المقرر أن تُناقش غدا في أولى جلسات المؤتمر.
وأوضح رئيس الوزراء أيضًا أن الدولة حرصت ايضًا على تطوير البنية الأساسية والمناطق الحرة والمناطق الصناعية؛ لتتيح كل ذلك للقطاع الخاص، كما سلكت الدولة مسلكًا صعبا ولكنه مهم للغاية، وهو بناء وإنشاء 17 مجمعًا صناعيًا و5 آلاف مصنع، بحيث يتسنى للمستثمر الصغير الحصول على المصنع مباشرة، وكذا رخصة التشغيل بدون الإجراءات البيروقراطية. ونتيجة لذلك قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الدولة ركزت في الفترة السابقة على العديد من الإصلاحات لتحسين تلك الظروف.
وأكد رئيس الوزراء أنه في أخر سنة، طبقًا للبنك المركزي، عاد الاستثمار الخارجي المباشر، لأول مرة، إلى أرقام كبيرة اقتربت من 9 مليارات دولار. لكن بالرغم من ذلك هناك مشكلة في التواصل مع مجتمع رجال الأعمال، فرغم تلك الإجراءات والإعلان عنها، أوضح مدبولي أنه من خلال استطلاع رأي تم إجراؤه مع 2500 منشأة صناعية خلال اليومين السابقين على المؤتمر، اتضح أن أغلب هذه المنشآت ليست على علم بكل هذه الإجراءات التي اتخذتها الدولة، وبالتالي أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى الحاجة إلى آلية لزيادة التواصل مع هؤلاء، والاطلاع على الإجراءات، ويمكن من خلال الجلسات الحوارية الاتفاق على منظومة يطلع منها المستثمر والمصنعين على كل الإجراءات التي تتخذها الدولة.
وطرح مدبولي تساؤلا يدور حول : "إحنا رايحين على فين؟".
وفي ضوء ذلك أوضح رئيس الوزراء أنه في السنوات العشر الأخيرة مرت مصر ب 5 أزمات اقتصادية طاحنة، لكن رغم ذلك اصلحت مصر فى مركز قوي على نحو استثنائي، مكَّنها في فترة كورونا من مقاومة الأزمة والنجاح في الخروج منها ولكن بتكلفة كبيرة. كما حققت الدولة نسب نمو موجبة مقارنة بالدول المثيلة لها، ففي النصف الأول من 2021/2022 حققت مصر نسبة نمو 9% لأول مرة في تاريخها.
لكن أوضح مدبولي أن الأزمة الروسية الأوكرانية جاءت وسببت ضغوطًا كبيرة جدًا على العالم وبالتالي مصر، حيث شهد العالم أعلى معدلات للتضخم، وتشديدات السياسة النقدية، وارتفاع أسعار الفائدة، وهروب رؤوس الأموال، وتفاقم معدلات المديونية على مستوى العالم، وبالتالي كانت مصر حريصة على رصد ما يكتب عنها في الصحف والمؤسسات الدولية، وبالفعل تم رصد 1424 تقريرا ومقالا عن مصر.
وأشار مدبولي إلى أنه تم إجراء استطلاع رأي مع 1600 منشأة من مجتمع الأعمال، أكدوا أن أهم مشاكلهم تتمثل في (معوقات التصدير والاستيراد، تيسير الإجراءات، زيادة فرص التصدير، زيادة الإنتاج المحلي، إعادة فتح المصانع).
وأوضح رئيس الوزراء أننا يمكن أن نلخص أزمتنا الاقتصادية في مصر في مجموعتين من التحديات هما: تحديات فرضتها الأزمة: ومنها السيولة النقدية الأجنبية، والتضخم، وارتفاع الأسعار، وزيادة الدين الخارجي، ونقص مستلزمات الإنتاج. ويُتطلب التركيز على تلك التحديات حتى يتسنى الخروج من الأزمة على المدى القصير. وتحديات هيكلية مزمنة: بعضها يرجع لعام 1982، وتتمثل في: ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، وانخفاض مشاركة القطاع الصناعي رغم التقدم الكبير وزيادة التصدير، والدين الخارجي، واستمرار عجز الميزان التجاري، وتضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبي بالمقارنة بالناتج، وتذبذب مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي. وستخصص جلسات خلال المؤتمر لكل تحد من تلك التحديات.
وأضاف رئيس الوزراء أن هدف الدولة من خلال الجلسات أن يعرض كل مسؤول رؤيته مع ترك المجال الأكبر لكل الخبراء السياسيين والاقتصاديين؛ للمساعدة في التوافُق على خارطة طريق واضحة لجميع تلك المشكلات.
وأكد مدبولي أن الدولة لديها مستهدفات تتمثل في: زيادة الصادرات لكي تصل إلى 100 مليار دولار، وزيادة إيرادات السياحة لتصل إلى 30 مليار دولار، فضلا عن برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي الذي نضع اللمسات الأخيرة له، ووضع آليات متنوعة لتعظيم مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتوفير حزمة من الحماية الاجتماعية لكي تستمر الدولة في حماية المتأثرين بأي أعباء اقتصادية وستتم مناقشة ذلك في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى سبل التغلب على الأزمات، والمستهدفات الخاصة بالتوسع في تمويل المشروعات القومية، من خلال آلية الشراكة مع القطاع الخاص، موضحا أن الدولة يقينها الآن أننا قمنا بالبنية الأساسية اللازمة، وبالرغم من أن هناك مشروعات قومية على الطريق ونحتاجها، فإننا نطرح من خلال هذا المؤتمر وهذه المنصة الفرصة للقطاع الخاص أن يشارك بقوة في المشروعات، وهذا ما سيتم مناقشته من خلال العديد من جلسات المؤتمر، كما سيكون هناك جلسة خاصة بتطوير البورصة والأسواق المالية، وتعميق الصناعة وتوفير مستلزمات الإنتاج، والعمل على الغاء الاعتمادات المستندية خلال الفترة القصيرة المقبلة كما وجه الرئيس، وكيف نمكن القطاع الخاص أكثر، والعديد من الإجراءات التي ستناقشها الدولة المصرية بقوة خلال المؤتمر.
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلاً: "لدينا رؤيتنا، وهدفنا من هذا المؤتمر ليس الجدال حول الماضي، ولكن الاستماع والتوافق سوياً على خارطة طريق واضحة للمستقبل، نبدأ في تنفيذها خلال الفترة القادمة، فيما يخص أهم قطاعات الاقتصاد المصري، وتترجم إلى خطط تنفيذية تسهم في استمرار واستقرار دولتنا، لتتبوأ المكانة التي تستحقها بين الدول المتقدمة".